الشرق الأوسط

مسيّرات حزب الله تثير هلع في إسرائيل.. لماذا؟


في تصعيد ملحوظ للصراع الدائر بين حزب الله وإسرائيل، تشكل المسيّرات أداة استراتيجية رئيسية في يد الحزب لتعزيز قدراته العسكرية وإحداث خلل في ميزان القوى الجوية، هذه الطائرات من دون طيار، التي باتت حجر الزاوية في الهجمات الجوية لحزب الله، تتفوق ليس فقط بقدرتها على تنفيذ ضربات دقيقة، بل بقدرتها على الإفلات من أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية المتطورة، بما في ذلك “القبة الحديدية”.

 ويأتي هذا التغير في توازن القوى في ظل عدم قدرة إسرائيل على اعتراض الكم الهائل من المسيّرات التي يتم إطلاقها منذ بدء الحرب، مما يشكل تحدياً أمنياً غير مسبوق.

 الأهم من ذلك، أن الطائرات المسيّرة لا تحمل فقط سلاحاً هجوميًا، بل تستخدم أيضًا لأغراض استخباراتية واستطلاعية، مما يمنح حزب الله القدرة على التحضير لهجمات دقيقة على أهداف استراتيجية إسرائيلية، منها مقرات عسكرية ومواقع حساسة، في ظل هذا التطور، تحاول إسرائيل تطوير أنظمة دفاعية جديدة لمجابهة هذه التهديدات، لكن حتى اللحظة، تبدو فعالية هذه الأنظمة غير كافية لردع الخطر المتزايد. فهل باتت السماء ملعبًا جديدًا لحزب الله؟

من جنوب لبنان إلى عمق تل أبيب

يشهد الصراع المستمر بين حزب الله وإسرائيل استخدامًا مكثفًا للمسيّرات من قبل الحزب اللبناني، إذ أظهرت هذه الطائرات قدرتها الكبيرة على التحايل على أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية. 

في الوقت الذي أثبتت فيه صواريخ القبة الحديدية كفاءة في اعتراض عدد من الصواريخ الموجهة، يبقى تهديد الطائرات المسيرة مصدر قلق كبير لإسرائيل، حيث تتسلل بعضها إلى عمق الأراضي الإسرائيلية دون أن يتم رصدها، وأحيانا تصل إلى مشارف تل أبيب.

منذ منتصف سبتمبر وحتى نهاية أكتوبر، أطلق حزب الله أكثر من 170 طائرة مسيّرة من مختلف الأحجام والمهام، بعضها وصل إلى مدى 145 كيلومترًا داخل الأراضي الإسرائيلية، بما في ذلك الضواحي الجنوبية لتل أبيب.

 وقد أثبتت هذه المسيّرات فعاليتها ليس فقط من خلال قدرتها على ضرب الأهداف، ولكن أيضًا بفضل تكنولوجيتها التي تجعل من الصعب اكتشافها بواسطة الرادارات الإسرائيلية.

أنواع المسيّرات ومهامها 

تشير التقارير العسكرية إلى أن حزب الله يمتلك ثلاثة أنواع رئيسية من المسيّرات: 

1. *الطائرات الاستطلاعية (الهدهد):* وهي طائرات صغيرة الحجم، يصل طولها إلى 3.5 متر وعرضها إلى 5 أمتار، قادرة على التحليق لمسافات تصل إلى 100 كيلومتر، تتميز بقدرتها على المناورة والتحليق على ارتفاعات منخفضة، وتستخدم لتصوير المواقع العسكرية الإسرائيلية وبث المعلومات مباشرة إلى غرفة التحكم في لبنان.

التكنولوجيا المستخدمة في المسيّرات التي يمتلكها حزب الله تأتي في مقدمتها الطائرات من نوع “هدهد”، وهي طائرات استطلاعية صغيرة الحجم تتميز بقدرتها على الطيران بسرعات منخفضة، ما يجعلها صعبة الرصد.

كما أنها مزودة بكاميرات تصوير عالية الدقة ونظم بث مباشر تجعلها أداة فعالة في جمع المعلومات عن مواقع الأهداف الإسرائيلية.

