طولكرم تحت الحصار… إسرائيل تشن حملة اعتقالات واسعة

اعتقل الجيش الإسرائيلي نحو 1300 فلسطيني خلال يومين فقط بمدينة طولكرم شمال الضفة الغربية المحتلة، في حملة شنها عقب إصابة اثنين من جنوده بانفجار عبوة ناسفة قبل أسبوع وذلك ضمن سياسة العقاب الجماعي التي تتبعها تل أبيب.
وجرت حملة الاعتقالات الواسعة الأسبوع الماضي وطالت كافة أحياء المدينة، وفيها اقتاد الجيش الإسرائيلي المعتقلين إلى ساحة عامة واحتجزهم لساعات طويلة.
كل ذلك حدث عقب إصابة جنديين إسرائيليين بجروح طفيفة، إثر انفجار عبوة ناسفة استهدفت مركبة عسكرية في محيط المدينة في 11 سبتمبر/أيلول الجاري.
وأظهرت مقاطع فيديو طوابير طويلة من المعتقلين الفلسطينيين يحيط بهم جنود إسرائيليون ومركبات عسكرية.
وقال فيصل سلامة، نائب محافظ طولكرم إن الجيش الإسرائيلي ينفذ سياسة عقاب جماعي هدفها إذلال وإهانة المواطنين، عبر تسييرهم في طوابير لمسافات طويلة، ووضعهم في أماكن عامة، وإجراء تحقيقات سريعة مع بعضهم قبل أن يتم الإفراج عنهم.
ويشير سلامة إلى أن هذا الإجراء ترافق مع حملة تفتيش وتنكيل بالمواطنين الفلسطينيين استمرت على مدار يومين كاملين.
وأضاف “كانت حملة اعتقالات واسعة، حيث جرى اعتقال الصيدلاني من صيدليته، والسائق من مركبته، والمار في الشارع”، مبينا أنها حملة عشوائية تهدف إلى فرض واقع مرير وإرغام المواطنين على دفع الثمن.
حملة عشوائية تهدف إلى فرض واقع مرير وإرغام المواطنين على دفع الثمن
ويلفت المسؤول الفلسطيني إلى أن الاحتلال اعتقل نحو 1300 فلسطيني خلال 48 ساعة مبينا أن طولكرم، ومنذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية بغزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تعيش حالة صراع وانعدام استقرار، إذ يقتحم الجيش الإسرائيلي المدينة ومخيماتها أسبوعيا ولساعات وأيام متواصلة.
وتابع “منذ 27 يناير/كانون الثاني الماضي، أي منذ 8 أشهر، ينفذ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية واسعة، طرد خلالها كافة سكان مخيمي نور شمس وطولكرم من منازلهم، وعاث فيهما خرابًا وتدميرًا وفسادًا”.
وبدوره، يرى مدير مركز يبوس للدراسات الاستراتيجية سليمان بشارات، أن للحملة الأمنية والاعتقالات الواسعة في طولكرم مجموعة من الدلالات.
ويوضح أن أولى هذه الدلالات أنها “تُذكّر بالمنهجية ذاتها التي اعتمدها الجيش في انتفاضة عام 1987، وتأتي ضمن سياسة العقاب الجماعي، بحيث يرغب الاحتلال في أن يكون الثمن الذي يدفعه الفلسطيني كبيرًا جراء أي عمل مقاوم أو رفض لسياساته”.
ويبيّن أن الاعتقالات والإغلاق وفرض الحصار والقيود على التنقل، جميعها جزء من سياسة العقاب الجماعي القديمة المتجددة في سلوك الاحتلال.
ويضيف بشارات “الجيش يحاول جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات من المعتقلين، علّها تُسهم في تأسيس خارطة أمنية وعسكرية وفكرية حول طبيعة العمل النضالي الفلسطيني، ولذلك ينفذ اعتقالات عشوائية ويجمع بنكًا من المعلومات”.
ويلفت إلى أن الاحتلال يسعى أيضًا إلى خلق حالة من الردع المسبق حتى لا يتكرر عمل مشابه، وفي الوقت ذاته يعزز من قدرات جنوده في العمل الميداني ويطور من أدائهم للتعامل مع مثل هذه الحالات.
ومن جهته، يقول يزيد السرغلي، طبيب صيدلاني، إنه اعتُقل من مكان عمله برفقة طاقم الصيدلية وزبائنها وبصورة عشوائية.
ويضيف “بعد اعتقالنا سِير بنا في طابور، وكل من وُجد في الطريق جرى اعتقاله، كما اعتُقل الرجال من كل بيت مررنا أمامه، إلى أن نُقلنا جميعًا سيرًا على الأقدام ووُضعنا في ساحة عامة”.
ويشير السرغلي إلى أن الجيش الإسرائيلي قيد أيادي عدد كبير من المعتقلين وعصب أعينهم لساعات طويلة. ويلفت إلى أنه قدم العلاج لعدد من المرضى الذين أغمي عليهم أثناء الاعتقال، بينهم مريض بالسكر وآخر بالقلب.
وبوصفه المشهد يقول “كنا مئات أو ما يزيد عن ألف معتقل في ساحة كبيرة، وغالبية المعتقلين لم يُسألوا عن شيء، ثم جرى الإفراج عنا على شكل مجموعات”.
ومنذ 27 يناير/كانون الثاني الماضي، شرع الجيش الإسرائيلي في تنفيذ عملية عسكرية واسعة داخل مخيمي طولكرم ونور شمس.
وبحسب معطيات اللجنة الإعلامية في طولكرم (غير حكومية)، دمّر الجيش الإسرائيلي خلال عدوانه الأخير على المخيمين أكثر من 600 منزل تدميرا كليا، فيما لحقت أضرار جزئية بنحو 2573 منزلا.
يأتي ذلك ضمن مخطط أقرته إسرائيل في مايو/أيار الماضي، يقضي بهدم 106 مبانٍ بذريعة فتح طرق وتغيير معالم المنطقة.
ويشمل المخطط 58 مبنى في مخيم طولكرم وحده، تضم أكثر من 250 وحدة سكنية وعشرات المنشآت التجارية، إضافة إلى 48 مبنى في مخيم نور شمس، وفق بيانات صادرة عن محافظة طولكرم.
وبالتوازي مع الحرب الجارية في غزة، صعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 1042 فلسطينيا، وإصابة نحو 10 آلاف و160 آخرين، إضافة إلى اعتقال أكثر من 19 ألفا، بحسب مكتب الاتصال الحكومي الفلسطيني.