الشرق الأوسط

قصف بيروت.. حينما تلتقي طرق الموت والأمل في ليل المدينة المحاصرة


بعد «أشد» قصف تعرضت له بيروت منذ عشرين عامًا، باتت كل الطرق تؤدي إلى الموت، فلا مكان يؤوي النازحين، ولا مخابئ تقيهم شر الضربات الإسرائيلية.

ضربات هنا وهناك استبقها الجيش الإسرائيلي برسائل تحذيرية لسكان بعض المناطق، بضرورة إخلاء مساكنهم، إلا أنه لم يخبرهم إلى أين يذهبون؟ فافترش بعض النازحين الذين خرجوا بملابس النوم الأرض، فيما بات الآخرون يتجولون بلا هدف ولا وجهة، بين السيارات المتوقفة في صفين، لا تعرف هي الأخرى إلى أين تذهب، وقد سدت الطرق بآلاف المركبات الراغبة في الخروج من الأماكن التي يتمركز فيها القصف.

طفلة لبنانية على ذراع والدها في أحد شوارع بيروت

كانت الساعة الثالثة صباحاً، وكانت بيروت الجنوبية تتعرض لأشد قصف شهدته منذ ما يقرب من عشرين عاماً، هناك مر فريق من شبكة «سي إن إن»، بسيارته على الناس الذين خيموا على الأرصفة، معظمهم على الممشى الخشبي المطل على البحر الذي يعانق الساحل في الأجزاء الغربية التي لم تمسها يد بعد من المدينة.

كان هؤلاء النازحون من الأحياء التي كانت تقصفها الطائرات الحربية الإسرائيلية. كان بعضهم يتجاذبون أطراف الحديث على الأرصفة، وكان بعضهم نائماً على المقاعد وعلى الأرض. وكانت النساء يحملن أطفالهن الصغار والرضع النائمين. وكان الأطفال يتجولون في الشوارع، ويتنقلون بلا هدف بين السيارات المتوقفة في صفين، مرتدين ملابس النوم.

طفلة لبنانية على ذراع والدها في أحد شوارع بيروت

في شارع الحمراء التجاري بالمدينة، أجبر حشد من الناس أمام مبنى مهجور حركة المرور على التوقف تقريبًا. وحطم رجل البوابة الحديدية، مما سمح بطوفان من النازحين بالدخول بحثًا عن مأوى. وصلت موجة جديدة من الوافدين. خرجت النساء المنهكات بشكل واضح من السيارات وهن يحملن أطفالهن والبطانيات والمراتب.

كان معظم الناس يحملون القليل من الملابس التي يرتدونها على ظهورهم وهم يسارعون إلى الخروج بحثاً عن الأمان. وحاول كثيرون منهم التظاهر بالشجاعة، في حين كان القلق كامناً تحت قشرة رقيقة من التظاهر بالشجاعة.

وقالت امرأة في أوائل الستينيات من عمرها لمجموعة من الناس من حولها: «نحن بخير! أنا متأكدة من أن منزلنا بخير. لا داعي للقلق».

كانت هذه ليلة بلا نوم في العاصمة اللبنانية، فالشوارع كانت أكثر ازدحامًا من المعتاد في الساعات الأولى من صباح يوم السبت. كانت المطاعم والمقاهي مفتوحة، تقدم الطعام والقهوة بينما كانت صور الانفجارات تضيء سماء الليل على بعد أميال قليلة، وتومض على شاشات التلفزيون.

وبينما كان يتجول فريق «سي إن إن» في المدينة، أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء جديدة لسكان الأجزاء التي لم تتعرض للقصف بعد في جنوب بيروت.

وكان أحد الأحياء المذكورة برج البراجنة، وهي منطقة مكتظة بالسكان تضم مخيماً للاجئين الفلسطينيين ويعيش فيها العديد من المهاجرين الأكثر فقراً. وبعد أقل من 30 دقيقة، بدأت القوات الإسرائيلية في شن غارات على المنطقة.

ومن غير الواضح ما إذا كان العديد من هؤلاء السكان قد تمكنوا من الخروج في الوقت المحدد. وفي الوقت نفسه، ينتظر سكان بيروت شروق الشمس، ليروا ما حدث لمنازلهم ومدينتهم وسكانها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى