من برلين إلى البنتاغون.. كيف أثّر مشروع ألماني على تصميم الشبح؟

في منتصف سبعينيات القرن الماضي، وفي ذروة توترات الحرب الباردة، كانت «إن دي-102» حلما لتطوير «مقاتلة دولية».
كان ذلك مشروع «نورثروب-دورنير إن دي-102» الطموح، وهو ثمرة تعاون بين شركة نورثروب الأمريكية وشركة دورنير الألمانية.
وفي إطار هذه الشراكة تم تصميم «إن دي-102» كمقاتلة خفيفة الوزن وعالية الأداء لتلبية متطلبات سلاح الجو الألماني للطائرات المقاتلة التكتيكية (TKF-90). وذلك وفقا لما ذكره موقع “ناشيونال إنترست” الأمريكي.
-
مقاتلة الجيل السادس الأوروبية.. بين الحاجة السيادية والتحدي الصناعي
-
وثائق مسربة: كيف تستعد إسرائيل لضرب إيران وأسلحتها السرية
ووعدت «إن دي-102» بتكنولوجيا متطورة وفلسفة تصميم جريئة. لكن رغم إمكاناتها الهائلة، لم يتم تنفيذ المشروع الذي ترك وراءه إرثا كبيرا من الأفكار المبتكرة التي أثرت في نهاية المطاف على تصاميم الطائرات المستقبلية خاصة “نورثروب YF-23 ” أو “الأرملة السوداء الثانية”. التي خسرت في النهاية، أمام طائرة “إف-22 رابتور” من شركة “لوكهيد مارتن”.
وفي سبعينيات القرن الماضي، طرحت حكومة ألمانيا الغربية مناقصةً لطائرة” TKF-90″، وهو برنامج يهدف إلى تطوير مقاتلة تكتيكية قادرة على مواجهة التهديد المتنامي من القوات الجوية الهائلة لحلف وارسو.
-
واشنطن تزود السعودية بصواريخ دقيقة ذات تقنيات عالية
-
ميغ-29إم مقابل جيه-10سي.. خيارات القاهرة الجوية تحت المجهر
وتضمنت المواصفات المطلوبة طائرة متعددة الاستخدامات وفعالة من حيث التكلفة، تتميز بأداء فائق، وإلكترونيات طيران متطورة. وقدرة على العمل في مهام جو-جو وجو-أرض.
وفي حين سعت شركات الطيران والفضاء الألمانية إلى تطوير تصميمات .تم دمجها في النهاية المطاف مع برنامج “يوروفايتر تايفون” متعدد الجنسيات، سلكت شركة “دورنيير” مسارًا مختلفًا.
حيث أدركت محدودية خبرتها في تصميم المقاتلات التكتيكية الحديثة فدخلت في شراكة مع شركة “نورثروب” الأمريكية المشهورة بخبرتها في الطائرات المدمجة عالية الأداء.
-
مفاجأة «أوريشنيك»: الصاروخ الروسي «المرعب» بتكنولوجيا غربية
-
تكنولوجيا عسكرية خالدة: أبرز 5 مقاتلات أمريكية قديمة تجوب السماء
بديل تنافسي
بدأ التعاون عبر الأطلسي عام 1978، بهدف الاستفادة من براعة نورثروب التكنولوجية .وقدرات دورنيير الهندسية لخلق بديل تنافسي للتصميمات الأوروبية فولدت الطائرة «إن دي-102» المعروفة أيضًا باسم “المقاتلة الدولية”.
وكانت الطائرة بمثابة انطلاقة حقيقية مقارنة بالطائرات الأخرى في عصرها .حيث تم تصميمها لتكون مقاتلة خفيفة الوزن بلا ذيل، بوزن إجمالي يقارب 25,000 رطل. وكانت ستُصنّف في نفس فئة وزن طائرة “F-16 Fighting Falcon” أو طائرة “SAAB Gripen”.
وتميز تصميم الطائرة الانسيابي بجناح دلتا مائل للغاية مع امتدادات للحافة الأمامية. لتعزيز القدرة على المناورة والرفع عند زوايا هجوم عالية.
-
قوة بلا منازع: أفضل 5 مقاتلات أمريكية بتكنولوجيا المستقبل
-
كيف ساعدت دول الناتو أوكرانيا في غزو كورسك؟
كما كان غياب المثبتات الأفقية التقليدية أو الأجنحة الجانبية سمةً مميزةً. للطائرة مع التحكم في درجة الميلان من خلال فوهات المحرك الموجهة للدفع وأسطح الذيل المتحركة.
وكان نظام الدفع من أبرز جوانب الطائرة التي صُمّمت لاستخدام محركين توربينيين مروحيين منخفضي الالتفافية من طراز ” Pratt & Whitney PW1120″ يُنتج كل منهما قوة دفع تتراوح بين 13,550 و16,000 رطل بدون حارق لاحق.
