مطالبات لبريطانيا بانهاء ترددها في الاعتراف بمغربية الصحراء
يشجع تزايد اعتراف الدول بالصحراء المغربية دول أخرى أو سياسيين غربيين على المطالبة باتخاذ خطوة مماثلة، نظرا لأن هذا الاعتراف يتوافق أولا مع الحقوق المشروعة والقانون الدولي، ثم مع مصالح هذه الدول الحيوية مع المغرب الذي يعتبر بوابة أفريقيا وشريكا مهما للانفتاح على المنطقة.
ومن المتوقع أن تخطو لندن باتجاه إنهاء حالة الحياد من ملف النزاع المفتعل في الصحراء ودعم مقترح الحكم الذاتي وسيادة المغرب على صحرائه، إذ أن مصالحها الاستراتيجية تقتضي تقوية العلاقات مع الرباط وهو ما يؤكده ارتفاع الأصوات المطالبة بهذا القرار في أروقة الحكومة.
ويعتبر الموقع الاستراتيجي واستقرار المغرب والنهضة والتنمية فيه عوامل تجعل منه شريكا ثمينا في منطقة يطبعها اللايقين. كما أن التزام المغرب في مكافحة التهديدات الإقليمية، فضلا عن نموه الاقتصادي ووزنه القاري يتيح فرصا عديدة للحكومة والمقاولات البريطانية.
ودعا عضو مجلس اللوردات البريطاني دانيال هانان إلى الاعتراف بـ”سيادة المغرب الكاملة” على صحرائه وتعزيز العلاقات التجارية بين المملكتين. وكتب في مقال نشرته صحيفة ذا ديلي تلغراف السبت “لا يجب أن نلغي الرسوم الجمركية فحسب، بل يتعين أن ننشئ ممرا رقميا بين طنجة وموانئنا لتقليل المعاملات الورقية وتسهيل الاستثمارات ونسهر على أن تعترف سياستنا التجارية بشكل كامل بسيادة المغرب على الصحراء”. وأعرب عن انبهاره الشديد بالمواقع الصناعية المغربية خلال الزيارة التي قام بها إلى المملكة الأسبوع الماضي.
ويعد التقارب مع المغرب أمرا حيويا بالنسبة لبريطانيا، خاصة بعد توقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية بين الرباط ولندن عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث تعول بريطانيا على المغرب في تعويض المبادلات التجارية مع الاتحاد الأوروبي والحصول على حاجياتها، خاصة من المنتوجات الفلاحية.
وأشار اللورد هانان وهو أيضا رئيس معهد التجارة الحرة إلى أن ميناء طنجة المتوسط ”هو الأكبر ليس في إفريقيا فحسب، بل أيضا في البحر الأبيض المتوسط”، مسجلا أن “صناعة ضخمة لصناعة السيارات تطورت حول هذه البنية التحتية”.
وأضاف أنه على مدى السنوات العشرين الماضية، تم تطوير مركز للطيران في الدار البيضاء علاوة على ربط المدن الرئيسية في البلاد بقطارات فائقة السرعة، معتبرا أن “عددا قليلا من البلدان تتمتع بموقع جيد لإنتاج طاقة الرياح والطاقة الشمسية ومنتجها الثانوي الهيدروجين الأخضر”.
ووضعت لندن خطة لمد كابل تحت سطح البحر لنقل طاقة متجددة من المغرب باعتباره مشروعا “له أهمية وطنية” بعدما تم توفير التمويلات اللازمة لتنفيذه، ما يعني أن العلاقات الثنائية بين الطرفين ستكون متينة على أكثر من صعيد.
وأكد اللورد هانان أن المغرب اتخذ القرار الاستراتيجي لتنويع اقتصاده، مشيرا في هذا الصدد إلى أن معهد التجارة الحرة طرح سلسلة من الاقتراحات لتحرير التجارة بين المملكتين. وأوضح النائب الأوروبي السابق أنه من شأن مثل هذه السياسة أن تسمح للمملكة المتحدة بالاستفادة الكاملة من الفرص التي يتيحها البريكست.
ومنذ خروجها من الاتحاد الأوروبي، شهدت علاقات بريطانيا مع المغرب تطورا كبيرا على كافة المستويات، خاصة على المستوى الاقتصادي والتجاري؛ فقد حققت المبادلات التجارية بين البلدين أرقاما قياسية مدعومة برغبة كلا البلدين في تطوير شراكاتهما لتشمل مختلف القطاعات والمجالات الحيوية على غرار قطاع الطاقة.
يذكر أن النائب البريطاني ليام فوكس دعا هو الآخر المملكة المتحدة إلى تقديم دعمها الكامل للمغرب وأن تعترف بسيادته على الصحراء. وبعث رسالة إلى وزير الشؤون الخارجية، ديفيد كاميرون، أكد فيها على ضرورة اتخاذ “موقف أكثر فاعلية ودعما من قبل المملكة المتحدة” بشأن قضية الصحراء المغربية.
وقال النائب المحافظ في هذه الرسالة إن موقفا أكثر فاعلية ودعما من قبل المملكة المتحدة تجاه المبادرة المغربية للحكم الذاتي أساسي ليس للعلاقات الدبلوماسية فحسب، بل أيضا من أجل السلام والتعاون الدولي.
وذكر النائب البريطاني بأن “المغرب أظهر دائما أنه فاعل محوري وحليف للمملكة المتحدة، خصوصا في المجالات ذات الاهتمام المشترك مثل الأمن التجارة والدبلوماسية”.
وعينت الحكومة البريطانية مؤخرا مبعوثا تجاريا لها في المغرب، تزامنا مع بلوغ حجم التبادل التجاري بين البلدين أكثر من أربعة مليارات دولار عند متم النصف الأول من السنة الجارية.
ونقلت وسائل إعلام بريطانية أن لندن تتطلع إلى توقيع اتفاق تجاري جديد من المملكة المغربية، على غرار اتفاقية الشراكة الشاملة التي دخلت حيز التنفيذ في شهر يناير/كانون الثاني من العام 2021. فيما سجل متتبعون للشأن الاقتصادي أن التحولات التي عرفها الاقتصاد البريطاني بعد البريكست. إضافة إلى الرهانات الاقتصادية الجديدة للحكومة البريطانية. كلها مؤشرات تدفع في اتجاه تعزيز العلاقات بين البلدين وتدفعا أيضا في اتجاه تموقع المغرب كشريك استراتيجي مهم بالنسبة لبريطانيا على المديين القريب والبعيد.
ولا تقتصر هذه المساعي على بريطانيا وحدها. بل تشهد قضية الصحراء المغربية زخما كبيرا في الأمم المتحدة، وأفادت مصادر محلية أن وفدا دوليا رفيع المستوى.يضم 17 سفيرا من الممثلين الدائمين لدى مكتب الأمم المتحدة بجنيف وصل مدينة العيون في الصحراء المغربية في إطار جولة خاصة تشمل الجهات الجنوبية للبلاد. تشمل إجراء سلسلة من اللقاءات سيستهلها .بلقاء ثنائي بوالي الجهة عبد السلام بكرات الذي سيقدم شروحات دقيقة ومعززة بالأرقام حول أبرز المشاريع التنموية .والورشات الملكية التي شهدتها المنطقة وشكلت قفزة نوعية بالأقاليم الجنوبية لاسيما اقاليم جهة العيون الساقية الحمراء.