هل تمارس روسيا الخداع بخطة الانسحاب من حدود أوكرانيا؟
أفاد أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي بأنه بالوقت الذي تدعي فيه روسيا سحبها للمزيد من القوات على الحدود الأوكرانية. لا يوجد هناك ما يثبت ذلك بالواقع.
مضيفا يوجد اختلاف شاسع بين أقوال روسيا وأفعالها، أما ما يجري حاليا فهو أمر لا يمكن أن يدل على الانسحاب فعلى العكس نحن نشهد باستمرار تحركات متصاعدة للقوات. والتي يمكن أن تكون أساسا لأي هجوم على الأراضي الأوكرانية.
من جهته قال الأمين العام ل “الناتو” ينس ستولتنبيرغ إن النهج الذي تعتمده روسيا مؤخرا هو التهديد بالغزو. وذلك لتحدي المبادئ الأساسية، للأمن الأوروبي. وأفاد مصدر استخبارتي بأنه ليس هناك أدلة حتى الآن تؤكد توقف التصعيد العسكري.
كما أفاد خبير الشؤون الروسية في مركز الدراسات البحرية الأمريكي، مايكل كوفمان أنه يمكن أن تكون موسكو قد قامت بنقل قوات شكلية بعيدا عن الحدود بغية إثارة الانتباه بهدف الترويج لانطباع أنها توقف التصعيد العسكري. مضيفا أنه في الغالب سنشهد عمليات نقل لقوات بشكل رمزي على مقربة من الحدود الأوكرانية. وذلك من غير التأثير على النسق العام للقوات، أو تغيير للصورة العامة لانتشار الجنود
توترات تتفاقم
وقد قام الجيش الأوكراني اليوم باتهام القوات المدعومة من روسيا شرق أوكرانيا بإطلاق قذائف على قرية بلوهانسك أصابت روضة أطفال.
وأفاد مصدر دبلوماسي أنه تم تسجيل العديد من أحداث القصف على امتداد خط التماس بين المتمردين المدعومين من روسيا والقوات الحكومية بشرق أوكرانيا.
وصرح الانفصاليون سابقا بالقصف الذي مارسته قوات كييف على أراضيهم بقذائف المورتر. الشيء الذي أسفر عن تفاقم المورتر في خضم المواجهة بين روسيا والغرب. ومن جانبها اتهمت الحكومة الأوكرانية المتمردين باستخدام المدفعية.
ومذ 2014 والمتمردون المدعومون من روسيا يحاربون قوات الجيش الأوكراني وزاد التوتر في الآونة الأخيرة مع حشد روسيا قوات عند الحدود.
تناقض الروايات
وصرحت شركة أمريكية خاصة بأن صور الأقمار الصناعية تؤكد أن روسيا قامت بسحب عتاد عسكري من مناطق قرب أوكرانيا. إلا أن عتادا جديدا وصل هناك .
وحذرت دول غربية من التصعيد العسكري الروسي على الحدود مع أوكرانيا. في حين يتعارض مع إصرار موسكو على انسحاب جزئي.
وصرح البيت الأبيض على أن موسكو لم تقم بسحب قواتها على الحدود الأوكرانية. بل قامت بإرسال دعم من 7 ألاف عسكري. الشيء الذي يفاقم من المخاوف حول اجتياح روسي.
وصرح مسؤول بارز بالبيت الأبيض على أن الروس أعلنوا سحبهم للقوات من الحدود الأوكرانية. والذي تبين فيما بعد أنه مجرد إدعاء.
وقام فولوديمير زيلينسكي الرئيس الأوكراني بضم صوته لصوت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي. مؤكدا على عدم وجود أي إشارات بتراجع القوات الروسية من على الحدود.
ومنذ أسابيع والغرب يحذر من غزو روسي وشيك لأوكرانيا عقب توزيع قرابة 100 ألف عسكري روسي على الحدود الأوكرانية. علاوة على التدريبات العسكرية العديدة
وقد لفت الأمريكيون والغربيون للعقوبات الاقتصادية التي تنتظر روسيا في حال إقدامها على غزو أوكرانيا. الشيء الذي تفيد موسكو بأنها لا تخطط له.
وقد قام الجيش الروسي بالإعلان عن إنهاء التدريبات ومغادرة عسكريين روس شبه جزيرة قرم. كما قام بنشر فديو يظهر عربات محملة بمعدات عسكرية تغادر المنطقة.
كما تعدهت بلاروسيا بمغادرة جميع العسكريين الروس المنتشرين على أراضيها ب 20 فبراير.
مناورة روسية
بالوقت الذي كان فيه الضوء مسلط على أوكرانيا حيث كان العالم يتجهز لسناريوهات سيئة. يفاجئ بانسحاب روسي جزئي من الحدود الأوكرانية، الشيء الذي قد يعتبره البعض بداية لوقف التصعيد.
إلا أن خبراء يرون أن الأمر تخطى ما يوحي به ظاهره. إنهم يقومون بالاتفاق عن نقطة هامة وسط دلالات الانسحاب والتي تظهر بشكل واضح بالتوقيت الذي جاء عشية الموعد المفترض للغز والروسي.
فالإعلان من شأنه أن يضرب أكثر من عصفور بالنسبة لموسكو، أولها إثبات عدم وجود أي نية من جهتها لاجتياح كييف. وثانيا تطبيق التوقعات الغربية، ولاسيما الأمريكية” التي تنتظر حربا “في أي لحظة.
ثانيها يكمن في الرسالة التي ينطوي عليها الانسحاب الجزئي والتكتيكي باستمرار الخطر. إذ قد تعمل موسكو على اللعب بورقة الضغط الضمني بغية تحقيق اختراق بملف الضمانات الأمنية.
إلا أن التصريحات الأمريكية بأنه يوجد تبديل للقوات وليس انسحاب يدل على أن هذا الانسحاب الجزئي ليس إلا مناورة روسية. وذلك لتجنب الاتهامات ومواصلة الضغط على الغرب بملف الضمانات الأمنية. وهو ما يؤكده الغضب الدائم لروسيا بخصوص تجاهل واشنطن والناتو للبنود الرئيسية للضمانات الأمينة التي تطالب بها.
ولا يمكن التكهن حول ما إذا كان قرار روسيا مناورة أم تراجع حقيقي إلا أن ما يقع الآن هو مشهد مشابه لما حدث فيما قبل بالوقت الذي عززت روسيا قواتها على الحدود الأوكرانية في خضم توقعات بأن الهدف من ذلك مصالحها الدبلوماسية.
لكن روسيا أعادت سحب قواتها بعد وقت قصير من إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الروسي فلاديمير بوتين عقد قمة بينهما. وحينها، توقع خبراء أن يعود بوتين للحيلة نفسها كلما أراد تحقيق مكاسب، وهو ما يحدث حاليا بشأن الضمانات الأمنية التي تطلبها موسكو.
وقد رأى محللون آخرون أن الأمر هذه المرة مغاير وأن الغضب الروسي بدأ بالوقت الذي استخدمت كييف طائرات مسيرة صنعت بتركيا. قبل أن تمنح تطورات الأحداث موسكو الفرصة للذهاب لأبعد من “تأديب” أوكرانيا واستثمار المخاوف الغربية في ملف الضمانات الأمنية
ويدين بوتن تجاهل الغرب للخطوط الحمراء لروسيا عبر القيام بتدريبات بالبحر الأسود وإرسال أسلحة حديثة لكييف. مطالبا “بضمانات قانونية” من حلف “الناتو” بعدم التوسع شرقا.