تركيا

من مناطق الزلازل.. أردوغان يبدأ حملته الانتخابية

بعد عشرين عامًا في السلطة وتشبثه بالبقاء فيها أردوغان يبدأ حملته الانتخابية


يتوجه الرئيس رجب طيب أردوغان مرة أخرى إلى جنوب تركيا الذي دمره زلزال السادس من فبراير ليطلق اليوم الجمعة الحملة الرسمية لإعادة انتخابه التي تنطوي على مخاطر كبيرة على ما يبدو. خاصة في ظل استطلاعات الرأي التي تؤكد تآكل شعبيته مقابل صعود لافت لمنافسه في السباق الرئاسي كمال كليجدار أوغلو.

وكما فعل في غازي عنتاب، كثف رئيس الدولة قبل الانتخابات وعود إعادة الإعمار وزيارات خيام الناجين من الزلزال، الذي أسفر عن أكثر من خمسين ألف قتيل وثلاثة ملايين نازح ومئات الآلاف من العائلات المنكوبة، معانقًا نساء مسنات محجبات وأطفالا.

لكنه ليس متأكدا من أن هذا التعاطف الظاهر كافٍ هذه المرة في مواجهة الأزمة الاقتصادية والتضخم الذي يؤدي إلى إفقار الطبقات الوسطى وعواقب الزلزال الذي أضر بالاقتصاد والتوظيف في المحافظات الـ11 المتضررة.

وكشف استطلاع للرأي أجراه معهد “تاغ” للأبحاث أن 51.8 في المئة من الناخبين يأملون في فوز زعيم حزب الشعب الجمهوري (حزب المعارضة الرئيسي) كمال كليجدار أوغلو بالرئاسة مقابل 42.6 في المئة يؤيدون أردوغان.

 “أنا آت!”  

يمثل كليجدار أوغلو الذي يظهر مبتسمًا على ملصقات حملته تحت شعار “مرحبًا أنا كمال أنا آت!” تحالفًا من ستة أحزاب من اليسار إلى اليمين القومي. ويحظى بدعم ضمني من حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد (10 إلى 13 في المئة من الناخبين) الذي يقبع زعيمه صلاح الدين دميرتاش في السجن.

وبينما يجوب رئيس الدولة البلاد ويبدو حاضرًا في كل مكان على شاشة التلفزيون، يخاطب كليجدار أوغلو (74 عاما) الاقتصادي والموظف الحكومي السابق كل شريحة من شرائح المجتمع على تويتر عبر رسائل فيديو، من مطبخه ذي الإضاءة الضعيفة، متوجها إلى النساء المحافظات وقد بلغ عدد المشاهدات لآخر تسجيل له 3.3 ملايين الخميس.

وقالت مجموعة أوراسيا الاستشارية للمخاطر السياسية في مذكرة مؤرخة في 22 مارس إنه منذ الإعلان عن ترشحه واصل رئيس حزب الشعب الجمهوري “توسيع قاعدته” (من 30 إلى 40 في المئة من النوايا للتصويت) بينما تتراجع نسبة التأييد لإردوغان (من 60 إلى 50 في المئة).

وأضافت أن “التحدي الرئيسي لكليجدار أوغلو يتمثل في استقطاب الناخبين المناهضين لأردوغان – الذين يشكلون الأغلبية – من دون بدء المعارك داخل المعارضة”.

51.8 في المئة من الناخبين يأملون في فوز زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو
51.8 في المئة من الناخبين يأملون في فوز زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو

وسيكون على كمال كليجدار أوغلو أن يحسب حساب عودة ظهور محرم إنجه وهو مرشح هزم أمام إردوغان في 2018 وقرر إفساد اللعبة.

والتقى إنجه الذي اختفى دون أن يحيي مؤيديه عشية الدورة الأولى، مرشح حزب الشعب الجمهوري هذا الأسبوع ، بهدف التوصل إلى اتفاق محتمل.

لكن في الوقت الحالي، حسب خبراء السياسة بمن فيهم أولئك العاملون في معهد ميتروبول، يمكن أن يجذب هذا العائد الشباب الذين يرون أن رئيس حزب الشعب الجمهوري لا يتمتع بشخصية قوية.

