ماكرون يبحث عن الإنقاذ داخل بلاد الفقر
وسط آمال تبحث عن منقذ من شبح الجوع حطت أقدام رئيس ثاني أكبر اقتصاد أوروبي في أكثر دول أفريقيا والعالم فقرا.
ومنذ الإثنين يقوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بأول جولة خارجية له منذ إعادة انتخابه رئيساً للبلاد قبل 3 أشهر. قادته إلى الكاميرون ثم غينيا بيساو قبل أن يختمها بالبنين.
وتعتبر هذه الدول الأفريقية الثلاث من أكثر الدول الفقيرة في أفريقيا والعالم. الأمر الذي فتح نقاشاً في الإعلام الفرنسي والمحلي بهذه الدول عن إمكانية بحث الرئيس الفرنسي خطط إنقاذ لها من الفقر الذي يزداد سنوياً بها.
وتؤكد مختلف التقارير والدراسات الأمنية وحتى خطابات قادة كثير من دول العالم في المحافل الدولية. أن الفقر يعد أحد العوامل التي تستغلها الجماعات الإرهابية في استقطاب مجندين في صفوفها. وهو ما يفسر إلى حد ما تنامي الظاهرة الإرهابية بمنطقة الساحل والصحراء وغرب أفريقيا ومناطق أخرى لا تقل فقرا من القارة السمراء.
وأبرز المؤشرات عن الفقر ومستوى المعيشة في الكاميرون وغينيا بيساو والبنين، استنادا إلى أرقام حديثة من البنك الدولي.
الكاميرون
آخر تقرير للبنك الدولي صدر في 19 أبريل الماضي. أشار إلى أن نسبة الفقر بين سكان دولة الكاميرون بلغ 56%، معظمهم في المناطق الشمالية.
وكشف عن ارتفاع نسبة الفقراء بنسبة 12% خلال الفترة من 2007 إلى 2014، ووصل حينها إلى 8.1 مليون نسمة.
غينيا بيساو
أما غينيا بيساو فتعد “أفقر بلد” من الدول التي يزورها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وذكر تقرير للبنك الدولي في 2019، أن نسبة الفقر بهذا البلد وصلت إلى 62%.
ويعيش 62% من سكان غينيا بأقل من دولارين يومياً وفق تقارير سابقة للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي.
بنين
جمهورية البنين ذات المساحة الجغرافية الصغيرة وعدد السكان الكبير الذي يفوق 12 مليون نسمة، وصل معدل الفقر بها إلى 38.5%، وفق تقرير للبنك الدولي صدر في 5 مايو/أيار الماضي.
الذكاء الاقتصادي
ووسط هذه الأرقام والمؤشرات المرعبة عن مستوى الفقر بهذه الدول الأفريقية الثلاث، قدم الخبير الاقتصادي الجزائري الدكتور محمد حميدوش قراءة لاحتمالات حمل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خططا أو برامج لإنقاذ هذه الدول من اتساع رقعة الفقر بها.
عاد من خلاله إلى “العصر الذهبي” للاقتصاد الفرنسي قبل تراجعه في العقد الأخير، مستبعدا في الوقت ذاته قدرة باريس الحالية على مساعدة هذه الدول الفقيرة على الأقل بـ”اقتصادها المتعثر” كما قال.
وأوضح أن “فرنسا في ثمانينيات القرن الماضي كانت تعتمد على ما يسمى الذكاء الاقتصادي، حيث كانت تُستعمل مختلف الآليات.
وأضاف أنه “خلال الثمانينيات والتسعينيات اتضح أن العديد من الصفقات في الكثير من الدول الأفريقية كانت في الدائرة الفرنسية أو فيما يسمى أفريقيا الفرانكوفونية وبقيت تعتمد عليها حتى لا تفقد صفقات في أفريقيا”.
لكنه عاد ليقول أن هذه الاستراتيجية الاقتصادية انتهت مع عام 2010، وأشار إلى أنه بعد هذه الفترة “رغم أن أفريقيا حاولت الخروج من المديونية والفقر من خلال مبادراتها مع الدول الغنية الـ7 لكن اتضح أن الموارد الطبيعية هي العنصر الوحيد الممول لاقتصاديات أفريقيا”.
وتابع قائلا: “الآن تبقى أمريكا هي التي تهتم بالمناقصات الدولية، ونلاحظ أن دخول الصين إلى أفريقيا اهتم بالدرجة الأولى بالأراضي الزراعية وتعتبرها مصدر تمويل غذائي لأفريقيا بعدما كانت محورا تجارياً، وأيضا الآن دخول روسيا في ذات الاستراتيجية”.
وأشار إلى أن “أفريقيا التي تملك موارد أولية تبحث عن تواجد من أجل توسيع نطاق الموارد الأولية كهامش مناورة، وبالتالي فإن فرنسا أدركت منذ نحو 5 أعوام أن نفوذها وسيطرتها بعد في الخروج من نطاقها”.
كما لفت أيضا إلى وجود آلية تمويل التنمية في هذه البلدان على رأسها الصين “التي دعمت بعض الدول الأفريقية بقروض غير تجارية ومنها ذات طابع تعاوني، والآن فرنسا تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه مع هذه الدول الأفريقية”.
تمويل المشاريع
وعن فرص إنقاذ فرنسا لهذه الدول من شبح الفقر والمديونية أشار أستاذ العلوم الاقتصادية بجامعة الجزائر إلى أن “هذه الدول الأفريقية طالما أنها تملك مديونية وهي أمام استحقاقات، فإن فرنسا تلجأ إلى الوكالة الفرنسية للتنمية والتي تتفاوض مع هذه الدول قبل زيارة الرئيس ماكرون، وبالتالي فهذه الدول مع الدوائر الوزارية تقترح مشاريع، ومن خلال هذه الوكالة تمويل هذه المشاريع”.
وأوضح أنه “من جهة إغراق هذه الدول في دوامة المديونية حتى تصبح لا مفر لها من فرنسا، والشيء الثاني تثمين الدين بالدين، وهناك مؤسسات مالية تقدم هذه القروض”.