سجون الجيش السوداني.. اعتقالات تعسفية وإعدامات خارج القانون

تصاعدت تعقيدات وتشابكات قضية المتعاونين مع قوات الدعم السريع في أعقاب تحرير ولاية الجزيرة، والاتهامات التي وجّهت إلى الجيش والقوات المتحالفة معه بارتكاب مجازر انتقامية وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان ضد مجموعات إثنية بعينها تحت ستار شبهة التعاون. ممّا دفع رئيس مجلس السيادة الانتقالي، القائد العام للجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، إلى تشكيل لجنة للتحقيق لم تعلن نتائج عملها حتى الآن.
وتتهم تقارير هيئات حقوقية الأجهزة الأمنية الرسمية بالاستمرار في تنفيذ اعتقالات على أساس عرقي، بزعم التعاون مع قوات الدعم السريع. واحتجاز بعض الناشطين الحقوقيين، وفق شبكة (الإندبندنت) بالعربية.
-
انتهاكات الجيش السوداني ضد المدنيين: جرائم حرب تُهدد مستقبل البلاد
-
لقاء بين ممثلين عن الجيش السوداني وقوات ‘الدعم السريع’ في أديس أبابا
وذكرت هيئة محامي دارفور أنّ السلطات اعتقلت المئات من الشباب في مدن مثل بورتسودان وعطبرة، أوقفوا في الطرقات العامة والمحال التجارية. واحتُجزوا في مراكز بشمال وشرق السودان، وجهت إلى بعضهم اتهامات بالتعاون مع قوات الدعم السريع، وهي تهم قد تصل عقوبتها إلى الإعدام.
على خلفية اعتقال (4) أطباء في مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة الأسبوع الماضي. عبّرت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان عن مخاوفها من تعرّض الحركات النقابية والتنظيمات المدنية لحملات أمنية وعسكرية مع استمرار الحرب في البلاد.
-
استخدام الجيش السوداني للأسلحة الكيميائية.. بين الاتهامات الدولية والدعم الخارجي
-
قوات الدعم السريع ترفض التنازل لدمجه في الجيش السوداني
في السياق أكدت هيئة محامي الطوارئ السودانية أنّ السجون في مناطق سيطرة الجيش مكدسة بآلاف المحتجزين الذين اعتقلوا في المناطق الآمنة. أو ممّن نزحوا إليها في بداية النزاع أو بعد نزوحهم لاحقاً.
وأوضح عضو المكتب التنفيذي والمتحدث باسم الهيئة، مصعب صباحي. أنّ كل الذين اعتُقلوا من قبل جهة تُعرف بـ (الخلية الأمنية)، وهي تضم استخبارات الجيش وجهاز الاستخبارات والشرطة والمهيمن عليها من قبل شخصيات من الحركة الإسلامية (جماعة الإخوان المسلمين). يُقبض عليهم ويودعون في سجون تابعة لمناطق الجيش من دون أن تتوفر لهم شروط العدالة.
-
الجيش السوداني واستخدام الأسلحة الكيميائية: انتهاكات الحرب الأخيرة وأثرها الإنساني
-
مؤتمر إغاثي في أديس أبابا.. الإمارات تقود جهود دعم السودان
وأضاف صباحي أنّ عملية القبض على المتهمين بالتخابر أو التعاون تتم من دون اتباع الإجراءات القانونية السليمة. ويودع المتهمون في السجون فترات طويلة تمتد أشهراً عدة وبعضهم تجاوزت مدة حبسه أكثر من عام.
وتابع: “يُحوّل المتهمون إلى النيابات والمحاكم الموجودة في مناطق سيطرة الجيش بشكل جزافي. وصدرت بالفعل أحكام وصلت إلى درجة الإعدام على كثيرين منهم. وغالباً ما يحاكمون بدوافع سياسية، بتهمة الجرائم الموجهة ضد الدولة، من دون تمثيل للدفاع. وبإجراءات غير مكتملة الضمانات القانونية مع طول فترة الحبس.