تصويت الشباب 

مع ذلك، سيكون تصويت الشباب أحد العناصر المهمة في هذه الانتخابات إذ أن 70 في المئة من الناخبين هم دون سن 34 عامًا وستة ملايين شاب تركي سيصوتون للمرة الأولى في 14 مايو/أيار. أخيرًا يفترض أن يظهر النائب السابق سنان أوغان (يمين متطرف) في الدورة الأولى.

وإلى جانب الأزمة الاقتصادية الخطيرة (نسبة التصخم تجاوزت 50 في المئة وبلغت أكثر من 85 في المئة في الخريف) التي تؤثر على دخل الأسرة، كشف الزلزال عن ثغرات الدولة القوية التي يحلم بها أردوغان.

واستغرق الأمر ثلاثة أيام لبدء الإغاثة في بلد شديد المركزية، ثم ظهرت إخفاقات في توزيع المساعدات ولا سيما الخيام. لكن قبل كل شيء، كشف انهيار المساكن على سكانها إهمال قطاعي العقارات والبناء اللذين دفعا النمو في عهد أردوغان لمدة 20 عامًا.

والرئيس الذي خاض حملته في 2003 على أنقاض زلزال 1999 في إزميت (شمال غرب،17 ألف قتيل) من خلال إدانته لضعف النظام، قد يدفع ثمنا لهذه الأراضي التركية الغاضبة.

وأثناء الاحتفال في 24 مارس بتدشين بناء مستشفى في أنطاكية (جنوب) التي تعرضت لدمار كبير، كشفت الكاميرات أن المبنى – الذي كان يفترض افتتاحه في 10 مايو – لا أساس له، مثل تلك المساكن التي انهارت في السادس من فبراير.

وأخيرا، اهتزت الأرض مرة أخرى (4.6 درجات) الجمعة في غازي عنتاب قبل ساعات قليلة من وصول رئيس الدولة.

إطلاق رصاصتين على مكتب الحزب الصالح التركي المعارض في إسطنبول
إطلاق رصاصتين على مكتب الحزب الصالح التركي المعارض في إسطنبول

“محاولة للتخويف”

وفي سياق متصل قالت ميرال أكشينار زعيمة الحزب الصالح التركي المعارض اليوم الجمعة إن مكتب الحزب في إسطنبول تعرض لإطلاق رصاصتين خلال الليل ووصفت ذلك بأنه محاولة لتخويف أعضاء الحزب قبل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية فاصلة الشهر المقبل.

ولم ترد تقارير عن إصابة أي أحد في إطلاق النار الذي استهدف مكتب الحزب في إسطنبول في وقت مبكر من الصباح.

وقالت أكشينار للصحفيين إن رصاصة وصلت للطابق الأرضي وأخرى للطابق الثالث، مضيفة “هذه محاولة لتخويف أعضاء حزب سياسي قبل شهر ونصف فقط من إجراء الانتخابات. هذا غير مقبول. لا يمكن إخافتنا لكن هذه إهانة للناخبين”.

وأفاد مكتب حاكم إسطنبول بأن الشرطة فتحت تحقيقا في الواقعة وأظهرت لقطات فيديو اختراق رصاصة لنافذة بالطابق الأرضي حيث يوجد مقصف واستقرارها في كرسي هناك.

والحزب الصالح جزء من تحالف يضم ستة أحزاب معارضة رشح كمال كليجدار أوغلو زعيم حزب الشعب الجمهوري لخوض سباق الرئاسة أمام الرئيس رجب طيب أردوغان.

وندد أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول وهو أيضا عضو في حزب الشعب الجمهوري بالواقعة، كما طالب كليجدار أوغلو السلطات بالتحقيق في الأمر وكتب على تويتر “السيدة أكشينار قائدة قوية ولا يمكنكم تخويفها بهذه الطريقة… أتوقع إلقاء القبض على الجناة على الفور وتقديمهم إلى العدالة”.

وأدان عمر جليك المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم الذي يتزعمه الرئيس أردوغان الواقعة أيضا.

وقال في تغريدة على تويتر “من المهم اتخاذ موقف مشترك ضد كل الأفعال الاستفزازية وخاصة مع اقتراب الانتخابات… سنقف أمام الهجمات على الأحزاب السياسية بكل ما أوتينا من قوة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى