المغرب العربي

لتدريب طياريها.. نيجيريا تعول على الخبرات العسكرية المغربية


قطع المغرب شوطا معتبرا في تطوير صناعة عسكرية محلية قللت اعتماده على الأسلحة الأجنبية، إضافة إلى امتلاك خبرات عسكرية جعلته شريكا مثاليا لدول المنطقة لتدريب قواتها، حيث أعلن قائد سلاح الجو النيجيري عن طلب بلاده، من المملكة تقديم خدمات تدريب الطيارين النيجيريين وصيانة الطائرات العسكرية النيجيرية.

 وأكد قائد القوات الجوية النيجيرية بعد محادثات جرت مع الملحق العسكري لسفارة المغرب في نيجيريا، أن هذا الطلب يأتي في إطار تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، حيث تهدف نيجيريا إلى تعزيز قدرات طياريها وصيانة طائراتها العسكرية، خاصة مع استحداثها لعدد من الطائرات بدون طيار في الآونة الأخيرة.

ويعتبر المغرب رائدًا في مجال تطوير وتصنيع الطائرات بدون طيار على المستوى القاري، مما يجعله شريكًا مثاليًا لنيجيريا في تدريب طياريها وصيانة طائراتها العسكرية. لاسيما مع مساعي نيامي لتوسيع التعاون العسكري بين البلدين، حيث تشهد العلاقات الثنائية تطورات إيجابية في مختلف القطاعات، بما في ذلك مجال الأمن والدفاع.

ونهج المغرب سياسة تنويع شركائه وأقدم على إبرام عدة صفقات، واشترى عتادا عسكريا متنوعا ضم طائرات مقاتلة وصواريخ، ورادارات، وكشفت العديد من التقارير الغربية أن القوات المسلحة الملكية المغربية عرفت تطورا مهما في العقد الأخير، كما ونوعا ونوعت مصادر عتادها العسكري. وهذا التسلح “ليس عبثيا”، بل هو استراتيجية قائمة بذاتها يعتمدها الجيش المغربي لتطوير قدراته العسكرية والدفاع عن أمنه القومي والتعاون مع دول أفريقيا ضد مخاطر الإرهاب المتنامي.

ويعد طيارو القوات المسلحة الملكية المغربية نموذجا حيا للكفاءة والتفاني في عالم الطيران العسكري، مما يجعلهم يتميزون بشكل لافت عن نظرائهم في القارة، ويرجع ذلك بالأساس إلى عدة عوامل رئيسية تجعلهم رمزًا للتدريب الجيد والاحترافية المتقدمة.

ويعزز التدريب المكثف والمتقدم، الذي يتلقاه عناصر القوات الملكية الجوية في قدرتهم على التعامل مع تحديات متنوعة في الجو، سواء كانت جوية أو مناخية، مما يجعلهم مستعدين للتحليق في ظروف صعبة ومعقدة، الشيء الذي يضمن تنفيذ المهام بكفاءة عالية ودقة متناهية.
ويستفيد طيارو القوات المسلحة الملكية المغربية من تقنيات حديثة في مجال الطيران، مثل أنظمة الملاحة الذكية والأجهزة الإلكترونية المتطورة، مما يساعدهم على تحقيق أقصى استفادة من الطائرات وتحسين فعالية العمليات الجوية.

ومن جهتها، استقبلت نيجيريا مؤخرًا ثلاث مقاتلات من طراز جي إف 17 من باكستان، التي تُعتبر من أفضل الطائرات الحربية الخفيفة والمتطورة في العالم، مما يتطلب تقديم خدمات صيانة عالية المستوى لهذه الطائرات، لذلك تعول على الخبرات المغربية في هذا المجال.

ويشكل تفاعل طياري القوات المسلحة الملكية المغربية في التدريبات والمناورات الدولية، دفعة قوية، تغذي الخبرة والكفاءة التي يتمتعون بها، مما يعزز مكانة المغرب كدولة تمتلك قدرات عسكرية جوية متقدمة، وتتبوأ موقعا مهما في المشهد العسكري الدولي.

ونظرا لهذه الإمكانيات والخبرات يعتبر طيارو القوات المسلحة الملكية المغربية عنصرا أساسيا في تحقيق الأمن والاستقرار والتطور الوطني، ويعتبرون أحد أهم أصول الدفاع والأمن في المملكة، مؤكدين بذلك دورهم الحيوي في تأمين الحدود وحماية السيادة الوطنية ودعم العمليات الإنسانية والإغاثية عند الضرورة، الأمر الذي يجعل خبرتهم محط طلب دولي وهو ما تجلى في رغبة القوات الجوية النيجيرية في الاستفادة من الخبرة المغربية في هذا المجال.

ويأتي التعاون العسكري بين الرباط وأبوجا امتدادا لتعاون أكبر وأشمل في كافة المجالات أبرزها مشروع خط أنبوب الغاز النيجيري-المغربي الذي يندرج في سياق جيوسياسي يطغى عليه طلب دولي قوي على الغاز والنفط وارتفاع في الأسعار على أثر الهجوم الروسي على أوكرانيا.

ويساهم اتساع نطاق الشراكات (الاقتصادية والعسكرية) مع نيجيريا في دفع الأخيرة إلى التوقف عن دعم جبهة بوليساريو الانفصالية، إذ أن أبوجا انتقلت من التماهي في المواقف مع جنوب افريقيا والجزائر بشأن قضية النزاع في الصحراء إلى موقف محايد، ما يعتبر مكسبا دبلوماسيا للمغرب.

ومن المتوقع أن تسحب نيجيريا الاعتراف بالجبهة الانفصالية حفاظا على مصالحها القومية التي أصبحت مرتبطة أكثر مع شريكها المغرب، في الوقت الذي كانت إلى وقت قريب شريكا مهما للجزائر، والتي يبدو أن مشروع أنبوبها مع نيجيريا يواجه تحديات كبيرة في التمويل، إضافة إلى التعقيدات الأمنية المرتبطة بنشاط الجماعات المسلحة على طول المناطق التي تفصل بين البلدين.

ويبلغ طول مشروع أنبوب غاز نيجيريا – المغرب 6000 كيلومتر، ويمر عبر 13 دولة إفريقية على طول ساحل المحيط الأطلسي ويفترض أن يمد دولا غير ساحلية هي النيجر وبوركينا فاسو ومالي.

ويتيح المشروع نقل أكثر من 5000 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى المغرب. وبالتالي سيتم ربطه مباشرة بخط أنابيب المغرب-أوروبا وشبكة الغاز الأوروبية.

وصف العاهل المغربي الملك محمد السادس أنبوب الغاز المنتظر أن يربط نيجيريا بالمغرب مرورا بعدد من دول غرب أفريقيا بأنه “أكثر من مشروع ثنائي بين بلدين شقيقين”، قائلا إنه يريده “مشروعا إستراتيجيا لفائدة منطقة غرب أفريقيا كلها”.

وفي خطاب إلى الشعب المغربي بمناسبة الذكرى 47 للمسيرة الخضراء، التي استعاد فيها المغرب إقليم الصحراء المغربية من الاستعمار الإسباني في عام 1975، قال الملك محمد السادس إن المشروع يوفر “فرصا وضمانات في مجال أمن الطاقة والتنمية الاقتصادية والصناعية والاجتماعية بالنسبة لدول المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا، إضافة إلى موريتانيا والمغرب”.

وأضاف عن المشروع الذي وقع المغرب ونيجيريا على إطاره التعاقدي في كانون الأول/ديسمبر 2016 “إنه مشروع من أجل السلام والاندماج الاقتصادي الأفريقي والتنمية المشتركة، مشروع من أجل الحاضر والأجيال القادمة”. وقال إن المغرب منفتح “على جميع أشكال الشراكة المفيدة من أجل إنجاز هذا المشروع الأفريقي الكبير”.

وأكد “حرص المغرب على مواصلة العمل، بشكل وثيق مع أشقائنا في نيجيريا، ومع جميع الشركاء، بكل شفافية ومسؤولية، من أجل تنزيله، في أقرب الآجال”.

وكشف المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن أن السنة الجارية 2024 ستعرف “تأسيس” الشركة المسؤولة عن تنسيق التمويل والبناء والعمليات الخاصة بمشروع أنبوب الغاز النيجيري المغربي.

وأضاف المكتب، أن رأسمال هذه الشركة المرتقبة سيكون مفتوحا للمستثمرين، سواء تعلق الأمر بـ”الصناديق السيادية، بنوك التنمية، البنوك التجارية، شركات النفط العالمية”. وبيّن أن هذا المشروع “قطع أشواطا مهمة على مسار تنفيذه، حيث تم مؤخرا إتمام الدراسات التفصيلية؛ فيما تتواصل التقييمات الميدانية ودراسة الأثر البيئي والاجتماعي سيرورتها كما هو مجدول”.

وفق المؤسسة، فإن “جميع الأطراف تنوّه بالتقدم المحرز في هذا المشروع الاستراتيجي، الذي يحظى بدعم جميع الدول التي يعبرها”، مشيرة إلى أن “هذه البنية التحتية ستمكن أيضا من إمداد الدول غير الساحلية بالغاز؛ مثل النيجر وبوركينا فاسو ومالي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى