لبحث هدنة بثلاثة أشهر… انطلاق قمة جوار السودان في مصر
انطلقت في العاصمة المصرية القاهرة، اليوم الخميس، قمة إقليمية، في محاولة للتوسط بين الطرفين المتحاربين بالسودان، وهي أحدث المساعي الدولية الرامية لمنع اندلاع حرب أهلية وتفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد.
وفي بداية الجلسة الافتتاحية، قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إن “هذه القمة تنعقد في لحظة تاريخية فارقة”. داعيا إلى “وقف فوري للعمليات العسكرية في السودان”، بحسب موقع “اليوم السابع” المحلي.
ومنذ 12 أسبوعا يشهد السودان قتالا في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى بين الجيش بقيادة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان. وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ما خلف آلاف القتلى، معظمهم مدنيون. وأكثر من 3 ملايين نازح ولاجئ في دول الجوار، وفقا لوزارة الصحة والمنظمة الدولية للهجرة.
ومع انطلاق الجلسة التحضرية للقمة مساء الأربعاء، اكتفت وزارة الخارجية المصرية بوصف المشاركين، في بيان، بـ”كبار المسؤولين”، دون التطرق إلى الدول المشاركة ولا مستوى تمثيلها.
لكن مصادر دبلوماسية سودانية، طلبت عدم الكشف عن هويتها لكونها غير مخولة بالحديث للإعلام قالت. إن “القمة التي يستضيفها الرئيس المصري تُعقد بمشاركة كل من رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد”، الذي يدور خلاف بين بلاده ومصر بشأن بناء سد عملاق على النيل الأزرق.
والتقى أحمد الأربعاء بالرئيس المصري بعد أن أعلن الأسبوع الماضي عن تأجيل الملء الرابع للسد هذا الصيف وضمان حصول السودان ومصر على ما يكفي من المياه في خطوة تصالحية بعد سنوات من التوتر.
كما يشارك في القمة رئيس جمهورية جنوب السودان سلفاكير ميارديت” والرئيس الإريتري أسياس أفورقي، ورئيس المجلس الانتقالي في تشاد محمد إدريس ديبي، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، ورئيس جمهورية أفريقيا الوسطى فوستان آرشانج تواديرا”، بحسب المصادر.
وتوسطت الولايات المتحدة والسعودية في عدة اتفاقات لوقف إطلاق النار في السودان، لكنهما علقتا المحادثات بسبب انتهاكات من طرفي الصراع. واستضافت إثيوبيا في وقت سابق من الأسبوع الجاري قمة إقليمية لدول شرق أفريقيا لكن الجيش السوداني قاطعها متهما كينيا، الراعي الرئيسي، بالتحيز.
ودعت مصر، التي تربطها علاقات وثيقة بالجيش السوداني، دول جوار السودان لحضور قمة اليوم الخميس.
وقال مصدران أمنيان مصريان إن القمة تهدف إلى منع التدخل والتأثير الأجنبيين في القتال، وإطلاق عملية للتوصل إلى اتفاق سلمي لوقف القتال.
وأضاف المصدران أن تلك الخطة ستسعى للتوصل إلى هدنة مدتها ثلاثة أشهر وفتح مسارات للمساعدات الإنسانية من خلال سلسلة من الاجتماعات مع الزعماء العسكريين والقبليين.
ولم يلتزم الطرفان باتفاقات الهدنة السابقة التي كانت فتراتها ليوم واحد أو عدة أيام، ووصفها مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرتس بأنها فرص للقوات لإعادة الانتشار.
وبالإضافة إلى ممثلي دول جوار السودان السبع، أفادت المصادر أيضا بمشاركة كل من “رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط”.
ويجاور السودان 7 دول، هي مصر وليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا، كما يمتلك السودان حدودا بحرية مع المملكة العربية السعودية.
أما بالنسبة لطرفي النزاع في السودان، فقالت المصادر الدبلوماسية إن “نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي مالك عقار يشارك في القمة، قادما من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، فيما لم توجه القاهرة دعوة إلى قوات الدعم السريع للمشاركة”.
وبجانب عقار، يضم الوفد السوداني وزير الخارجية المُكلف على الصادق، بحسب صحيفة “السوداني”.
ولقي قرار عقد القمة ترحيبا من طرفي النزاع، إذ أكد وزير الخارجية السوداني المكلف علي الصادق، الأربعاء، أن بلاده تنظر “بإيجابية” لمبادرة الوساطة المصرية، لكنه حذر من صعوبة تحقيق أهدافها إذا شارك فيها آخرون من خارج المنطقة.
وأضاف الوزير في تصريحات لتلفزيون السودان تعليقا على القمة المرتقبة، “ننظر إليها بإيجابية ونتمنى تحقيق أهدافها وحل مشاكل السودان”.
وتابع “إذا كثرت أطراف المبادرة وتم إقحام آخرين من غير المنطقة فيها فمن الصعب تحقيق أهدافها”.
ومن جانبه، قال مستشار قوات الدعم السريع أحمد عابدين إنهم “يرحبون بأي جهد أو مسعى لإنهاء الأزمة الحالية في السودان، وقوات الدعم السريع ليس لديها موقف تجاه أي دولة، بما في ذلك مصر، ولا نريد للسودان عيشاً بعيداً عن محيطه الإقليمي ودول جوار، كما عاشها في أيام نظام الرئيس المعزول عمر البشير”.
واتهم عابدين عناصر النظام السابق بـ”العمل على إعادة البلاد لعزلتها قبل الثورة، ذات المجموعة، تتسبب في توتر وعدم استقرار في العلاقات مع مصر وبقية دول الجوار، إذ تحول السودان إلى حواضن إرهابية تنشط ضد بلدانها”.
وقال حاكم إقليم دارفور غربي السودان مني أركو مناوي، الخميس، إنه يتطلع أن تخرج قمة دول الجوار السوداني بالعاصمة المصرية القاهرة بخارطة طريق “تنهي الحرب في البلاد وتبعد الأطماع الدولية”.
وكتب مناوي في صفحته الرسمية على فيسبوك “يعلق الشعب السوداني آماله بقمة دول الجوار السوداني المنعقدة في القاهرة الآن”.
وأضاف “نتطلع الخروج منها (القمة) بخارطة الطريق التي تنهي الحرب وتبعد الأطماع لدولية وتمنع تقسيم السودان إلى دويلات”. وتابع “كما نتطلع أن تعطي الخارطة الأولوية للسودانيين لإدارة شؤون بلادهم”.
وفي 9 يوليو الجاري أعلنت الرئاسة المصرية في بيان، استضافة “مؤتمر قمة دول جوار السودان” الخميس، لبحث “سبل إنهاء الصراع الحالي، والتداعيات السلبية له على دول الجوار”.
وتناقش القمة “وضع آليات فاعلة بمشاركة دول الجوار، لتسوية الأزمة في السودان بصورة سلمية، بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية الأخرى لتسوية الأزمة”، وفق البيان ذاته آنذاك.
ولم تفلح جهود سعودية وأميركية وأفريقية في إقناع طرفي النزاع بوقف القتال، الذي انهارت خلاله هدنات عديدة وتسبب في أزمة إنسانية في إحدى أفقر دول العالم تنعكس تداعياتها على دول المنطقة، التي يعاني العديد منها صعوبات اقتصادية فاقمتها الأزمة السودانية.