طهران تسعى لمنع تركيا من الانفراد بالعراق
عرضت إيران على الحكومة العراقية، المشاركة في طريق التنمية الاستراتيجي، الذي يمثّل مدخل قوى إقليمية على رأسها تركيا لمنافسة طهران على النفوذ في الساحة العراقية. التي لن تتركها فارغة أمام أنقرة.
وعبّر وزير الخارجية الإيراني بالإنابة علي باقري خلال لقاء جمع رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني الخميس عن دعم إيران جهودَ العراق في تنفيذ مشروع طريق التنمية الاستراتيجي واستعدادها للمساهمة به.
ويبدو لافتا الموقف الجديد لإيران التي لا تريد أن تكون خارج إطار المشروع .ورجحت مصادر مطلعة أن تكون طهران قد قامت دراسة المشروع من مختلف جوانبه والبحث في إمكانية الانضمام إليه بشكل مباشر أو النظر في كيفية الاستفادة منه بطريقة غير مباشرة. خصوصا وأنّ منطلقه من جنوب العراق شديد القرب من مجالها الجغرافي.
وأكد السوداني مضيّ العراق في نهجه نحو تعزيز العلاقات مع إيران، وتوطيد أسس التعاون البناء. بما يحقق مصالح البلدين الجارين وازدهار شعبيهما، بحسب بيان لمكتب السوداني. وأضاف “شهد اللقاء البحث في الأوضاع الإقليمية والدولية. وتطورات العدوان في غزّة ونتائجه المأساوية على المستوى الإنساني. والجرائم الوحشية التي ترتكبها قوات الاحتلال يومياً بحق أبناء الشعب الفلسطيني. وضرورة السعي الجادّ من قبل المجتمع الدولي لإيقاف العدوان، وتجنّب اتساع الصراع في المنطقة”.
كما جرى التأكيد على مواصلة اللجان المشتركة عقد اجتماعاتها. والتنفيذ الفعلي لمذكرات التفاهم التي وقعها البلَدان في قطاعات؛ الطاقة، والأمن، والتعليم، والنقل. وباقي المجالات الاقتصادية الحيوية الأخرى.
وأطلقت تركيا والعراق وقطر والإمارات العربية المتحدة مؤخراً طريقاً تجارياً جديداً يربط الخليج بأوروبا في إطار سعي إلى توثيق العلاقات الاقتصادية. ويسمى هذا الطريق بطريق التنمية، وهو أحدث ممر اقتصادي في المنطقة بعد مبادرة الحزام والطريق الصينية والممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.
ومن المتوقع أن يكلف المشروع، الذي تم الانتهاء منه خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد في 22 نيسان/أبريل، 20 مليار دولار. مع تقديم معظم الدعم المالي من الدوحة وأبو ظبي.
وكانت الفصائل الموالية لإيران قد استبقت موقف طهران بالتشكيك بالمشروع. وأظهرت موقفا سلبيا منه رغم أنه الغالبية العظمى من القوى والشخصيات العراقية تعتبره مشروعا شديد الأهمية للبلد لجهة تنويع مصادر دخل البلاد وتوفير مواطن الشغل لشبابه. بينما تعتبره حكومة السوداني الإنجاز الأهم الذي سيحسب في رصيدها باعتباره أكبر مشروع تنموي يُقدم عليه العراق منذ سنة 2003. واستئنافا حقيقيا لمسار التنمية شبه المتوقّف في البلاد منذ ذلك التاريخ.
وقال أبوعلي العسكري المسؤول الأمني لكتائب حزب الله إنّ “مشروع ما يسمى طريق التنمية مازال يشكل مصدر قلق لنا”. وأضاف في بيان نشره عبر مواقع التواصل الاجتماعي في ماير/أيار الماضي “يجب توفير الدلالات القاطعة والضمانات الإستراتيجية. والمزيد من التطمينات قبل الشروع في تنفيذ المشروع”.
وبدا هذا الموقف غامضا لجهة حديثه عن “قلق” بصيغة التعميم ودون تفصيل لماهيته .وطبيعته إن كانت أمنية أو اقتصادية أو غيرها. كما شمل الغموض أيضا طبيعة الدلالات والضمانات والتطمينات التي تطالب بها الكتائب. والصفة التي تمتلكها الميليشيا وتخوّل لها مطالبة الجهات الرسمية بها.
وكان حسن سالم النائب عن كتلة صادقون النيابية الممثلة لميليشيا عصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي. قد أخذ المبادرة بالهجوم على مشروع طريق التنمية منذ أول إعلان عنه تحت مسمّى أوّلي هو “القناة الجافّة”. قائلا في تعليق عبر منصّة إكس إنّ المشروع يمثل “وصمة عار في تاريخ ساسة العراق”، وإنّه “فاتورة أخرى يدفعها الشعب العراقي بسبب الطبقة السياسية. التي تشبعت بفايروس الفساد الذي جعلهم لا يميّزون بين الضار والنافع”.
وأضاف في تعليقه “التاريخ لن يرحمهم والأجيال ستحاسبهم عن سرقة حقوق الشعب ومستقبله”.
ثم عاد النائب ليكشف عن خلفية موقفه بالغ السلبية من المشروع والمتمثّلة في الدفاع عن مشروع آخر مُواز يتمثّل في طريق الحرير الصيني. قائلا في بيان إنّ “مشروع القناة الجافة يعتبر قتلا. وتدميرا للتنمية في العراق من خلال منع التحاقه بمبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير التي ينكرها بعض المسؤولين والمستشارين في الحكومة ووزارة النقل مدعين. بأنه لا وجود لاتفاقية صينية وأن العراق خارج طريق الحرير”.
ورغم الموقف المبالغ في حماسته من قبل النائب. إلاّ أنّه بدا أنّه قد تسرّع ولم ينسّق موقفه مع قيادة الميليشيا التي يمثّلها تحت قبّة البرلمان. حيث لم يُعرف عن قيس الخزعلي زعيم العصائب أنّه معارض لمشروع طريق التنمية رغم قربه الشديد من إيران. بل على العكس من ذلك قد يكون مساندا له من منطلق أنّه من أكبر حلفاء السوداني رئيس الحكومة. وباعتباره قياديا في الإطار التنسيقي الشيعي المشكّل الرئيسي للحكومة.