تصاعد الغضب الداخلي والخارجي ضد حكومة نتنياهو بسبب مأساة غزة

لأول مرة منذ اندلاع الحرب على غزة، تجد الحكومة الإسرائيلية نفسها في مواجهة عزلة مزدوجة.. انتقادات داخلية لاذعة وحراك خارجي غير مسبوق.
فبعد أشهر من الدعم المحلي والدولي غير المشروط، بدأت الأرض السياسية تهتز تحت أقدام حكومة بنيامين نتنياهو، وسط اتهامات بارتكاب “جرائم حرب”، وتحذيرات من تحول إسرائيل إلى “دولة منبوذة عالميا”.
عاصفة الداخل
انتقادات داخلية جاءت من شخصيات إسرائيلية بارزة، بينها رئيسا الوزراء السابقان إيهود أولمرت وإيهود باراك، ووزير الدفاع الأسبق موشيه يعالون، ونائب رئيس أركان الجيش السابق يائير غولان.
-
هياكل خفية تدير غزة.. من يحكم حماس بعد تصفية قادتها؟
-
أصوات الاحتجاج تهز حكومة نتنياهو بسبب مأساة غزة
وقد وصف هؤلاء المسؤولون الحرب بتعابير شديدة، مثل “قتل الأطفال”، و”جريمة حرب”، في مواقف أثارت جدلا واسعا داخل إسرائيل لاسيما الحكومة.
إيهود أولمرت وفي مقابلة مع شبكة “بي بي سي”، وصف العمليات العسكرية الجارية في غزة بأنها “حرب بلا هدف”، منتقدا ارتفاع عدد القتلى المدنيين.
وقال أولمرت إن ما تقوم به إسرائيل حاليا في قطاع غزة “قريب جدا من جريمة حرب”. مضيفا هذه “حرب بلا هدف، بلا أمل في تحقيق أي شيء يمكن أن ينقذ حياة المخطوفين”.
وأشار أولمرت إلى أن النتائج المأساوية للحرب، التي أدت إلى مقتل آلاف الفلسطينيين إلى جانب عدد كبير من جنود الجيش الإسرائيلي، “غير مقبولة على الإطلاق”.
-
من الأنفاق إلى الحكم المدني.. تسريب تفاصيل خطة «عربات جدعون» للسيطرة على غزة
-
سموتريتش يكشف ملامح خطة إسرائيل لغزة: تدمير شامل وتهجير جماعي
وتابع “نحن نحارب قتلة من حماس، لا مواطنين أبرياء، ويجب أن يكون هذا واضحا”، محذرا من أن استمرار الحرب سيؤدي إلى “عزلة إسرائيلية غير مسبوقة”.
أما زعيم حزب “الديمقراطيين” ونائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق الجنرال يائير غولان، فرأى أن “هذه الحرب لا يمكن أن تُربح”،
وقال لهيئة البث الإسرائيلية إن حكومة نتنياهو حوّلت الحرب على غزة إلى “حرب بلا غاية”، مضيفا أن “من يحتفل بالموت وتجويع الأطفال لا يمثل دولة عاقلة”.
مستطردا “إسرائيل في الطريق لتصبح دولة منبوذة بين الشعوب. الدولة العاقلة لا تخوض قتالا ضد مدنيين، ولا تقتل أطفالا كهواية، ولا تضع لنفسها أهدافا لطرد السكان”.
بدوره، أشار يعالون إلى أن “الإنجازات التكتيكية لا تترجم إلى نصر فعلي دون رؤية استراتيجية”، في انتقاد واضح لنهج الحكومة الحالية.
-
الاجتياح يتعمق.. إسرائيل تصعّد عملياتها العسكرية في قطاع غزة
-
واشنطن تربط مساعدات غزة بإنهاء الحرب: رسالة تحذيرية لإسرائيل
وتسونامي الخارج
وبالتزامن مع هذه العاصفة الداخلية، تشهد الساحة الدولية “تسونامي” غير مسبوق ضد إسرائيل، تقوده دول أوروبية بارزة على رأسها فرنسا وبريطانيا وكندا، للضغط على تل أبيب لوقف الحرب ومنع توسيع العمليات في غزة.
وقد صدر بيان مشترك من زعماء هذه الدول الثلاث، دعا إلى وقف فوري للقتال، تبعه بيان آخر موقّع من 22 وزير خارجية غربي و25 منظمة إغاثية دولية.
وفي تطور لافت، أعلنت كايا كالاس، الممثلة العليا للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أن الاتحاد قرر البدء في إعادة النظر باتفاقية الشراكة الموقعة مع إسرائيل عام 1995، على خلفية “استمرار الحرب وتصاعد الكارثة الإنسانية في غزة”.
وفي حين لفتت إلى “الوضع الكارثي” في غزة، أكدت أنه “غير إنساني وغير قابل للاستمرار”.
-
جهات دولية تبحث فصل حماس عن مسار المساعدات الإنسانية لغزة
-
الحكومة الأمنية الإسرائيلية تصادق على إدخال مساعدات إنسانية لغزة
وإسرائيل قلقة
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مسؤول بوزارة الخارجية الإسرائيلية قوله: “نحن نواجه تسونامي حقيقي سيزداد سوءا. نحن في أسوأ وضع مررنا به على الإطلاق. إنه أسوأ بكثير من كارثة، العالم ليس معنا”.
وأضاف: “منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، لم ير العالم سوى أطفال فلسطينيين يموتون وتدمير المنازل على شاشات التلفزيون، وقد سئم ذلك. لا تقدم إسرائيل أي حل ولا ترتيب لليوم التالي ولا أمل. فقط الموت والدمار”.
وحذر من أن ” المقاطعة الصامتة كانت هنا من قبل وسوف تزداد حدة”، قائلا في هذا الصدد “يجب ألا نستخف بذلك”.
-
نتائج التحقيق: تضليل استخباراتي وراء مقتل مسعفين في غزة
-
وقف إطلاق النار في غزة بات قريبًا.. والإفراج عن رهائن خلال ساعات
كيف وصلت إسرائيل إلى هذا؟
وتساءلت الصحيفة: “كيف وصلت إسرائيل إلى هذه النقطة المنخفضة؟”.
وأشارت إلى أن “التفسير المنطقي الأول هو أن فرنسا تقف وراء هذه الخطوة. حيث يستعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للاعتراف بدولة فلسطينية في مؤتمر دولي، بنيويورك الشهر المقبل”.
وبحسب التقييم الإسرائيلي، يعمل ماكرون على إطلاق موجة من عدة دول تعترف بدولة فلسطينية، بعد الموجة السابقة في مايو/أيار 2024، عندما اعترفت النرويج وأيرلندا وإسبانيا بدولة فلسطينية.
وكانت إسرائيل استدعت، سفراء الدول الأوروبية التي اعترفت العام الماضي، بدولة فلسطينية. ومنذ ذلك الحين، ليس لديها سفراء هناك.
-
مفاوضات الهدنة تتعثر.. وعربات جدعون تدخل خط النار في غزة
-
مسار الهدنة في غزة.. تفاهمات أولية تعيقها عقدة جديدة
وتسود توقعات بانضمام دول أخرى إلى المبادرة، منها بريطانيا وبلجيكا ولوكسمبورغ.
وقد لوّحت إسرائيل بردود حادة على هذه التحركات، من بينها إغلاق القنصلية الفرنسية في القدس، وطرح خطوات أحادية مثل ضم أجزاء من الضفة الغربية.
الصحيفة نوهت لتفسير آخر للتحرك الغربي ضد إسرائيل، يتمثل في ” الخوف من المجاعة وصور الدمار والوفيات من غزة، والتي تؤثر على العديد من الجماهير في تلك البلدان”.
وفي حين تحاول الحكومة الإسرائيلية تفسير الحراك الدبلوماسي خاصة الأوروبي ضد الحرب بأنه معاد لها، فإنها تجد صعوبة في تفسير تصريحات المسؤولين الإسرائيليين الكبار السابقين.