القطيعة بين الجزائر وفرنسا تصل إلى مرحلة اللاعودة
يبدو أن العلاقات الجزائرية الفرنسية التي لم تغادر مربع التوتر طيلة الأعوام الماضية وصلت إلى نقطة اللاعودة، لا سيما في ظل إصرار الجزائر على اختلاق الذرائع للتصعيد تجاه باريس وآخرها اعتقال الكاتب بوعلام صنصال واتهامه بالعمالة بعد تصريحه الذي أكد خلاله مغربية أراض انتزعت من المملكة تحت الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر، استنادا إلى وثائق تاريخية.
-
لا مؤشرات على نهاية قريبة للتوتر بين الجزائر وفرنسا
-
اتهامات لعميد مسجد باريس الكبير بالارتباط بالنظام الجزائري
وشهدت العلاقات بين البلدين خضّات جديدة مع توقيف مؤثرين جزائريين على ذمة التحقيق في فرنسا بسبب رسائل كراهية نشروها، ومواجهة دبلوماسية جديدة حول توقيف صنصال العاصمة الجزائرية.
وأوقفت السلطات في باريس مؤخرا ثلاثة مؤثرين جزائريين، للاشتباه في تحريضهم على الإرهاب ووضع منشورات تحث على ارتكاب أعمال عنف في فرنسا ضد معارضين للنظام الجزائري، في غمرة حملة #مانيش_راضي التي اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي وانضم إليها الآلاف من الجزائريين منددين بتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وسط دعوات للخروج في مظاهرات تطالب بوضح حد لنظام العسكر، ما أثار هواجس السلطات من تكرار سيناريو الحراك الذي أطاح بنظام الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة في العام 2019.
-
أزمة جديدة تلوح في الأفق: اعتقال صنصال يشعل الخلاف بين الجزائر والاتحاد الأوروبي
-
ملف الصحراء: قوة المغرب تدفع الجزائر لتجنب المواجهة بمجلس الأمن
وأوقف أحد المؤثرين الجمعة في ضواحي غرونوبل بعد نشره مقطع فيديو، تم حذفه في وقت لاحق، يحث المتابعين على “الحرق والقتل والاغتصاب على الأراضي الفرنسية”، بحسب لقطة مصورة من شاشة لوزير الداخلية برونو ريتايو.
ونشر هذا الرجل “أنا معك يا زازو”، مخاطبا مؤثرا جزائريًا آخر، يدعى يوسف أ المعروف باسم “زازو يوسف”، كان قد اعتقل قبل ساعات قليلة، بشبهة الدعوة إلى شن هجمات في فرنسا ضد “معارضي النظام الحالي في الجزائر”، بحسب القضاء الفرنسي.
ونشر الشخص الثالث الذي تم اعتقاله على تطبيق تيك توك “اقتلوه، دعوه يتعذب”، في إشارة إلى متظاهر جزائري معارض للنظام. كما فتح القضاء أيضًا تحقيقات ضد اثنين آخرين من المؤثرين الفرنسيين الجزائريين بسبب فيديوهات تنشر الكراهية.
-
تصعيد جديد: فرنسا تتجه نحو إلغاء اتفاقية الهجرة مع الجزائر
-
تحركات خليجية للمصالحة بين المغرب وإيران تستنفر الجزائر
وقال المعارض الجزائري شوقي بن زهرة لوكالة فرانس برس إن العشرات من مستخدمي وسائط التواصل الجزائريين أو مزدوجي الجنسية نشروا محتوى معاديا على الإنترنت.
وكان لدى يوسف أ. أكثر من 400 ألف متابع على تطبيق تيك توك. وقد حذفت المنصة حسابه منذ ذلك الحين.
واتهم بن زهرة، وهو نفسه لاجئ سياسي في فرنسا، السلطات الجزائرية بالوقوف وراء هذه “الظاهرة” والدليل بحسبه أن المسجد الكبير في باريس، الذي تموله الجزائر، “يستقبل أيضًا مؤثرين”.
-
موقف فرنسا من ملف الصحراء المغربية يُوتر العلاقات مع الجزائر
-
إعلان الشراكة بين المغرب وفرنسا.. تعاون استثنائي نحو مستقبل مشترك
وردت مؤسسة مسجد باريس على هذه التصريحات ووصفتها بـ”التشهيرية”، معتبرة أن من “أدلى بها مدون مغمور”، مضيفة أنها “جزء من حملة افتراء غير محتملة”، لكنها أكدت على “دورها البناء في العلاقات بين البلدي”.
وحسب العديد من المعارضين الجزائريين في فرنسا الذين التقتهم وكالة فرانس برس، فإن هذه الرسائل العنيفة بشكل خاص ازدادت حدة بعد أن أعلنت فرنسا اعترافها بسيادة المغرب على صحرائه، متعهدة بدعمه في المحافل الدولية لحسم القضية.
وفي نهاية يوليو/تموز أكد الرئيس إيمانويل ماكرون في رسالة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس أن مستقبل الصحراء يكمن في إطار السيادة المغربية.
-
فرنسا تدعو العاهل المغربي لحضور الحدث التاريخي في كاتدرائية نوتردام
-
باريس ترغب في كسب الجزائر دون خسارة المغرب
وفي صيف 2022، بدأ الرئيس الفرنسي خطوة للتقارب مع الجزائر بشأن ملف الذاكرة المتعلق بالماضي الاستعماري المرتبط بحرب الاستقلال التي خلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى، لكن دعمه لسيادة المغرب على صحرائه اعتبرته الجزائر “خيانة”، كما لاحظ ريكاردو فابياني، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية.
سبب آخر من أسباب التوتر هو مصير الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال (75 عاماً)، الذي يقبع في السجن في الجزائر منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني بتهمة المساس بأمن الدولة، وهو في وحدة العناية الصحية منذ منتصف الشهر الماضي.
وبحسب صحيفة “لوموند” الفرنسية، فإن السلطات الجزائرية انزعجت من تصريحات أدلى بها صنصال لموقع “فرونتيير” الإعلامي الفرنسي تبنى فيها موقفا مغربيا يقول إن أراضي مغربية انتُزعت من المملكة في ظل الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر.
-
زيارة ماكرون إلى المغرب: نحو شراكة اقتصادية قوية وصفحة جديدة في العلاقات
-
الجزائر ومصر أمام الجار التركي الجديد.. أي حدود للانزعاج
وكان الرئيس الفرنسي قال الإثنين إن “الجزائر التي نحبها كثيرا والتي نتشارك معها الكثير من الأبناء والكثير من القصص، تسيء إلى سمعتها، من خلال منع رجل مريض بشدة من الحصول على العلاج”، مطالبا بالإفراج عن صنصال معتبرا أنه “محتجز بطريقة تعسفية تماما”.
وعبرت وزارة الخارجية الجزائرية عن استغرابها من “التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي بشأن الجزائر، والتي تهين، في المقام الأول، من اعتقد أنه من المناسب الإدلاء بها بهذه الطريقة المتهاونة والمستهترة” ووصفتها بـ”التدخل السافر وغير المقبول في شأن جزائري داخلي”.
وأشار مدير مركز الدراسات العربية والمتوسطية في جنيف حسني عبيدي في تصريح لوكالة فرنس برس، إلى أن العلاقة بين البلدين وصلت إلى “نقطة اللاعودة”.
-
“ثورتنا سلمية والجزيرة إرهابية”.. رسالة الجزائريين لأبواق قطر
-
ماكرون يعزز موقف فرنسا من مغربية الصحراء بفتح قنصلية في العيون
وأعرب الباحث الجزائري عن أسفه قائلا إن “تصريحات ماكرون القاسية وغير المألوفة من شأنها تعزيز دعاة القطيعة التامة بين البلدين وتكشف فشل الرئيس الفرنسي في سياسته الجزائرية”.
أما كريمة ديراش، الباحثة في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي في باريس، فصرحت “إننا أمام رئيس دولة فرنسي لا يعرف كيف يتصرف ويترك انفعالاته تتغلب عليه ولا يحترم القواعد، وسلطة جزائرية حساسة جدا تجاه كل ما يصدر عن الدولة الفرنسية”.
وشدّدت على أنه على الرغم من هذه “المناوشات” المتكررة بانتظام، تظل العلاقة الفرنسية الجزائرية “متينة” من الناحيتين الاقتصادية والأمنية، مضيفة بسخرية أن “فرنسا والجزائر ثنائي يتنازع بانتظام”.
-
المصالح المشتركة بين الرباط وباريس تتجاوز نتائج الانتخابات الفرنسية
-
الجزائر تعلن عزمها دخول نادي الطاقة النووية لأغراض سلمية