وفاة إبراهيم رئيسي.. ماذا تعني لمستقبل إيران السياسي؟
بإعلان وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إثر تحطم مروحيته، أسدل الستار على حقبة «شابتها الكثير من التغييرات في السياسة الإيرانية».
ورغم ذلك، إلا أن تلك الوفاة الناجمة عن حادث تحطم مروحية كان يستقلها الرئيس إبراهيم رئيسي، أثارت المزيد من الشكوك على مستقبل البلاد والمنطقة.
فخلال ما يقرب من ثلاث سنوات في السلطة، قام رئيسي بنقل السياسة الداخلية والسياسة الاجتماعية في إيران في اتجاه أكثر تحفظًا، ودفع البلاد إلى مزيد من المواجهة مع الولايات المتحدة في المنطقة بعد سلفه حسن روحاني – الذي هزمه في الانتخابات الرئاسية عام 2017.
ليس هذا فحسب، بل إنه (رئيسي) سعى إلى تحقيق انفراجة مع الغرب بشأن البرنامج النووي الإيراني قبل تكثيف الهجمات بالوكالة.
وكعالم في الفقه والشريعة معروف بعلاقاته الوثيقة مع آية الله على خامنئي، اعتبره الكثير من المسؤولين والخبراء، المرشحَ المحتمل لخلافة المرشد، بحسب مجلة فورين بوليسي، التي قالت إن رئيسي كثف جهود تخصيب اليورانيوم، وعرقل المفاوضات حول أو الاتفاق النووي الذي وُقع عام 2015.
وقبل شهر من وفاته، شنت إيران هجوما بالصواريخ والمسيرات على إسرائيل ردا على تدمير الأخيرة القنصلية الإيرانية في دمشق.
هل سيحدث تغيير؟
ورغم ذلك الدور البارز لرئيسي في السياسة الإيرانية، إلا أن خبراء استطلعت «فورين بوليسي»، آراءهم، توقعوا عدم حدوث أي تغيير على السياسة الإيرانية، مشيرًا إلى أنه أيا كان الرئيس الذي سيحل مكانه، فإن السياسة المتفق عليها بين الإدارة العليا في القيادة السياسية والدينية الإيرانية، هي التي ستسود.
ويقول بهنام بن طلبلو، الزميل البارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية: «سواء كان رئيسي على قمة النظام أو غاب عن المشهد، فالنظام راض عن الصورة التي بدا عليها الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول».
وبموجب بنود الدستور الإيراني، التي تفرض إجراء انتخابات بعد خمسين يوما، سيتولى النائب الأول للرئيس، محمد مخبر إدارة شؤون الدولة.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن المرشد الإيراني خامنئي قد رتب الأمور للتأكد من انتخاب رئيسي 2021، وسيطرة المتشددين على البرلمان في انتخابات العام الحالي. ويتهم الرئيس الراحل بارتكاب جرائم ضد الإنسانية من الأمم المتحدة، لدوره في إعدام ما يقدر عددهم 5000 سجين سياسي عام 1988، حيث كان نائبا للمدعي العام في طهران.
اضطرابات متوقعة
وبغض النظر عن الانتخابات الرئاسية المرتقبة، فإن هناك احتمالا بوقوع اضطرابات داخل الطبقة الحاكمة الإيرانية، تقول «فورين بوليسي»، مشيرة إلى أنه نظرا لعدم وضوح المرشح الحقيقي لخلافة خامنئي باستثناء نجله مجتبى، فإن وفاة رئيسي قد تزيد من الاضطرابات وتضع مستقبل البلاد السياسي على المحك.
وأشارت إلى أنه ربما يُستخدم الحرس الثوري، وهو أكبر فرع في القوات الإيرانية المسلحة، هذه الاضطرابات للسيطرة على قطاعات واسعة من اقتصاد البلاد، لزيادة نفوذه.
وعن ذلك، قال ديفيد دي روتشز، البروفيسور في مركز جنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطنية: «برحيل رئيسي لم يعد هناك مرشح واضح، وما سيثير الاهتمام، هو إكمال الحرس الثوري انقلابه الذي يجري ببطء»، وفق رأيه.
وكتب أشفون أوستافور، الأستاذ المشارك بمدرسة الخريجين البحرية والخبير بالشؤون الإيرانية على منصة «إكس» (تويتر سابقا): «حادث التحطم اليوم واحتمال وفاة الرئيس رئيسي ووزير خارجيته، سيهز السياسة الإيرانية. وأيا كان السبب، فستنتشر المفاهيم عن وجود مؤامرة داخل النظام، وقد تضغط العناصر الطامحة للاستفادة بشكل يؤدي لرد من أجزاء النظام الأخرى».
وفي الوقت الذي يقلل فيه الخبراء من ظهور رئيس ليبرالي نتيجة للانتخابات السريعة أو انتخابات عام 2025 المقبلة، فوفاة رئيسي قد تكون نافذة وإن كانت ضيقة لعودة حركات الاحتجاج التي ظلت تستعر تحت السطح.
وقال بن طلبلو، الخبير في منظمة الدفاع عن الديمقراطية: «هذه الحركات لم تمت وتعمل وفق وتيرة هادئة وعلى الهامش، مثل الإضرابات ونقابات العمال، وربما تقود إلى التحفيز على المستوى الوطني، وربما لن تثير الاهتمام الكبير، لكن قصة حركة الاحتجاج الإيرانية تتعلق بمتى وليس ماذا لو؟»