مجموعة السبع تدعو إلى الهدوء.. هل سيسهم ذلك في كبح التصعيد العالمي؟

في ظل تصاعد أعمال العنف في السودان مع دخول الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عامها الثالث، أطلقت مجموعة الدول السبع الكبرى نداء لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار. محاولة كبح جماح التصعيد العسكري الذي بات يهدد استقرار الإقليم بأكمله.
-
الأوضاع الصحية في السودان تتفاقم وأطفال يدفعون الثمن
-
أسباب لتصنيف الإخوان في السودان “جماعة إرهابية”
دعوة لم تسمع بعد
في بيان مشترك، طالبت كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبريطانيا والولايات المتحدة، إلى جانب ممثلة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، بوقف شامل للأعمال القتالية. ودعت المجموعة الطرفين للانخراط في مفاوضات “جادة وبناءة”. منددة بما وصفته بـ”الفظائع والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان” التي يشهدها السودان يوميًا، خاصة ضد النساء والأطفال.
لكن الواقع الميداني، حتى الآن، لا يعكس أي تجاوب ملموس من طرفي النزاع. حيث تتواصل الاشتباكات في العاصمة الخرطوم ومحيطها، وفي مناطق مثل دارفور وكردفان، وسط تقارير عن تحركات ميدانية كثيفة من جانب قوات الدعم السريع وسيطرة متقطعة على مواقع استراتيجية.
-
أطباء بلا حدود توثق موجة العنف التي تعرض لها السودانيون
-
رغم الهدنة.. استمرار الاشتباكات في السودان وتفاقُم الأزمة الإنسانية
الوضع الإنساني.. الأسوأ عالميًا
وصفت مجموعة السبع الأزمة السودانية بأنها “أكبر كارثة إنسانية في العالم حاليًا”. أكثر من 8 ملايين نازح، ونصف السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بحسب تقديرات أممية.
الهجمات على مخيمات النازحين، واستهداف العاملين في المجال الإنساني. فاقم من حجم المأساة، ما دفع المجموعة إلى المطالبة بتسهيل وصول المساعدات وضمان حماية العاملين في هذا المجال.
البيان أشار بوضوح إلى استخدام “التجويع كسلاح حرب”، وهو ما يعيد إلى الأذهان صور الحصار والدمار في مناطق النزاع. كما جدد وزراء الخارجية تمسكهم بسيادة السودان ووحدة أراضيه في رسالة ضمنية إلى القوى الإقليمية التي يعتقد أنها تلعب أدوارًا خفية في تأجيج الصراع.
-
مقترح أمريكي جديد في السودان: إدارة بايدن تحاول التوصل إلى حل قبل فوات الأوان
-
السودان.. العنف والنقص الحادّ في الغذاء أجبر 6.3 مليون على الفرار من ديارهم
الدور الخارجي.. رسائل تحذير
أحد أخطر أبعاد الصراع في السودان يكمن في التدخلات الخارجية. حيث وجهت مجموعة السبع تحذيرًا مباشرًا إلى كل من يدعم طرفًا على حساب الآخر، داعية إلى “وقف أي دعم خارجي من شأنه تأجيج النزاع”.
ويشير هذا إلى تورط قوى إقليمية تسعى لفرض نفوذها عبر دعم ميليشيات أو تسليح أطراف النزاع بشكل غير مباشر.
في المقابل، تبدو الوساطات الإقليمية والدولية في حالة من الجمود. حيث فشلت جولات التفاوض السابقة، سواء في جدة أو أديس أبابا، في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.
-
الإمارات والسودان: جهود سياسية وإنسانية مستمرة لإنهاء الأزمة
-
الجوع والنزوح والحرب: مثلث الموت الذي يحاصر دارفور
ما بعد الدعوة.. أفق الحل السياسي؟
على الرغم من اللهجة الحازمة في بيان مجموعة السبع، إلا أن نجاح أي مبادرة لوقف إطلاق النار يبقى رهينًا بتوافر الإرادة السياسية لدى طرفي الصراع. وكذلك التزام الفاعلين الإقليميين والدوليين بوقف تمويل وتأجيج الحرب.
الرهان الحقيقي لا يكمن فقط في البيانات الدولية، بل في ترجمتها إلى إجراءات عملية. تشمل الضغط السياسي والاقتصادي، وتقديم ضمانات للمساءلة. ومرافقة المفاوضات بخطوات تضمن العدالة الانتقالية وإعادة الإعمار.
ويقول الباحث السياسي السوداني محمد إلياس: إن البيان خطوة إيجابية. لكنه لا يحمل جديدًا فعليًا على مستوى أدوات الضغط.
-
الكارثة الصامتة في السودان.. ملايين الأطفال في خطر
-
صدمة أممية: أزمة إنسانية غير مسبوقة تهدد الملايين في السودان
المشكلة ليست في غياب الإدانات، بل في غياب التحرك الدولي الملزم .الذي يمكن أن يحدث فرقًا في ميدان القتال، وحتى الآن لا يبدو أن طرفي النزاع مستعدان فعليًا للجلوس إلى طاولة مفاوضات حقيقية، فكل منهما يراهن على الحسم العسكري. خصوصًا بعد المكاسب الميدانية الأخيرة لقوات الدعم السريع في بعض المناطق.
ويضيف إلياس أن ما يحدث في دارفور والخرطوم كارثة إنسانية لا تُغتفر. المدنيون هم ضحايا الحرب. والبيئة الحالية لا تسمح حتى بعمل المنظمات الإنسانية بحرية. هناك حاجة لممرات آمنة وضمانات دولية، والدعوة لوقف الدعم الخارجي مهمة لكنها متأخرة. هناك أطراف إقليمية تلعب أدوارًا خفية، ودون تسميتها ومحاسبتها، سيبقى البيان بلا أسنان.
-
جرائم مروعة في الخرطوم.. الجيش السوداني متهم بتنفيذ إعدامات ميدانية
-
السودان في العزلة: كيف ساهم الإخوان في تهميش السياسة الخارجية؟
-
من تدمير البنية التحتية إلى تهريب الأسلحة: قراءة في تزييف الجيش السوداني للحقائق