روسيا تميل لدعم المقترح المغربي لحلّ نزاع الصحراء

أبدت روسيا على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف استعدادها لدعم مقترح الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب لإنهاء النزاع حول الصحراء، في حال حظيت المبادرة بتأييد جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، ما يشير إلى أن موسكو تقترب أكثر من أي وقت مضى للخروج من دائرة الحياد الإيجابي في القضية المغربية إلى الانضمام إلى قائمة الدول الداعمة للخطة، بعد أن أدركت أن مصالحها الاقتصادية تقتضي اتخاذه هذه الخطوة.
ويكتسي التصريح الذي أدلى به لافروف خلال لقاء عقده مع عدد من الصحافيين العرب في موسكو، أهمية بالغة بالنسبة إلى المملكة، خاصة وأنه يأتي قبل قرار مجلس الأمن الدولي المتوقع نهاية الشهر الجاري.
ويقترب هذا الموقف الروسي من موقف دول دائمة العضوية في مجلس الأمن، مثل الولايات المتحدة وفرنسا، وعدد متزايد من الدول التي تعتبر المقترح المغربي أساساً جدياً وذا مصداقية للحل.
ويشير هذا التحول إلى محاولة روسيا تعزيز علاقاتها مع المغرب الذي تعتبره بلداً صديقاً ترتبط معه بعدة اتفاقيات تعاون وتنسق معه في العديد من القضايا الدولية، وقد يُنظر إلى تصريح لافروف على أنه جزء من إستراتيجية روسية في سياق عالمي متعدد الأقطاب، حيث تسعى موسكو لتعزيز نفوذها وتأمين مصالحها الاقتصادية مع دول المنطقة، بما في ذلك المملكة التي رسخت مكانتها كبوابة على أفريقيا.
وقال وزير الخارجية الروسي إن “مشكلة الصحراء المطروحة على الطاولة منذ 50 عاما، كانت في السابق تسير نحو تنفيذ الاستفتاء”، مستدركا أن “الوضع تغير لاحقا”، مشيرا إلى أن المقترح المغربي بشأن الحكم الذاتي يدخل ضمن خيارات “تقرير المصير”.
وتابع أن “هذا الخيار يمكن أن يكون حلا، طالما أنه منصوص عليه من طرف الأمم المتحدة ويتماشى مع قراراتها، وإذا كان مقبولا لدى الجميع فهو مقبول لدينا أيضا”.
ويُعد الموقف الروسي من قضية الصحراء أحد أهم أبعاد التقارب بين موسكو والرباط، فرغم علاقاتها التاريخية مع الجزائر، التي تدعم جبهة بوليساريو الانفصالية، التزمت روسيا الحياد الإيجابي، حيث أيدت جهود المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا ودعت إلى التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين في إطار قرارات مجلس الأمن.
ونجحت الرباط في خلق توازن في علاقاتها الخارجية وتقوية الشراكة مع قوة دولية كبرى مثل روسيا،العضو الدائم في مجلس الأمن، إلى جانب حلفائها الأوروبيين، مما يعزز موقفها الدولي في ملف الصحراء.
ووقف المغرب على نفس المسافة الفاصلة بين موسكو وكييف بعد اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، حيث امتنع عن التصويت على عدد من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد روسيا، مما قوبل بتثمين روسي.
وتعد المملكة شريكا اقتصاديا مهما لروسيا، خاصة في مجال الفوسفات، حيث يعتبر المغرب من أكبر مزودي موسكو بهذه المادة الحيوية للزراعة، بالإضافة إلى اتفاقيات صيد في المياه المغربية التي تشمل الأقاليم الجنوبية.
وحققت الرباط خلال الأعوام الأخيرة العديد من الانتصارات الدبلوماسية النوعية في قضية صحرائها، مما عزز موقفها القائم على مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية كحل جدي وواقعي للنزاع.
وتتزايد المؤشرات على أن مجلس الأمن يتجه إلى تبني هذا المقترح، لا سيما وأن قراراته السابقة، وآخرها القرار رقم 2703 الصادر في أكتوبر/تشرين الأول 2023، شددت على ضرورة التوصل إلى “حل سياسي واقعي وبراغماتي ودائم قائم على التوافق”، وهو ما يتناغم مع مبادرة المملكة.