اختفاء كاتب جزائري بعد حديثه عن مغربية الصحراء يثير جدلاً
طالبت دار النشر الفرنسية “غاليمار” بـ”الإفراج” عن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال بعد “اعتقاله” على يد “أجهزة الأمن الجزائرية”، غداة إبداء الرئاسة الفرنسية قلقها إزاء “اختفائه”.
وكتبت دار النشر في بيان “تُعرب دار غاليمار… عن قلقها العميق بعد اعتقال أجهزة الأمن الجزائرية الكاتب وتدعو إلى الإفراج عنه فورا”.
-
تجدد واشنطن دعمها الثابت لمغربية الصحراء مكذبة اشاعات جزائرية
-
واشنطن تفضح تزييف الجزائر لموقفها من مغربية الصحراء
وذكرت وسائل إعلام عدة، من بينها مجلة “ماريان” الفرنسية، أن الكاتب البالغ 75 عاما والمعروف بمواقفه المنددة بالتشدد الديني والاستبداد، أوقف السبت في مطار الجزائر العاصمة آتيا من فرنسا. كما أفادت وكالة الأنباء الجزائرية الحكومية عن “توقيف صنصال في مطار الجزائر” العاصمة من دون أن تحدد تاريخ ذلك، بينما لم تتوافر أي معلومات رسمية أخرى عن مصيره في ظل توتر العلاقات بين باريس والجزائر.
وبحسب صحيفة “لوموند” الفرنسية، فإن السلطات الجزائرية انزعجت من تصريحات أدلى بها صنصال لمجلة “فرونتيير” الفرنسية المعروفة بمواقفها اليمينية المتطرفة، تبنى فيها موقفا مغربيا يقول إن أراضي مغربية انتُزعت من المملكة تحت الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر. والتصريح إشارة الى مغربية أجزاء من اللصحراء الشرقية تضم مناطق توات وتيديكلت وقورارة، التي تشهد الوثائق التاريخية على مغربيتها.
-
الولايات المتحدة تجدد دعمها لمغربية الصحراء عبر سفيرتها في الجزائر
-
اعتراف اسبانيا بمغربية الصحراء عقدة الجزائر لا تستطيع تجاوزها
وتؤكد السجلات التاريخية أن هذه المناطق كانت تدين بالولاء للسلاطين المغاربة، إذ كان سكانها يقدمون البيعة ويدفعون الضرائب للمخزن المغربي وقد وثق المؤرخ الفرنسي أوجست مولييراس هذه الحقائق في كتاباته، مشيرا إلى أن السلطة المركزية المغربية كانت تعين القضاة والعمال في هذه المناطق.
وشكلت معاهدة لالة مغنية سنة 1845 منعطفا تاريخيا في مصير الصحراء الشرقية المغربية، إذ بدأت فرنسا في تنفيذ مخططها لاقتطاع هذه الأراضي من النفوذ المغربي وتعززت هذه السياسة الاستعمارية باتفاقية 1901-1902، التي مهدت الطريق لضم هذه المناطق إلى المستعمرة الجزائرية.
-
باريس تخطط فعليا لاعتراف رسمي بمغربية الصحراء
-
سانشيز يرفض مجرّد التشويش على موقف إسبانيا الداعم لمغربية الصحراء
وتشكل تصريحات صنصال “خطا أحمر” بالنسبة إلى الجزائر وقد تتسبب في اتهام الكاتب بـ”المساس بسلامة وحدة الوطن”. وقالت أوساط الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس إن الأخير “قلق للغاية بشأن هذا الاختفاء”، موضحا أن “أجهزة الدولة مستنفرة لكشف ملابسات وضعه”.
وقضية الصحراء الشرقية (وتشمل مناطق تندوف وأدرار وبشار، الغنية بالمعادن) ليست مجرد نزاع حدودي، بل ينظر لها مغربيا على أنها قضية سيادة وحقوق تاريخية موثقة. وتؤكد الوثائق والمراسلات الرسمية وحتى المعاهدات الدولية، أن هذه الأراضي كانت دائما جزء لا يتجزأ من المملكة المغربية. وتتحمل فرنسا المسؤولية عن اقتطاع هذا الجزء من الأراضي المغربية في حقبة الاستعمار الفرنسي للجزائر.
وأعيد إثارة هذه القضية في أكثر من مناسبة في الفترة الأخيرة مع عودة الدفء للعلاقات المغربية الفرنسية بعد أشهر طويلة من التوتر بين البلدين.
“اعتقاله يزعجني”
وأعرب عدد من القادة السياسيين الفرنسيين عن قلقهم، أبرزهم رئيس الوزراء السابق إدوار فيليب الذي يرى أن الكاتب “يجسد” بشكل خاص “الدعوة إلى العقل والحرية والإنسانية ضد الرقابة والفساد والإسلاموية”. كما أبدى كتّاب دعمهم لصنصال، بينهم الفرنسي نيكولا ماتيو الذي تحدث عن “فخ” نُصب له، أو الفرنسي المغربي الطاهر بن جلون الذي دعا إلى “تحرير” صنصال.
