الفرح في التفاصيل الصغيرة… جرعة سعادة يومية لا تتطلب مجهوداً

في عالم تتزايد فيه الضغوط والتوترات يوماً بعد يوم، قد تبدو السعادة هدفاً بعيد المنال، لكن دراسة حديثة من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو تقدم أخباراً مبشّرة.
فقد أثبت فريق بحثي أن تخصيص 5 دقائق فقط يومياً لأنشطة بسيطة يعزز المزاج الإيجابي، ويزيد مستويات السعادة بطريقة ملحوظة.
هذا الاكتشاف يأتي ضمن مشروع ضخم أُطلق عليه اسم “مشروع السعادة الكبرى” (Big Joy Project)، ونُشرت نتائجه في دورية Journal of Medical Internet Research في يونيو الماضي.
وقادت الدراسة البروفيسورة إليسا إيبل، اختصاصية التوتر وعلوم الشيخوخة، التي أوضحت أن ما أسمته “تصرفات الفرح المصغرة” مثل الاستماع إلى ضحكات عفوية، أو التوقف للحظات لتأمل زهرة خلال المشي، أو تقديم مساعدة بسيطة لصديق، تسهم في تحسين الحالة النفسية وتقليل التوتر بشكل فعّال. وتقول: “لقد فوجئنا بالتحسن الكبير في الصحة العاطفية لدى المشاركين، رغم بساطة هذه الممارسات وقصر مدتها”.
وشارك في الدراسة أكثر من 18 ألف شخص من الولايات المتحدة، وبريطانيا، وكندا، على مدار عامين حتى عام 2024. وتميز هذا البحث بتركيزه على أنشطة قصيرة لا تتطلب وقتاً طويلاً أو مجهوداً كبيراً، كما قيّم مدى استمرار تأثيرها.
اللافت أن المشاركين الذين مارسوا هذه العادات لمدة أسبوع فقط حققوا نتائج مشابهة لبرامج علاجية طويلة الأمد.
واشتملت الممارسات على 7 أنشطة متنوعة، مثل مشاركة الفرح مع الآخرين، القيام بأعمال لطيفة، كتابة قوائم الامتنان، ومشاهدة مناظر طبيعية مدهشة. وركزت على تعزيز مشاعر الأمل، الدهشة، والمرح.
وخضع المشاركون لتقييمات نفسية وجسدية شاملة، تضمنت قياس مستوى الرفاهية العاطفية، المشاعر الإيجابية، القدرة على صنع السعادة، فضلاً عن جودة النوم ومستوى التوتر.
وأظهرت النتائج تحسناً ملحوظاً يرتبط ارتباطاً مباشراً بمدى الالتزام بالبرنامج، إذ حقق الملتزمون الكاملون تقدماً أكبر.
كما استفادت الأقليات العرقية والفئات العمرية الصغيرة بشكل أكبر. وعلى الرغم من هذه النتائج، لا تزال الآليات التي تجعل هذه الأنشطة الصغيرة فعالة غير واضحة تماماً، لكن البروفيسورة إيبل تطرح فرضية أن هذه الممارسات تكسر دوائر التفكير السلبي وتعيد توجيه الذهن نحو مسارات إيجابية تعزز الصحة النفسية.