-
اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع في أم درمان تسفر عن عشرات القتلى
-
شهادات تكشف عن انتهاكات جديدة للجيش السوداني في البلاد
وأردف: “للأسف معظم الاعتقالات في مناطق سيطرة الجيش تتم بنهج تحريضي في كثير من الأحيان، أو بناءً على تصنيف جهوي أو قبلي في أحيان أخرى. وليس بناءً على أدلة محددة قانونية، ولا تتوفر لهم ضمانات التحري القانونية”.
واتهم صباحي أجهزة العدالة وإنفاذ القانون. ممثلة في السلطة القضائية ووزارة العدل والنيابة العامة، بالافتقار إلى الاستقلالية اللازمة لمحاكمات عادلة ونزيهة وشفافة. معتبراً أنّ اعتقال المحبوسين تم بشكل تعسفي.
من جهتها أعربت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان كليمنتين نكويتا سلامي عن قلقها إزاء التقارير عن احتجاز رهائن في مناطق القتال بالبلاد. وعدم قدرة المدنيين على مغادرة مناطق الصراع.
-
سيطرة الدعم السريع على ‘بوط’ تعزز خطوط الإمداد الاستراتيجية
-
50 عسكريًا من الجيش السوداني ينضمون لصفوف “الدعم السريع” في دارفور
وقد دعت سلامي، في بيان قصير على حسابها بمنصة (إكس). إلى السماح بخروج المدنيين من مناطق الصراع وتأمين مرورهم للوصول إلى مناطق آمنة.
على صعيد متصل أوضح الناشط الحقوق والمجتمعي عز الدين الأحيمر أنّ هيئات حقوقية مستقلة عدة رصدت توسعاً ملحوظاً في أحكام الإعدام في حق العشرات من الشباب والفتيات خلال الفترة الماضية، إلى جانب أعمال قتل خارج نطاق القانون. مطالباً اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالعمل على التحقق من ظروف احتجاز المتهمين بالتعاون والتخابر وتسهيل عمليات إطلاق سراحهم. سواء بالنسبة إلى المحتجزين من جانب الجيش أو قوات الدعم السريع.
-
بعد ضغوط أميركية.. الجيش السوداني يمدد فتح معبر حدودي مع التشاد
-
السودان في مهب الصراع.. دور الإخوان في إشعال الحرب الأهلية
وتابع: “هناك ضرورة لتصنيف المحتجزين بتهمة التخابر أو التعاون مع قوات الدعم السريع وفقاً لأدوارهم، فباستثناء المنتظمين في القتال بشكل مباشر. هناك متهمون بالمساهمة في التعبئة والتجنيد أو الدعم المعنوي أو السياسي، وهناك متهمون بالتواطؤ مع العدو. ممّا يتطلب التمييز بين مرتكبي الجرائم والانتهاكات الكبيرة ضد المدنيين، وأولئك الذين أُجبروا على التعاون، أو اضطروا إلى التعايش معها تحت الترهيب في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع“.
وطالب الأحيمر بضرورة الإسراع بتقديم المحتجزين إلى محاكمات عادلة لضمان عدم بقائهم قيد الاحتجاز فترات طويلة مع امتلاء السجون. مشدداً على ضرورة استعجال تشكيل لجان تحقيق مستقلة للوقوف على كل حالة على حدة. وإتاحة الفرصة لهم للدفاع عن أنفسهم، خاصة الذين لم يرتكبوا جرائم جسيمة.
-
من تدمير البنية التحتية إلى تهريب الأسلحة: قراءة في تزييف الجيش السوداني للحقائق
-
الدعاية العسكرية السودانية: كيف يسعى الجيش لتعويض إخفاقاته بتصريحات كاذبة؟
-
قوات الدعم السريع تكشف عن تورط الإخوان والجيش في مؤامرات بولاية الجزيرة