-
وزير الخارجية المغربي يدعو أوروبا الى التعبير بشكل عملي عن “مغربية الصحراء”
-
الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء.. احتفالات حاشدة بمدينة العيون
وكتب مواطنه ياسمينة خضرا في بيان “اعتقاله يزعجني. المثقف مكانه حول طاولة مستديرة، في جلسة لمناقشة الأفكار، وليس في السجن”.
المثقف مكانه حول طاولة مستديرة، في جلسة لمناقشة الأفكار، وليس في السجن
وفي مجلة “لوبوان” الفرنسية، ندد الكاتب الفرنسي الجزائري كمال داود بوجود “أخيه” “خلف القضبان، مثل الجزائر بأكملها”.
وكانت دار “غاليمار” مُنعت من المشاركة في معرض الجزائر الدولي للكتاب خلال الشهر الجاري. كما أن كمال داود يواجه دعويين في الجزائر تتهمانه مع زوجته الطبيبة النفسية باستخدام قصة مريضة في رواية “حوريات” التي تستحضر الحرب الأهلية في البلاد والتي نال عنها أخير جائزة “غونكور”، أبرز مكافأة أدبية فرنسية.
-
ترحيب عربي ودولي باعتراف أمريكا بمغربية الصحراء وسلام المغرب وإسرائيل
-
بريطانيا تستعجل الاعتراف بمغربية الصحراء
وانتقدت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية فرنسا الجمعة لدفاعها عن “مُنكِر يشكك في وجود الجزائر واستقلالها وتاريخها وسيادتها وحدودها”، واصفة الكاتب بأنه “دمية التيار التحريفي المعادي للجزائر”.
وبوعلام صنصال من الأسماء البارزة في الأدب المعاصر الناطق بالفرنسية. ويُعرف بكتاباته الملتزمة ضد الظلامية ومن أجل الديمقراطية، من دون محرمات، وبأسلوب لاذع في بعض الأحيان.
إسلاموفوبيا
وبدأ بوعلام صنصال المولود عام 1949 في الجزائر، لأب من أصل مغربي وأمّ تلقت تعليما فرنسيا، الكتابة في عمر 48 عاما. ونشر روايته الأولى “Le Serment des Barbares” بعد عامين على ذلك. ويروي في هذا الكتاب صعود قوة الأصوليين الذي ساهم في إغراق الجزائر في عقد من الحرب الأهلية التي خلفت 200 ألف قتيل بين عامي 1992 و2002.
-
النهج الدبلوماسي والتعاطي الحكيم يتوج بـ”الاعتراف الأميركي” بمغربية الصحراء
-
إسرائيل تعترف بمغربية الصحراء
وبعدما كان مدرّسا ورجل أعمال وموظفا حكوميا كبيرا، فُصل من وزارة الصناعة عام 2003 بسبب موقفه النقدي ضد الحكومة، ولا سيما في ما يتعلق بتعريب التعليم. وفي العام 2019، شارك في احتجاجات في الجزائر العاصمة التي أدت إلى استقالة الرئيس (الراحل) عبدالعزيز بوتفليقة.
ومن كتبه Le village de l’Allemand”” (“قرية الألماني”) سنة 2008 التي خضعت للرقابة في بلده الأمّ، ويستحضر فيها تاريخ الهولوكوست والحرب الأهلية في الجزائر وحياة الجزائريين في الضواحي الفرنسية.
-
نصر دبلوماسي مغربي جديد.. النمسا تدعم مغربية الصحراء
-
القمة العربية بالجزائر في موقف محرج بعد دعم دول الخليج لمغربية الصحراء
وفي كتابه “2084، نهاية العالم” أو (“2084, la fin du monde”) الصادر سنة 2015. يندد صنصال بخطر التطرف الديني على الديمقراطيات. وبات لهذا الكاتب الذي يجاهر بإلحاده. بسبب تحذيراته لأوروبا من هذا الخطر، خصومات قوية. مقابل دعم من مثقفين ووسائل إعلام يمينية ويمينية متطرفة أشادوا بتصريحاته حول “نظام إسلامي” يحاول “ترسيخ نفسه في فرنسا”.
وفي الجزائر، تزايدت التهديدات بحقه منذ توجهه إلى إسرائيل لتسلم جائزة أدبية عام 2014. وينفي بوعلام صنصال باستمرار الاتهامات الموجهة ضده بالإسلاموفوبيا. وقال في تصريحات سابقة “لم أقل قط أي شيء ضد الإسلام من شأنه أن يبرر هذا الاتهام”. لكن “ما لم أتوقف عن إدانته هو استغلال الإسلام لأغراض سياسية واجتماعية”.