سياسة

شقيقة السيفي تفجر قنبلة في وجه الغنوشي


“أخي لم ينتحر، بل ذهب لمقابلة راشد الغنوشي بأمر منه، لقد تم استدراج أخي بطريقة محبوكة، وسنحاكم حركة النهضةهكذا كان تصريح شقيقة سامي السيفي.

وأضافت : خويا ما انتحرش وماهوش مخصوص ولا محتاج (أخي لم ينتحر ولم يكن في حالة عوز) هو ذهب لمقابلة الغنوشي بطلب من الغنوشي! تم استدراج أخي بطريقة محبوكة وسنحاكم حركة النهضة، وهذه التصريحات ستفتح القضية سواء في بعدها الإعلامي أو الجنائي أو حتى السياسي على أكثر من سيناريو.

 وبالوقت الذي يواصل الأمن التونسي تحقيقاته بشأن الحريق وحادثة الانتحار المفترضة، تختلف الآراء حول تصريحات سميرة السيفي، حيث يرى البعض أنه من الممكن أن يكون هناك بعض الحلقات المفقودة في الموضوع بأكمله، كأن يكون سامي يمتلك أدلة على تورط الغنوشي وبعض قيادات الإخوان في أحداث إرهابية استهدفت تونس، سواء بفترة ما قبل احتجاجات 2011 التي أوصلتهم للحكم أو بعدها.

فقد يكون السيفي، وهو أحد المتهمين من قبل النظام السابق بالتورط في عملية إرهابية قبل نحو ثلاثة عقود في سياق محاولات النهضة الانقلاب على النظام، وأحداث أخرى أودت به في السجن لسنوات في تسعينيات القرن الماضي، ما يوكد أن للسيفي وزن معين داخل النهضة، وهو ما يقود إلى فرضية وجود تقاطعات بينه وبين الغنوشي و/ أو قيادات إخوانية أخرى.

من جانب آخر، هناك فرضية تزعم بأن أن سامي الذي عانى من وضعية اجتماعية صعبة ومن البطالة، حاول وفي أكثر من مرة الحصول على تعويضات سنوات “نضاله” مع النهضة، لكن هاته   الاخيرة تجاهلته لسبب أو لآخر، وقد يكون الأمر بلغ حد التهديد بفضح أسرارها وهو ما أجبر الغنوشي على التظاهر بالموافقة على لقائه، واستدراجه بطريقة محبوكة وبوقت دخوله مقر الحركة تم إضران النار فيه لإخراج الحادث على أنه انتحار، خصوصا أنها الطريقة التي يلجأ إليها الكثيرون للاحتجاج.

الشيء الذي قد يجعل للأمر بعد جنائي وقد تتخذ القضية مسارا مختلفا تماما، لكن من جهة أخرى قد يكون السيفي حصل على موعد للقاء الغنوشي بالتأكيد، لكنه حين ذهب إلى مقر الحركة تم إبلاغه بأن الأخير غير موجود، مما أشعل شرارة الغضب بداخله فأضرم في نفسه النار.

وتضل كل الفرضيات واردة، وإن كانت الكثير من الحلقات المفقودة والتفاصيل التي يبدو أن لا أحد يعرفها سوى السيفي وقيادات الإخوان، خصوصا أن عائلة الرجل رفضت أن تحضر قيادات الحركة جنازة ابنها.

وفي تصريح آخر من أحد أصدقاء السيفي، والذي اعتبر أن كل ما قيل بخصوص الحادثة “مغالطات” وإن الهالك كان “يعاني من التجاهل وسوء المعاملة من قبل قيادات الحركة”.

حيث قضى حكما بالسجن لمدة 15 سنة على خلفية حرق المعهد الفني بتونس بإيعاز من بعض قيادات النهضة، وتم طرده بصفة تعسفية، من شركة لتوزيع الأدوية التي كان يعمل بها ثم حصل على منحة مالية من مكتب “شؤون المناضلين” لحركة النهضة قبل أن يتم التراجع عنها، وتوظيفه كحارس وتكليفه ببعض الأعمال التي كان يرفض القيام بها مثل تنظيف السيارات.

وأشار إلى أنه طالب بعد ذلك بحقه في العيش الكريم وتمتيعه بنصيبه من التعويضات، وأكد أن ظروفه الاجتماعية كانت صعبة، وأنه كان على اتصال به منذ 4 أيام وأخبره بأنه يريد فتح محل لبيع الملابس المستعملة، كما كان يهدد بالفترة الأخيرة بوضع حد لحياته في صورة تواصل تجاهل مطلبه.

اتفق معظم المحللين للشأن التونسي أن الحادثة بغض النظر عن طياتها كتبت السطر الأخير في نهاية حركة النهضة بتونس وزعيمها راشد الغنوشي، منذ فترة الصراع بين شقي “الصقور” بقيادة الغنوشي، و”الحمام” الذي يمثل الجناح المعتدل للحركة ويضم قيادات بارزة أمثال عبد اللطيف المكي، إلى العلن، ليبدأ نزيف الانشقاقات والاستقالات وبلغ الأمر حد استقالة أكثر من 100 قيادي في النهضة دفعة واحدة احتجاجا على “الخيارات السياسية الخاطئة” لقيادة الحزب.

فبعد سنوات من استيلاء الغنوشي على القرار والأموال، انكسرت الهالة التي كان الأخير يحاول إحاطة نفسه به، وانفرط العقد، لتطالب قيادات من جحره برفع يده عن الحركة وتمرير مشعل القيادة للشباب، لكن الغنوشي الذي يعتبرها من أملاكه الخاصة ويستأثر بزعامتها منذ أكثر من 40 عاما، يحيك مناورة من أجل عدم عقد المؤتمر السنوي وتسليم القيادة خصوصا أن القوانين الداخلية نفسها تنص على استبعاد الغنوشي.

وعقب قرارات رئاسية استثنائية وضعتها الحركة على هامش التاريخ، بعد خروجها من الحكم من الباب الصغير تتلقى الحركة وزعيمها ضربة قاتلة تحيلها على تقاعد وجوبي أو انشطار أو اندثار تام.

حيث حادثة السيفي في توقيت مأساوي للحركة وزعيمها الذي يقابل لفظا من قيادات بالحركة وأعوانه والشعب التونسي عموما، ما يدفع بقوة نحو فرضية انقسام الحركة إلى حزبين: الأول سيحتفظ فيه الغنوشي بالزعامة، والثاني سيكون حزبا جديدا يخرج فيه جناح “الحمام” برؤية مختلفة.

وفي حال تحقق الاشكال، سوف سيغدو الحزب الأول عاجزا إلى درجة أنه قد يتراجع ليكون بذيل استطلاعات الرأي، الشيء الذي قد يدفع الغنوشي نفسه نحو البحث عن “خروج آمن” من تونس ويعود إلى منفاه في بريطانيا.

تحمل الكثير من قيادات النهضة وأعضائها وأنصارها نوعا من النقمة تجاه الغنوشي الذي تخلى عنهم في ثمانينات القرن الماضي في إطار صفقة مع الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، نجا عبرها من حكم إعدام في عهد الحبيب بورقيبة.

إن الغنوشي ووفق روايات موثقة، أدرج لائحة بأسماء حركته التي كانت تسمى حينها “الاتجاه الإسلامي” مقابل الخروج من تونس، وهذا ما قد حدث بالفعل، حيث توجه إلى الجزائر المجاورة ومنها إلى بريطانيا، تاركا قيادات أخرى وأنصاره بالسجون.

وبالرغم من مرور الزمن، لم يصفح هؤلاء ولا أبناؤهم ولا الأجيال اللاحقة عن الغنوشي، وكان سامي أحد هؤلاء المساجين.

فهؤلاء الذين سجنوا من أجل الحركة يعتبرون أنهم قدموا تضحيات جسيمة بمنحها سنوات شبابهم المهدورة في الزنازين وحرمانهم من وظائفهم، ويرون أن تعويضهم حق مقدس..

وفي خضم كل ذلك، تظل الرسالة الأبلغ التي وجهها انتحار السيفي للغنوشي ورفاقه هي أن البوعزيزي الذي أحرق نفسه قبل 10 سنوات وأوصل الإخوان للسلطة، استنسخ آخر لكن من عقر دار التنظيم، أحرق نفسه ليخرجكم من لعبة السياسة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى