المغرب العربي

منهيا ضجة حول شغور الرئاسة.. قيس سعيد يستأنف نشاطه


قام الرئيس التونسي قيس سعيد باستئناف مساء الاثنين نشاطه بعد غياب لنحو عشرة أيام ما أثار تكهنات حول وضعه الصحي وأطلق العنان للشائعات ومنح المعارضة فرصة لاستثمار هذا الغياب سياسيا. بينما أثير جدل حول الشغور في منصب الرئاسة وما تعلق به أيضا من تأويلات قانونية ودستورية.

وبهذا الظهور دحض سعيد كل الإشاعات حول وضعه الصحي، مستهلا نشاطه بلقاء رئيسة الحكومة نجلاء بودن في مكتبه بقصر الرئاسة بقرطاج. وفق فيديو نشرته الأخيرة على صفحاتها الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي.

وسخر الرئيس التونسي من المعارضين الذين فتحوا باب النقاش حول شغور المنصب لمجرد غياب الرئيس عن الظهور لبضعة أيام. مشيرا إلى التواصل المستمر بين مؤسسات الدولة ولتواصله شبه اليومي مع رئيسة الحكومة.

وقال في بداية حديثه متوجها إلى نجلاء بودن “مرحبا بك السيدة رئيسة الحكومة في هذا اللقاء المباشر بالرغم من أن المكالمات كانت متواصلة ومستمرة والتنسيق كان مستمرا بين كل أجهزة الدولة عكس ما يتم ترويجه”.

وتابع معلقا على معارضيه الذين تحدثوا عن شغور في منصب الرئاسة وعن مرض الرئيس”تقريبا بلغوا درجات  من الجنون. التي لم نعرفها في تونس من قبل قالوا حالة شغور وشخصوا الداء و قدموا الأرقام والتحاليل التي لا علم لي بها أصلا وتحدثوا عن الشغور حتى هدا الصباح لأن الهدف بالنسبة لهم هو الشغور”.

وأشار إلى مسائل قانونية ودستورية وخلط في المفاهيم  قائلا “فهم لا يفرقون.. حتى بعض الأساتذة الموجودين أصبحوا يناقشون حالة الشغور وحالة الفراغ… بالفعل هم لا يثيرون إلا الازدراء والاحتقار وحتى في هدا الصباح قالوا هذه شهادة وفاة وأكثر ما يؤلم أن هناك أناس لا يتوفر فيهم الحد الأدنى من العقلانية بالأخص المختصين هم يختلقون الأزمات المهم الأزمة وراء الأزمة وقالوا إن الجيش سيسد حالة الشغور.. وهنالك من دعا للانقلاب على السلطة  أذكرهم ببورقيبة رحمه الله تقريبا يوم 7 نوفمبر 1969 أحدث خطة الوزير الأول  بأمر”.

ولاحقا نشرت الرئاسة التونسية بيانا أشارت فيه إلى أن الرئيس قيس سعيد استقبل وزير الخارجية نبيل عمار. الذي أطلعه على نشاط الوزارة خلال الفترة القليلة الماضية والاستحقاقات الثنائية ومتعددة الأطراف المقبلة.

وأضاف البيان أن سعيد أكد على ضرورة التمسك بمبادئ السياسة الخارجية للدبلوماسية التونسية ومن أهمها عدم الانخراط في أي محور واستقلال القرار الوطني. مشددا على أن مواقف تونس في الخارج تنبع من إرادة شعبها في الداخل، معلنا أن رئيس الدولة أعطى تعليماته بالشروع في إجراءات تعيين سفير تونس بدمشق.

الرئيس التونسي يستقبل وزير الخارجية بعد لقائه بنجلاء بودن
الرئيس التونسي يستقبل وزير الخارجية بعد لقائه بنجلاء بودن

وكانت بعض القوى المعارضة قد عمدت إلى الاستثمار في غياب الرئيس عن المشهد خلال الفترة الأخيرة. وذلك للترويج لبعض المعطيات بشان وضعه الصحي مستغلة صمت السلطات فيما تحدثت وسائل اعلام تونسية عن توجيه الرئيس خطابا للشعب التونسي اليوم الاثنين.
ولم يمارس سعيد أي نشاط علني منذ نحو أسبوعين أي قبل حلول شهر رمضان فيما لم تنشر الصفحة الرسمية لمؤسسة الرئاسة على الفيسبوك أي أنشطة او مقابلات ما يضاعف الشكوك خاصة وان الرئيس التونسي عرف بزياراته وتحركاته المكثفة.
وبخلاف بلاغ مقتضب عن قرار الرئيس سعيد إقالة والي قابس مصباح كردمين الأسبوع الماضي وفتح تحقيق ضده بعد الحديث عن وجود تجاوزات قام بها لم تنشر صفحة الرئاسة أية معطيات حول الرئيس.

وأشارت وكالة نوفا الايطالية وفق مصادر دبلوماسية أوروبية أنه تم نقل سعيد إلى المستشفى يوم الخميس الماضي بعد إصابته بنوبة قلبية طفيفة موضحة أنه كان سيخضع لعملية جراحية على الفور.

