غروسي يعلن وفاة الاتفاق النووي مع إيران ويدعو إلى اتفاق جديد
قال مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي في مقابلة مع وكالة الأنباء الإيطالية ‘أنسا’، إن الاتفاق النووي المبرم بين القوى الدولية الست وطهران في العام 2015 لم يعد ذا أهمية وإن إيران تعمل على تخصيب اليورانيوم إلى درجة تقترب فيها بسرعة من وضع الدولة النووية.
وتحدث غروسي خلال زيارة لوزارة الخارجية الإيطالية يوم الاثنين، معتبرا أن فلسفة الاتفاق النووي مع إيران يمكن استخدامها كأساس، لكن الاتفاق نفسه لم يعد ضروريا، مضيفا أن طهران تمتلك حاليا قدرات أكبر بكثير مما نتوقع وهي تعمل على تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 60 في المئة وإلى ما يقرب من 90 في المئة بدرجة نقاء عالية وهو المستوى الضروري لصناعة قنبلة نووية.
وتابع أن إيران تعمل على تطوير قدراتها النووية بشكل كبير، موضحا أن النظام الجديد في عهد الرئيس مسعود بزشكيان يخلق فرصة لإجراء مفاوضات جديدة، لكن يتعين أن تكون على أساس مختلف عن المحادثات التي أدت إلى خطة العمل الشاملة المشتركة الأصلية الموقعة في عام 2015 (وهي التسمية الرسمية للاتفاق النووي).
وقال إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية يجب أن تلعب دورا مركزيا ويجب أن يكون هناك تعاون جاد بين الوكالة التابعة للأمم المتحدة والقوى العالمية.
وأضاف غروسي أنه “يتعين علينا إعادة النظر في الاتفاق وإيجاد صيغة فنية جديدة للمبادئ السياسية. وهذه عملية معقدة يتعين فيها على الدول الأوروبية والولايات المتحدة والصين وروسيا الجلوس مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتوصل إلى نظام أكثر توافقا مع الواقع الإيراني الجديد”.
وتأتي تصريحات مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بينما سبق أن حذّر تقرير أميركي من أن إيران ستنتقل للسرعة القصوى في تخصيب اليورانيوم والحصول على سلاح نووي في ظل الشعور بحالة الضعف بعد سقوط الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار حليفها حزب الله اللبناني بفعل الضربات الإسرائيلية القاصمة التي دمرت جزء كبيرا من ترسانته العسكرية والصاروخية وقتلت كبار قادته بمن فيهم أمينه العام حسن نصرالله وخليفته المحتمل هاشم صفي الدين والقادة الميدانيين الكبار.
وكتب ديفيد إغناتيوس، كبير كتاب الأعمدة في صحيفة واشنطن بوست “يبدو أن إيران تمر بأكثر اللحظات خطورة في تاريخها الحديث”. وفي عموده الأخير الذي أجرى فيه مقابلة مع وزير الدفاع السابق يوآف غالانت الذي يزور الولايات المتحدة حاليا، كشف عن التحركات الإسرائيلية التي ألحقت الضرر بالأصول الاستراتيجية لطهران والتي أدت إلى جانب انهيار نظام بشار الأسد إلى ضعف غير مسبوق.
وبحسب إغناتيوس، فإن “الجيوش التابعة لإيران قد سُحقت في غزة ولبنان وسوريا. ويبدو أنها أصبحت شبه عارية أمام الهجوم بعد موجة من الغارات الجوية الإسرائيلية الدقيقة على نظام الدفاع الجوي الخاص بها في أكتوبر/تشرين الأول “.
وقال غالانت لإغناتيوس “لقد أظهرنا أن إيران معرضة للخطر”، وأن الضربات الإسرائيلية في 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي خلقت “نافذة للتحرك ضد إيران” قبل أن تنتج سلاحا نوويا.
وكتب إغناتيوس في وقت متأخر من يوم السبت، أن القرارات الأميركية بشأن كيفية استغلال ضعف إيران – سواء في المفاوضات بشأن اتفاق نووي أو في عمل عسكري حاسم – سيتخذها الرئيس المقبل دونالد ترامب. وقال كذلك لمجلة تايم إن “أي شيء يمكن أن يحدث”.
وبحسب الكاتب الأميركي، يرى كبار المسؤولين في إدارة بايدن الآن فرصة “للدبلوماسية القسرية” بشأن القضية النووية، مع إضعاف إيران، مشيرا إلى أنه في حين “لعبت إسرائيل الدور الحاسم في إذلال طهران”، فقد قدم الرئيس جو بايدن رادعا مهما لها من خلال نشر حاملات الطائرات والغواصات والقوات العسكرية الأميركية الأخرى في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وتعتقد مصادر إسرائيلية أنه خلال العامين المقبلين لن تتمكن إيران من إضافة عدد كبير من الصواريخ الباليستية إلى ترسانتها التي لا تزال كبيرة وفي الوقت نفسه تضرر دفاعها الجوي بشكل كبير أيضا.
وقال الكاتب الأميركي “يبدو أن إسرائيل نجحت في إنشاء ممر إلى إيران، يوفر مسارا واضحا لطائراتها لضرب طهران وهذا يمثل مستوى جديدا من الحرية العملياتية، مما يسمح لإسرائيل بمهاجمة أهداف في الجمهورية الاسلامية بنفس السهولة التي فعلتها في غزة ولبنان”.
وقدر مصدر عسكري إسرائيلي لإغناتيوس أن إيران كانت قادرة قبل هجوم أكتوبر/تشرين الأول على إنتاج ما يكفي من الوقود الصلب لصاروخين باليستيين جديدين يوميا، أما الآن فإن إنتاجها يقتصر على صاروخ واحد في الأسبوع. وقال إن هذا النقص سيستمر لمدة عام على الأقل.
لكنه أوضح أن ضعف إيران قد يدفعها إلى امتلاك ترسانة نووية لردع خصومها، فطهران لديها ما يكفي من الوقود لصنع قنبلة نووية، إلا أن التقديرات تشير إلى أنها لا تزال على بعد أشهر عديدة من القدرة على بناء رأس حربي يمكن تركيبه على صاروخ باليستي بعيد المدى.