وقد كان هذا الاختيار غير تقليدي للغاية. حيث اعتمدت معظم المقاتلات عالية الأداء في ذلك العصر على محركات الاحتراق اللاحق لتحقيق سرعات تفوق سرعة الصوت.
-
كيف «شلت» روسيا قدرة الأسلحة الغربية؟
-
موقع تتبع الطيران يكشف تفاصيل مهمة طائرة الاستطلاع الأمريكية «RC-135V» في آسيا
وتم تصميم محركات الطائرة ND-102 لتقليل استهلاك الوقود .وتكاليف الصيانة مع تمكينها من الوصول إلى سرعة قصوى تبلغ ماخ 2، وهو إنجاز تحقق بفضل تصميم الطائرة منخفض السحب وكفاءتها في الدفع.
والحقيقة أن «إن دي-102» تمتعت بما وصفه الكثيرون بقدرة “تشبه الطيران الفائق”. والتي كانت البداية لفلسفة تصميم مقاتلات الشبح اللاحقة، مثل طائرة الجيل الخامس “إف-22 رابتور”.
وتضمنت حزمة تسليح الطائرة 4 صواريخ ” AIM-120 AMRAAM ” مثبتة في بطن الطائرة لتقليل المقطع العرضي (RCS). بالإضافة إلى صاروخين” AIM-9 Sidewinder ” مثبتين على أطراف الأجنحة.
وأشار انخفاض مساحة المقطع العرضي للطائرة، والذي تحقق من خلال تشكيلها الدقيق واختيار المواد المناسبة، إلى تجارب نورثروب المبكرة في تكنولوجيا التخفي. والتي بلغت ذروتها لاحقًا في طائرة YF-23 وحتى قاذفة القنابل الشبحية بعيدة المدى “بي-2 سبيريت”.
-
طوارئ في بريطانيا: طائرة روسية تثير القلق في الأجواء
-
تكرار لنهج حادث إيران.. رئيس مالاوي يعلن مقتل نائبه والمرافقين على الطائرة المفقودة
اهتمام وتحديات
استثمرت شركة “درونيير” حوالي 20 مليون دولار أمريكي. وأجرت 1200 ساعة من اختبارات نفق الرياح على 34 تصميمًا.
وبحلول منتصف عام 1982، تم الانتهاء من التصميم. وعُرض نموذج الطائرة في معرض باريس الجوي عام 1983، حيث جذبت اهتمامًا كبيرًا لمظهرها المستقبلي وميزاتها المبتكرة.
ورغم إمكاناتها الكبيرة واهتمام خبراء الطيران بها، إلا أن «إن دي-102» .واجهت عقبات كبيرة حيث ركّز المشروع على القتال الجوي، مع قدرات جو-أرض محدودة.
ولم يتفق ذلك مع متطلبات سلاح الجو الألماني المتطورة لمقاتلة متعددة الأدوار. كما أن المشهد الجيوسياسي لقطاع الفضاء الأوروبي كان يتحول نحو التعاون متعدد الجنسيات.
-
روسيا مستعدة لتسليم جثث ضحايا تحطم طائرة إلى أوكرانيا
-
مقاتلة المستقبل؟ طائرة بلا طيار بشري ولا قمرة قيادة تنتظر الإقلاع
وفي غضون ذلك، حظي برنامج “يوروفايتر” بدعم ألمانيا الغربية والمملكة المتحدة وإيطاليا وإسبانيا، فاكتسب زخمًا كرمز للوحدة الأوروبية والتعاون الصناعي.
ورغم التزام شركة دورنيير بطائرة «إن دي-102»، إلا أنها شاركت. أيضًا في مشروع الطائرات المقاتلة الأوروبية (EFA) وهو ما خلق تضاربًا حقيقيًا في المصالح.
وبحلول عام 1984، تم إلغاء مشروع «إن دي-102» بشكل غير رسمي. حيث أعادت دورنيير توجيه جهودها نحو تطوير يوروفايتر.
والآن يمكن القول إن «إن دي-102» كانت أثقل من أن يتحملها الألمان. لكن الدروس المستفادة من هذا البرنامج أثرت على بعض أهم الطائرات الحربية الأمريكية خلال الثلاثين عامًا الماضية.
-
رحلة غامضة.. طائرة تجسس أمريكية تحلق في معقل الكارتلات
-
طائرة مسيّرة فوق قصر زيلينسكي: رسالة روسية أم استعراض للقوة؟
-
هل اقترب موعد إعلان التطبيع…طائرة الموساد تهبط في الدوحة سرًا للمرة الثالثة
-
الإمارات توقع اتفاقا مع فرنسا لشراء 80 طائرة رافال
-
اعتراف رسمي من الحكومة الأمريكية برؤية الأجسام الطائرة المجهولة