2. *الطائرات الانقضاضية (شاهد):* هذه الطائرات مزودة بمحرك نفاث، وتستطيع حمل ما بين 30 إلى 40 كيلوغرامًا من المتفجرات. تمتاز بقدرتها على التحليق البطيء مما يسهل التحكم بها وتوجيهها نحو الأهداف بدقة.

وتشكل الطائرات الانقضاضية مثل “شاهد 101″ و”شاهد 136” تهديدًا من نوع خاص، حيث تصنع من مواد غير معدنية يصعب اكتشافها عبر الرادار، وهي قادرة على تنفيذ عمليات معقدة تشمل توجيه ضربات دقيقة إلى أهداف متعددة.

3. *الطائرات القاذفة:* تُعتبر هذه الطائرات سلاحًا مركبًا، إذ إنها قادرة على حمل صواريخ وإطلاقها قبل العودة إلى قاعدتها أو الانقضاض مباشرة على الهدف لإحداث انفجار مدمر. 

التحديات أمام الدفاعات الإسرائيلية

رغم المحاولات المتكررة من قبل الجيش الإسرائيلي لاعتراض هذه الطائرات، إلا أن التقنية المتقدمة التي تتمتع بها المسيّرات تجعل مهمة اعتراضها صعبة للغاية.

وكانت صحيفة «يديعوت أحرونوت» ذكرت هذا الأسبوع، أن كثيراً من الطائرات من دون طيار، خصوصاً تلك المخصصة لجمع المعلومات الاستخبارية، تمكنت من الوصول إلى حيفا دون عوائق، بل ووصلت أبعد من ذلك، دون أن ترصدها على الإطلاق أنظمة الإنذار خلال عبورها من لبنان.

 وأشارت الصحيفة إلى أن سلاح الجو الإسرائيلي لم يحاول اعتراضها.

وتتوقع مراكز أبحاث إسرائيلية أن تكون «الهدهد»، التي استُخدمت أخيراً لرصد مواقع في إسرائيل، هي من الجيل الأحدث، وهي مسيّرة كهربائية، ولا تتضمن بصمة حرارية أو صوتية، وتبلغ سرعتها القصوى 70 كيلومتراً في الساعة، ولها القدرة على الإقلاع والهبوط العمودي دون الحاجة إلى مدرج، وتتميز بتقنيات تصوير عالية الجودة، مع قدرة البث المباشر للصور، ويصعب اكتشافها وتتبعها نظراً إلى صغر حجمها وقصر موجاتها الرادارية.

ووفقًا لتقارير إسرائيلية، فإن إحدى المسيّرات تمكنت من إصابة ثكنة عسكرية للواء غولاني في حيفا؛ مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، كما نُفذت محاولة لاستهداف منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو ما يؤكد فعالية هذا السلاح وقدرته على تحقيق أهداف دقيقة دون اعتراض.

عجز القبة الحديدية 

من جانبه، أكد اللواء محمد عبد الواحد، الخبير العسكري، أن الطائرات المسيّرة أصبحت اليوم من أهم الأسلحة وأكثرها فاعلية في الحروب الحديثة. مشيراً إلى أن هذا النوع من السلاح ليس محصوراً فقط في النزاع بين إسرائيل وحزب الله.بل يمتد تأثيره إلى ساحات أخرى مثل الحرب الروسية الأوكرانية.

وأضاف اللواء عبد الواحد رغم التفوق العسكري الإسرائيلي على مستوى الأسلحة التقليدية، إلا أن إسرائيل ما تزال تواجه صعوبة كبيرة في التعامل مع تهديد مسيّرات حزب الله. التي باتت تشكل تحدياً استراتيجياً غير مسبوق.

 وقال: إن نظام الدفاع الإسرائيلي “القبة الحديدية”. الذي كان يُعتبر حلاً فعالاً ضد الصواريخ قصيرة المدى، أصبح مثقلاً بأعباء إضافية بسبب تكاليف إسقاط المسيّرات.

 ويضطر النظام لاستخدام صواريخ باهظة الثمن لإسقاط طائرات مسيّرة يمكن تصنيعها بتكلفة زهيدة. وأكد اللواء عبد الواحد أن إسرائيل. لجأت في بعض الأحيان إلى استخدام طائرات مقاتلة من طراز إف-16 لتنفيذ الهجمات على المسيّرات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى