المغرب العربي

رفض حزب موالٍ لـ«داعش» في جنوب أفريقيا يثير تساؤلات حول المعايير الأمنية


جنوب أفريقيا ترفض تسجيل حزب مرتبط بداعش وتسلّط الضوء على ثغرات أمنية وقضائية

وجّهت لجنة الانتخابات في جنوب أفريقيا ضربة قوية لأذرع تنظيم “داعش“، بعدما رفضت طلب تسجيل حزب “الدولة الإسلامية في أفريقيا”، الذي يقوده فرهاد هوومر، المصنف على قائمة الإرهاب الأمريكية.

وذكرت اللجنة في بيان صدر بتاريخ 12 يوليو/تموز أن الحزب لم يستوفِ الحد الأدنى من التوقيعات المطلوبة من الناخبين المسجلين، كما تجاهل الإجراءات القانونية الخاصة بتأسيس الأحزاب، مكتفيًا بنشر إعلان في صحيفة محلية بديربان.

بالإضافة إلى ذلك، أشارت اللجنة إلى أن التزام الحزب بتطبيق الشريعة الإسلامية شكّل أحد أسباب الرفض، خاصة في ظل كون المسلمين يشكلون أقل من 2% من السكان في جنوب أفريقيا.

وبحسب مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية، يمتلك الحزب مهلة 30 يومًا للطعن في قرار اللجنة، في وقت تستمر فيه النقاشات حول التوازن بين حرية التنظيم السياسي ومتطلبات الأمن الوطني.

في هذا السياق، صرّح هوومر، المعروف بعدائه للديمقراطية والرأسمالية، في مناسبات سابقة، بأن هدفه يتمثل في “إعادة تطبيق الشريعة كقانون للدولة”. وقد أثارت تصريحاته مخاوف برلمانية، حيث تقدّم أحد النواب بشكوى رسمية ضد الحزب، مشيرًا إلى أن تسميته تعكس ارتباطًا واضحًا بتنظيم داعش. ومع ذلك، لم تشر اللجنة إلى صلة مباشرة بين هوومر والتنظيم في قرارها الرسمي.

ورغم إدراج الولايات المتحدة لهوومر على قائمة العقوبات عام 2022 إلى جانب عدد من شركائه وشركاته، فإن ذلك لم يُعتبر كافيًا قانونيًا لاستبعاده من الساحة السياسية، ما دفع اللجنة إلى الاعتماد على أسباب إجرائية بحتة.

من جهة أخرى، تسلّط الأحداث الأخيرة الضوء على مسار هوومر المثير للجدل. فقد ألقت الشرطة القبض عليه عام 2018 عقب هجوم دموي على مسجد شيعي في ديربان، أدى إلى مقتل الإمام وإصابة عدد من المصلين، كما عثرت السلطات على عبوات ناسفة داخل المكتبة.

وخلال مداهمة نفذتها الشرطة في أحد ممتلكاته، اكتشف المحققون وجود رجل تنزاني محتجز كرهينة، إضافة إلى أعلام وأدبيات تنظيم داعش، ودليل لصناعة المتفجرات.

ورغم خطورة هذه الأدلة، أسقطت المحكمة التهم في عام 2020 بسبب عجز السلطات عن تحليل البيانات الرقمية التي تمت مصادرتها من أجهزة الحاسوب والهواتف، نتيجة ضعف الإمكانات التقنية، إذ لا يضم جهاز الشرطة سوى خبير واحد لتحليل هذا النوع من البيانات.

وفي سياق موازٍ، تعمّقت أزمة الثقة في المؤسسات الأمنية بعد إقالة وزير الشرطة، الذي وُجّهت له اتهامات بالتواطؤ مع شبكات إجرامية. كما تواجه الوزيرة الجديدة اتهامات سابقة تتعلق بالرشوة والفساد.

عاد هوومر إلى الواجهة في 2021 بعدما اعتقلته الشرطة مجددًا بتهمة حيازة أسلحة وذخيرة تتجاوز 5 آلاف طلقة، مدّعيًا أنها مخصصة للصيد. ومع ذلك، سقطت القضية مرة أخرى، بسبب ما وُصف بـ”أخطاء إجرائية” شابت جمع الأدلة، وسط مزاعم عن تلاعب مقصود في التحقيق.

في السياق نفسه، وصفت وزارة الخزانة الأمريكية هوومر بأنه “قائد خلية داعش في ديربان”، وأشارت إلى أنه ينسّق مع عناصر تابعة للتنظيم في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويُموّل أنشطته من خلال عمليات اختطاف وابتزاز شركات كبرى.

إلى جانب ذلك، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على عدة شركات يمتلكها، فيما لا تزال شركتا Noor Satellite وAshiq’s Car Sales تعملان بشكل طبيعي، رغم المطالبات بإدراجهما على القائمة السوداء.

وفي فبراير/شباط 2023، أدرجت مجموعة العمل المالي الدولية (FATF) جنوب أفريقيا على “القائمة الرمادية” بسبب فشلها في تحسين آليات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مما يلزمها بإصلاحات جذرية قبل موعد التقييم المقبل في أكتوبر/تشرين الأول.

وتكشف حملة هوومر السياسية عن هشاشة المنظومة القضائية في جنوب أفريقيا. فعلى الرغم من رفض اللجنة لحزبه، لم يُستند القرار إلى خلفيته الإرهابية، وهو ما يكشف استمرار الثغرات في مواجهة التطرف وتمويل الإرهاب، وفقًا لتقارير غربية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى