سياسة

روسيا.. “فاغنز” تشعل الجبهة الداخلية


تصدرت مجموعة فاغنر الروسية الواجهة العالمية بعد تصريحات مدوية لقائدها يفغيني بريغوجين، اتهم فيها الجيش الروسي بقصف معسكرات قواته. ممّا أسفر عن مقتل عدد كبير منهم، داعياً من وصفهم بالوطنيين في روسيا إلى النزول للشوارع لمواجهة من وصفهم بالخونة في قيادة الجيش.

في رسالة صوتية على (تلغرام) نشرها اليوم أكّد بريغوجين أنّه وعناصر مجموعته البالغ عددهم 25 ألفاً “مستعدّون للموت” من أجل “الوطن الأم” و”تحرير الشعب الروسي” من التسلسل الهرمي العسكري الذي أعلن دخوله في تمرّد ضدّه.

وتعهد بريغوجين أن “يذهب حتى النهاية”، وأن “يدمّر كل ما يعترض طريقه”. مؤكداً أنّ قواته دخلت الأراضي الروسية، ممّا يضعه في مواجهة مباشرة مع قوات الجيش الروسي.

إلا أنّ هذه المواجهة العسكرية المحتملة بين الأشقاء. التي تسلط الضوء على قدرات كلا الجانبين رغم الفارق الكبير، ترجح كفة الميزان لصالح الجيش الروسي.

لكنّها في الوقت نفسه تضع جميع التوقعات على الطاولة. خصوصاً أنّ فاغنر لديها باع طويل في قتال الشوارع وعناصرها متمرسون جيداً، حسبما أوردت (بي بي سي).

وفي أول تعليق له على العصيان العسكري الذي أعلنه قائد فاغنر أمس. أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنّ الرد على أيّ تمرد سيكون صارماً وحاسماً وقاسياً.

واعتبر في كلمة متلفزة بثت اليوم السبت على القنوات الرسمية في البلاد أنّ تلك التصرفات تشكل طعنة في الظهر، مضيفاً أنّه تم جر عناصر فاغنر إلى تمرد مسلح.

وبنبرة حاسمة شدد الرئيس الروسي على أنّ كل من حمل السلاح في مواجهة الجيش خائن.

هذا، وانتشرت دبابات وتعزيزات عسكرية خلال الساعات الماضية في العاصمة الروسية  موسكو. وسط تشديد الإجراءات الأمنية حول بعض المقرات الحكومية الحساسة، تحسباً لأيّ “أنشطة إرهابية”. بعد دعوة قائد فاغنر يفغيني بريغوجين عناصر الجيش إلى العصيان والتمرد على قادته العسكريين.

وأعلن رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين أنّ “أنشطة لمكافحة الإرهاب تجري في المدينة”.

وكتب على تلغرام قائلاً: “إنّه في ضوء المعلومات التي وصلتنا. ثمّة أنشطة لمكافحة الإرهاب جارية في موسكو بهدف تعزيز الإجراءات الأمنية”.

ودعت وزارة الدفاع مقاتلي فاغنر إلى التحلي بالحكمة والتواصل مع قادة الجيش، والتخلي عن زعيمهم.

واعتبرت أنّ بريغوجين خدع عناصره واستدرجهم إلى مغامرة إجرامية”. وفي بيان نشرته على تطبيق (تليغرام). ناشدت الوزارة المقاتلين التواصل مع ممثليها وممثلي هيئات إنفاذ القانون ووعدتهم بضمان سلامتهم. مشددة على أنّ أوكرانيا تستغل استفزازات قائد فاغنر.

هذا، ودعا حاكم منطقة روستوف المجاورة لأوكرانيا السكان إلى ملازمة منازلهم في مواجهة تمرد مجموعة فاغنر العسكرية التي ادعت أنّها دخلت العاصمة الإقليمية التي تحمل الاسم نفسه. 

وكتب فاسيلي غولوبيف على (تليغرام) “القوات الأمنية تتخذ كل الإجراءات اللازمة لضمان سلامة سكان المنطقة”. وناشد “الجميع التزام الهدوء وعدم مغادرة المنازل إلا للضرورة”.

كذلك، أعلن إيغور أرتاموف حاكم منطقة ليبيتسك الواقعة على بُعد (420) كيلومتراً جنوبي موسكو “تعزيز الإجراءات الأمنية”. وكتب على (تليغرام): “سيتمّ إيلاء اهتمام خاصّ بحماية البنية التحتية الحيوية”. داعياً السكّان إلى “التزام الهدوء” والامتناع عن السفر جنوباً نحو المناطق الروسية الحدودية مع أوكرانيا.

كذلك دعا جهاز الأمن الفيدرالي مقاتلي فاغنر لعدم تنفيذ الأوامر الإجرامية والخائنة لبريغوجين واتخاذ إجراءات لاعتقاله. واعتبر في بيان اليوم أنّ تصريحات قائد تلك المجموعة العسكرية الخاصة وتصرفاته دعوة لبدء نزاع مسلح في البلاد وطعنة للعسكريين الروس.

بالمقابل، أعلن الجيش الأوكراني أمس أنّه “يراقب” الخلاف الناشئ بين “فاغنر” والقيادة العسكرية الروسية. بعدما اتّهم قائد المجموعة شبه العسكرية الروسية الجيش بقتل عدد كبير من عناصره في قصف استهدف مواقع خلفية لهم في أوكرانيا.

في حين أعلن قائد الاستخبارات العسكرية الأوكرانية كيريلو بودانوف أنّ فاغنر والجيش الروسي “يفترسان بعضهما البعض للحصول على السلطة والمال”.

يشار إلى أنّ الخلافات بين قائد تلك المجموعة العسكرية الروسية الخاصة وقادة الجيش. كانت قد تفجرت منذ أشهر طويلة خلال المعارك التي خاضها الجيش الروسي في أوكرانيا.

وقد شكّل القتال في مدينة باخموت بالجنوب الأوكراني الشعرة التي قصمت ظهر البعير. حيث اتهم يفغيني وزير الدفاع الروسي وقائد الأركان بالتآمر ضده وخيانته، وحجب الأسلحة عن مقاتليه.

إلا أنّ الدفاع الروسية غالباً ما كانت تنفي تلك الاتهامات، دون أن ترد على قائد فاغنر مباشرة، إلى أن تفجرت الخلافات بشكل دراماتيكي منذ ليل أمس بإعلان بريغوجين التمرد العسكري.

وشاركت فاغنر لأول مرة في الصراع الأوكراني الروسي عام 2014، عندما ضمت روسيا شبه جزيرة القرم بعد استفتاء شعبي، وفقاً لكاترينا دوكسسي، الخبيرة في مجموعة فاغنر من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية غير الربحي.

وتنشطت المجموعة إلى جانب أوكرانيا في العديد من الدول الأفريقية والشرق أوسطية، وشاركت في صراعات إقليمية، واستغلت الموارد ونشرت نفوذ روسيا، وفقاً للتقارير التي نشرها مركز مكافحة الإرهاب الأمريكي في (ويست بوينت).

في موازاة ذلك تقدر الولايات المتحدة أنّ فاغنر تنفق حوالي 100 مليون دولار شهرياً في القتال بأوكرانيا. وفي ديسمبر 2022 اتهمت الولايات المتحدة كوريا الشمالية وتركيا بتزويد المجموعة الروسية بأسلحة، بما في ذلك الصواريخ، والطائرات المسيّرة في انتهاك لقرارات مجلس الأمن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى