اخترنا لكم

متى يمكن للقضية أن تحل..؟ فالحروب مؤلمة وقاسية

د.علي الخشيبان


الأزمة الأخيرة التي حدثت بين إسرائيل و”حماس” تحديداً لم تكن هي الأولى من نوعها.

 ولكنها مسار متكرر يحدث بين الفينة والأخرى، ولعل ما يصعّد من الأزمة ويزيد من قسوتها أنها لا تحدث كصراع تقليدي تلتقي فيه الجيوش، مثل هذه الأزمة تحدث فوق رؤوس المدنيين، فقطاع غزة منطقة محاصرة يعيش فيها أكثر من مليوني فلسطيني كلهم أهلنا ونشعر بهم ونرغب في ألا يزج بهم في أتون الصراعات وأن يكونوا هم المادة التي تشعل فيها الحرب، نحن نعلم أن أهلنا في غزة تحاصرهم المجاعة، ولكننا ندرك أن من يدفعهم لذلك هم أقوى من أن يتم الوقوف ضدهم أو مساءلتهم، في غزة أبناء فلسطين ونحن نتعاطف معهم وهم يحاربون الحصار والفقر والجوع، فلماذا هم يدفعون ثمناً باهظاً ويقادون خلف شعارات تؤدي بهم إلى تلك الحالة.

لقد كان منظر الآباء مقلقاً في غزة وهم يغطون أجساد أطفالهم خوفاً عليهم، فخيارات الحياة لم تعد كثيرة في ظل صراعات تجعل من الفقر رعباً ومن الموت رعباً ومن الخوف رعباً ومن الحياة رعباً، لا أحد يريد لأبناء فلسطين هذه الحالة، وهنا يأتي السؤال لماذا أصبحت القضية الفلسطينية مسرحاً للغرباء يعبثون بدماء أهلها ثم بماذا خرجنا من الصراع المتكرر الذي كلما انتهينا منه لا يبقى منه سوى عدد القتلى والجرحى والمنازل المهدمة، وفي الختام دائماً يعود ذات السؤال مَن الكاسب ومَن الخاسر؟!

الجميع يدرك أنها القضية الأهم في الشرق الأوسط، ولكن الأهم من ذلك أن نفكر جدياً في ألا نضع الشعب الفلسطيني تحت مسار الانقراض المتعمد، فالأعداء يتمنون ذلك ويتمنون أن تموت فلسطين، ولكن علينا كعرب أن نفكر جدياً في أن نُبقي الشعب الفلسطيني حياً موجوداً يبحث عن حقوقه المشروعة عبر استخدام القانون الدولي والضغط السياسي، والبحث عن السلام في مشروعات السلام، كل ما يجب أن نبحث عنه ونستعطف به العالم ليس دماء أبناء غزة أو الضفة، إنما يجب أن نستعطف العالم بحقوقنا المشروعة، وأن نمارس صراعاً سياسياً لا نفرط فيه بقطرة دم واحدة، ولا نترك فرصة لإسرائيل وداعميها لاستعراض القوة فوق أجساد أبناء فلسطين.

التعاطف مع أطفال غزة هو ذات التعاطف مع كل إنسان يفقد حياته مهما كان لونه أو جنسه، فالحرب مؤلمة ونتائجها غير متوقعة والأقوياء يستهلكون قوتهم في الضعفاء لأنهم يشعرون بالخطر، وهكذا هي كل الحروب التي شهدتها البشرية، في القضية الفلسطينية كم من الحروب التي خاضها العرب والإنجاز الوحيد الذي تحقق في الواقع هو عدد القتلى والسجناء والمأسورون وهكذا هو الطرف الآخر، ولكنه مختلف عن العرب، فالعالم القوي يقف خلف إسرائيل، ولكنه في الوقت ذاته يؤمن بحقوق العرب في فلسطين، فلماذا لا نجرب السلام وندفع نحو تحقيقه بجدية ولو مرة واحدة في تاريخينا؟ لماذا لا ندفع في الاتجاه الصحيح عبر البحث عن المبادرات السياسية التي تمنحنا الأرض والسلام؟

لنجرب السلام ونثبت للعالم أننا جديرون به بدلاً من أن تكون قضية فلسطين مسرحاً لكل من يريد أن يثير عواطفنا، وليت ذلك يحدث عبر تحقيق الانتصارات الفعلية، ولكن عواطفنا تمزقها دماء الأطفال هنا وهناك والمنازل المهدمة بقوة الطائرات والصواريخ، قضية فلسطين يجب ألا تكون معروضة للبيع، خصوصاً أولئك الذين يأتون من خارج العالم العربي، فلسطين قضية عربية وسوف تظل كذلك وأي تفكير غير عقلاني في مسار القضية سيؤدي إلى ذات النتيجة مهما تكررت الأزمات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى