كيف ألقت النمسا شباكها على «بنك الإخوان»؟
بشكل شبه متكرر، ترتكز شبكات الإخوان الإرهابية في الدول الأوروبية، على منظمات «دينية» وشبابية، و«وعاء خيري» يتولى مسألة جمع التمويل.
وفي قلب النمسا، تنشط جمعية مساعدات تحمل اسما عربيا، بنت سمعة كبيرة وعددا ضخما من المتبرعين، لكن اتهامات طاردتها تراوحت بين تمويل الإرهاب والارتباط بشبكة الإخوان، ووصلت اليوم إلى اتهامات بارتكاب جرائم عقارية ومالية.
وقبل فترة طويلة، حصلت جمعية «رحمة النمسا» المؤسسة في 2006، على ختم جودة التبرعات النمساوية، إذ يمكن لأي شخص يتبرع للجمعية أن يخصم هذا التبرع من الضرائب، ويدخل في حساب الجمعية أربعة ملايين يورو سنويا، وتستهدف مناطق مثل غزة وأفريقيا.
وقال رئيس مجلس إدارة الجمعية، طاهر حسن، في تصريحات صحفية، إن «الأموال تُستخدم في مشاريع مساعدات في عدة قارات، دون تمييز في الدين، لحفر الآبار بعد الكوارث الطبيعية وأيضاً للمساعدات الإنسانية في قطاع غزة»، لافتا: «نحن نساعد في توفير الطعام ومياه الشرب»، بحسب قوله.
لكن الجمعية سقطت شيئا فشيئا، في دائرة الاشتباه في كونها عضوًا في منظمة إرهابية أو تمول الإرهاب، وذلك في إطار التحقيقات التي يجريها الادعاء العام النمساوي في ملف «الإخوان»، منذ 2020.
والمقصود بالاشتباه على وجه التحديد هو أن التبرعات التي تدخل حسابات “رحمة النمسا” تدعم حركة «حماس».
ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020، يعكف الادعاء العام في مدينة غراتس النمساوية، على التحقيق في ملف الإخوان بتهم تتعلق بتمويل الإرهاب ونشر التطرف والتحريض على الكراهية، دون أن يصل نقطة النهاية حتى الآن.
وفي الوقت الحالي، أُضيفت قضية جديدة لدائرة الاشتباه حول “رحمة النمسا”، بعد أن أكد هانسيورغ باشر، المتحدث باسم مكتب المدعي العام في مدينة غراتس النمساوية، أن المدعي العام يحقق مع الجمعية مرة أخرى، والاتهام هذه المرة: جرائم مالية، وفقا لما نقلته صحيفة «كورير» النمساوية.
وتبعت إجراءات التحقيق إلغاء لحسابات البنوك التي تخص الجمعية، وشكى حسن قائلاً: “لقد فقدنا الكثير من المانحين نتيجة التحقيق”. وتابع: “يتم تقديمنا كمجرمين وإرهابيين”.
واعتبر حسن أنه حتى لو تم إيقاف التحقيق، فإن الضرر الذي يلحق بالسمعة يظل قائما، وأضاف: “لا نعرف ما الذي تريده النمسا منا. ما الذي لا يزال يتعين علينا إثباته؟ نأمل أن يتوقف كل شيء قريبًا حتى نتمكن من استئناف عملنا بالتزام كامل”.
وتضم رحمة ما بين 30.000 إلى 35.000 شخص كمتبرعين، ولكن منذ التحقيق، تم إغلاق أغلب الحسابات البنكية المملوكة للجمعية (أربعة من أصل خمسة) من قبل البنوك.
المخالفات المالية
ورغم أن صحيفة كورير النمساوية لم تذكر طبيعة الجرائم المالية والعقارية التي يشتبه الادعاء العام في تورط “رحمة النمسا” فيها، لكن علمنا أن الشبهات تدور حول جرائم احتيال وتهرب ضريبي، وسوء استغلال أموال التبرعات.
ووفق مصادر قضائية فإن التحقيقات جارية منذ عام في هذا الملف، بشكل منفصل عن التحقيقات الجارية في ملف الإخوان في النمسا، وثارت الشكوك في هذه الجرائم المالية أثناء مراجعة حسابات الجمعية في إطار قضية الإخوان.
وتابعت: “هناك على سبيل المثال، سوء استغلال لأموال التبرعات من قبل قائمين على الجمعية، في تمويل رحلات خاصة، وهناك مبلغ كبير من المال دخل حساب أحد المشتبه بهم، ولم يستطع هذا الشخص تقديم تبرير مقنع لمصدر الأموال”.
وأضافت: “هناك أيضا التفاف على نظام الرعاية الاجتماعية، حيث منحت الجمعية أموالا لأشخاص يحصلون على دعم مالي شهري من الحكومة”.
العلاقة مع الإخوان
وبخلاف ما تشتبه فيه السلطات النمساوية من علاقة بين “رحمة النمسا” وحركة حماس، فإن المنظمة التي ترفع لواء العمل الخيري، تدور في فلك شبكة الإخوان الإرهابية في الأراضي النمساوية.
ووفق دراسة عن شبكة الإخوان في النمسا أجراها الباحث الشهير لورينزو فيديو في عام ٢٠١٧، فإن رابطة الثقافة، أهم منظمة إخوانية في النمسا، تنظم فعاليات تصفها بـ«الخيرية» بالتعاون مع رحمة النمسا.
وتابعت أن رابطة الثقافة غالبًا ما تتعاون، جنبًا إلى جنب مع مجموعات أخرى، مع منظمة رحمة النمسا، وهي منظمة مقرها في فيينا وتشارك بشكل متكرر في “أنشطة جمع التبرعات لأوساط الإخوان في النمسا”.
ورصدت الدراسة وجود أيضا روابط شخصية بين رحمة النمسا، وشبكة الإخوان، حيث شغل سكرتير رحمة النمسا، أسامة عتيق، منصبًا مماثلاً في منظمات أخرى في شبكة الجماعة.