وسعت بعض الشخصيات المعارضة لاستغلال هذا الغياب المفاجئ للترويج لبعض الشائعات والتقارير الإعلامية في وسائل إعلام أجنبية بشأن تعرض الرئيس لوعكة صحية وانه يعالج في المستشفى العسكري وذلك في إطار الصراع السياسي.

وطالبت جبهة “الخلاص الوطني” المعارضة في تونس في مؤتمر صحفي الاثنين، الحكومة بالكشف عن أسباب عدم ظهور سعيد، فيما يبدو أنه جزء من محاولات استغلال غيابه في إطار الصراع السياسي.

وقال أحمد نجيب الشابي “نطالب الحكومة أن تواجه الرأي العام لتقول إن كان هناك أسباب صحية جعلت قيس سعيّد يغيب عن الأنظار”. مضيفا أن “الجبهة بلغها أن سعيّد تعرض لوعكة صحية منذ اليوم الأول لغيابه في 23 مارس (اذار) الجاري، ولكن الآن الغموض كبر حول هذا الغياب”.

بعض الشخصيات المعارضة استغلت الغياب المفاجئ للرئيس التونسي للترويج اشاعات حول وضع قيس سعيد الصحي واثارت مسألة الشغور في منصب الرئاسة

وتابع “ما زاد في الغموض هو رفض وزير الصحة الإجابة الأحد، عن أسئلة الصحفيين حول هذا الموضوع”. مشيرا إلى أن “رئاسة الدولة مركز حيوي في الحياة الوطنية والانقلاب (إجراءات 25 يوليو 2021 التي اتخذها الرئيس سعيّد) جعلها المركز الوحيد للسلطة”.

وأشار إلى أنه “إذا كانت أسباب الغياب مؤقتة فالدستور الجديد يفوض السلطات لرئيسة الحكومة”. وقال “أما إذا كان الشغور دائما فهنا الطامة الكبرى بعد أن رفض سعيّد سابقا إمضاء قانون المحكمة الدستورية. والدستور الجديد يفترض تولي منصب الرئاسة رئيس الحكمة الدستورية بصفة مؤقتة وهذا غير موجود حاليا”.

وأضاف “هناك فراغ دستوري مخيف ولن ننتظر حتى تحل قوة من القوى هذا المشكل فلابد من إطلاق مشاورات وطنية لحل المشكلة وإيجاد آلية للانتقال السلس للسلطة”.

ونشرت بعض المواقع على غرار صحيفة “لومند افريك” معطيات جديدة وفق مصادرها تشير الى ان سعيد يعاني من اضطرابات القلب الناجمة عن العلاجات الشديدة التي يتبعها لعلاج اضطرابات المزاج الشديدة والمتكررة.
وتحدثت وكالة نوفا عن الوضع الصحي “المقلق” للرئيس مشيرة الى ان سعيد كان سيلتقي الأسبوع الماضي المفوض الأوروبي للاقتصاد “باولو جنتيلوني”. الذي زار تونس لبحث الأوضاع الاقتصادية.
والتقى جنتيلوني مع عدد من المسؤولين على غرار رئيسة الحكومة نجلاء بودن ووزير الخارجية نبيل عمار لكن دون ان يجتمع بالرئيس.
وكان القيادي في حركة النهضة ووزير الخارجية الاسبق رفيق عبد السلام تحدث في تدوينة عبر صفحته الرسمية على الفايسبوك عن الوضع الصحي للرئيس سعيد منتقدا سكوت السلطات وعدم إصدار بيان في الامر.
بدورها طالبت القيادية في التيار الديمقراطي المعارضة بضرورة إيضاح الأمر داعية الى نشر الملف الطبي للرئيس في اقرب وقت وخروج الحكومة لطمانة الشعب.
ويلقى خطاب المعارضة رواجا مع التزام السلطات الصمت حيث رفض وزير الصحة التونسي علي المرابط الحديث عن الوضع الصحي للرئيس خلال سؤاله من قبل صحفيين وهو ما عزز المخاوف.
وأفاد رجل القانون أمين محفوظ الذي عينه الرئيس سعيد ضمن لجنة أشرفت على النقاشات بشأن الدستور الجديد “نرجو السلامة لرئيس الجمهورية ولكن من حق الشعب، أمام جسامة مسؤولية رئيس الجمهورية، الحصول عن المعلومة وبدقة”.
وليست هذه المرة الأولى التي تستثمر فيها قوى معادية للرئيس في ملفه الصحي فخلال الحملة الانتخابية الرئاسية في دورها الثاني سنة 2019 تحدث المرشح الرئاسي السابق نبيل القروي بشكل مبطن خلال مناظرة تلفزية عن مرض قيس سعيد. ويرى مراقبون ان تونس ستعيش ازمة دستورية كبيرة في حال غاب الرئيس قيس سعيد عن المشهد بسبب عارض صحي جعله غير قادر على مواصلة مهامه ففي حين يقر الدستور الجديد بان رئيس المحكمة الدستورية هو من يتولى المهام في حال شغور المنصب لكنه لم يتم الى اليوم تشكيل المحكمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى