ساحل أفريقيا تحت المجهر.. هل تتحول جماعات القاعدة إلى فاعل سياسي؟

مسار تحولي تخوضه جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» بالتوازي مع فظائعها سعيا لفرض نفسها على الساحة السياسية بساحل أفريقيا.
ويلجأ هذا الفصيل المتفرع من تنظيم القاعدة والذي يعدّ الأقوى نفوذا و”أكبر تهديد في منطقة الساحل” بحسب الأمم المتحدة، إلى استراتيجيات عسكرية وسياسية لتقويض مصداقية حكومات المنطقة وتقديم نفسه على أنه بديل موثوق.
وتبّنت الجماعة الهجوم المنسّق الذي طال مواقع عسكرية بسبع مدن في غرب مالي الثلاثاء.
-
فيلق إفريقيا: تكتيك روسي لتعويض فاغنر وترسيخ النفوذ في الساحل
-
غرب أفريقيا تحت النار: كيف تحوّل الإرهاب من مناطق نائية إلى العواصم الساحلية؟
كيف تتجلّى الاستراتيجية السياسية للفصيل؟
محورت الجماعة “دعايتها على الدفاع عن الفئات المهمّشة وضحايا العنف.
وغالبا ما تنشر أشرطة فيديو تظهر أعمال عنف مرتكبة من قوى الأمن والقوات المساندة لها لإضفاء صبغة شرعية على خطابها”، وفق ما جاء في تقرير صدر عن الأمم المتحدة في فبراير/ شباط الماضي.
لكن الجماعة قد تقرر “في حالات أخرى… قتل مدنيين أو تجويعهم من خلال محاصرتهم بغية إجبار السكان المحليين على إبرام اتفاقات معها”، ما يتيح لها بسط حكمها، بحسب ما قال ليام كار المحلّل لدى معهد “أميريكن إنتربرايز إنستيتوت” لفرانس برس.
-
الساحل الأفريقي بين الانفلات الأمني والتجنيد العرقي: أرض خصبة للتطرف
-
قرى موبتي بين نيران القاعدة وشبح المجاعة
كيف تحكم؟
ليس في مقدور الجماعة إرساء حكمها في المدن الكبيرة مثل العواصم، لكنها تحكم البلدات بطريقة غير مباشرة عبر اتفاقات محلية تسمح لها بفرض الشريعة الإسلامية على السكان ومنعهم من التعاون مع الجيش وجباية إتاوات.
وفي أحيان كثيرة “يكون السكان المحليون منفتحين على بعض المساومات مع الجماعة، في ظلّ غياب مؤسسات الدولة وعجز الأخيرة عن توفير الحماية لهم”، بحسب ليام كار.
وبموجب هذه الاتفاقات، “ترفع الجماعة حصارها وتوقف هجماتها أو توافق على حماية السكان”، على حدّ قوله.
وفي مالي مثلا، أنهت الجماعة حصارا فرضته على مدينة بوني (وسط) حوالي سنتين، إثر التوصّل إلى اتفاق مع الوجهاء المحليين الذين حصلوا على ضوء أخضر من الحكومة.
-
تصاعد هجمات نصرة الإسلام يسلّط الضوء على تنامي الإرهاب في الساحل الإفريقي
-
خطر متصاعد.. القاعدة تعيد التمركز في الساحل مع انهيار دفاعات محلية
ما الفارق عن “ولاية الساحل”؟
يعتمد “تنظيم داعش- ولاية الساحل”، وهو أحد خصوم الجماعة، استراتيجية سياسية أكثر عنفا للحكم عبر ترهيب السكان.
وفي جنوب غرب النيجر مثلا، قتل 71 مدنيا بقرية ماندا في يونيو/ حزيران الماضي و44 في فامبيتا في مارس/ آذار المنقضي.
وأوضح كار أن تنظيم داعش “يفرض سيطرته بالقوّة”، بينما تحاول الجماعة “التوفيق بين مقاربة قائمة على السكان وأخرى على القمع”.
وأشار الباحث إلى أن “هذا التباين ينمّ عن خلافات في العقيدة بين المجموعات المتفرّعة من القاعدة وتلك التابعة لداعش“.
-
الساحل الأفريقي تحت تهديد الإرهاب المتزايد: هل تصبح الثغرة القديمة نقطة انطلاق الفوضى؟
-
تمويل الإرهاب في أفريقيا.. كيف تزدهر شبكات داعش والقاعدة على ضفاف نهر العطش؟
طموح لتولّي السلطة؟
يرى مراقبون أن الاستراتيجية السياسية للجماعة دفعتها مؤخرا إلى التحالف مع المتمرّدين الطوارق المحليين من جبهة تحرير أزواد.
وفي رأي كار “تشكّل هيئة تحرير الشام (في سوريا) بطبيعة الحال مصدر إلهام” للجماعة التي ترى في تجربتها “نموذجا محتملا”، مضيفا “قد تطبّق الاستراتيجية عينها في شمال مالي إلى جانب جبهة تحرير أزواد، كما حصل في 2012”.
ولفت كار الى تحديات تحدّ من طموحات الجماعة، فهيئة تحرير الشام فكّت ارتباطها بالقاعدة وكانت تحظى بدعم شعبي كبير و”بجهة خارجية راعية”، في حين ما زالت “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين” مرتبطة بالقاعدة “وتعتمد على تمويلها والأسلحة التي تسلبها من جيوش المنطقة”.
-
تقرير أممي: تنظيم داعش يوسع نفوذه ويستهدف مناطق جديدة
-
هجوم دامٍ بالنيجر.. “القاعدة” يتبنى الهجوم الذي أسفر عن 11 قتيلاً
كما أنها مؤلفة من “أقليات، مثل الفولان والطوارق”، بحسب المحلّل.
وما زالت الجماعة “راهنا تسترشد باستراتيجية حركة طالبان. لكن استراتيجية هيئة تحرير الشام قد تؤتي بثمارها”، على حدّ قول دانييليه غاروفالو المتخصّص في الحركات الإرهابية.
ولفت إلى أنه “لا بدّ بداية من فكّ الارتباط بالقاعدة بالكامل وتغيير أسلوب شنّ الهجمات واعتماد نمط مختلف في الحوكمة. وهو أمر قد يستغرق سنوات”.