صناعة مستحضرات التجميل.. تأثرت بالأزمات الاقتصادية؟
سجلت صناعة مستحضرات التجميل خلال السنوات الأخيرة نمواً ملحوظاً. لتصبح من الصناعات الناجحة التي تلقى رواجاً وتتحرك إيجابياً. رغم ما يشهده العالم من أوضاع اقتصادية غير مستقرة. ووسط الضغوط التضخمية التي تفرض نفسها على المشهد الاقتصادي العالمي.
ووصل حجم سوق مستحضرات التجميل العالمية إلى 262.21 مليار دولار أميركي في العام 2022. وفقاً للبيانات التي نشرتها منصة “grand view research” البحثية.والتي توقعت أن تتوسع السوق بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة 4.2 بالمئة حتى العام 2030.
وفيما يتم استخدام مستحضرات التجميل بشكل يومي من قبل عدد كبير من الأشخاص. بغض النظر عن جنسهم أو أعمارهم. ونظر لأن الرعاية الذاتية والصحة أصبحت أكثر أهمية بالنسبة للمستهلكين في جميع أنحاء العالم. وقد باتت صناعة مستحضرات التجميل أكثر قيمة وتظهر الاتجاهات أن هذه الصناعة مستعدة لمواصلة التوسع. فإنه بحسب التقديرات التي نشرتها شركة “ستاتيستا” الألمانية المتخصصة في تحليل بيانات السوق والمستهلكين:
- في العام 2022، شهدت سوق مستحضرات التجميل العالمية نموًا يزيد عن 15 بالمئة مقارنة بالعام السابق.
- تعد العناية بالبشرة والعناية بالشعر والمكياج والعطور ومستلزمات النظافة ومزيلات العرق ومستحضرات التجميل عن طريق الفم فئات المنتجات الرئيسية في سوق مستحضرات التجميل.
- وكانت العناية بالبشرة هي الفئة الرائدة في عام 2022، حيث شكلت حوالي 41 بالمئة من السوق العالمية. وشكلت منتجات العناية بالشعر 22 بالمئة أخرى، في حين شكلت مستحضرات التجميل حوالي 16 بالمئة.
- تعد العناية بالبشرة إحدى فئات المنتجات الأكثر ربحية، حيث من المتوقع أن تدر إيراداتها ما يقرب من 182 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2027.
- واعتبارًا من العام 2022، تمثل منطقة شمال آسيا ما يقرب من 32 بالمائة من السوق العالمية.
مواصلة النمو
وفي تصريحات نقلتها عنه شبكة “بلومبرغ”. توقع الرئيس التنفيذي العالمي لشركة لوريال. نيكولاس هيرونيموس. وصول حجم سوق التجميل إلى 400 مليار يورو (426.8 مليار دولار أميركي) في العام 2030. ارتفاعاً عن حجمه الحالي الذي يصل إلى 270 مليار يورو تقريباً (وهو ما يعني نمواً بنحو 19.7 مليار دولار سنوياً).
أرجع هيرونيموس هذا النمو المتوقع إلى زيادة الطبقات الوسطى. ومن يرغبون في شراء منتجات فاخرة بأسعار أعلى. واتساع قاعدة المستهلكين لتتجاوز النساء والشباب.
وإلى ذلك، قال مختصون بالصناعة إن صناعة مستحضرات التجميل من الأسواق التي لم تتأثر بالأوضاع الاقتصادية التي يشهدها العالم. متوقعين أن تشهد نمواً كبيراً خلال السنوات المقبلة أيضاً.
ومن جهته، قال رئيس شعبة الأدوية ومستحضرات التجميل باتحاد الغرف التجارية في مصر. علي عوف، إن سوق مستحضرات التجميل لم تتأثر بالأزمات الاقتصادية العالمية كغيرها من القطاعات والصناعات.
وأضاف: إن حجم السوق نمى خلال السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ. مع ارتفاع معدلات الاستهلاك. وذلك على الرغم من ارتفاع أسعار التكلفة. إضافة إلى أن تلك الأسعار غير جبرية ومتروكة للعرض والطلب.
إلى السيدات المولعات بطلاء الأظافر.. أنتن في خطر
وأرجع ارتفاع معدلات استهلاك مستحضرات التجميل إلى أن هناك رغبة دائمة من قِبل المستهلكين من الرجال والسيدات على حد سواء في استهلاك منتجات التجميل التي تساعدهم على الظهور بمظهر جيد. كسلع ضرورية. كما أن تنافس الشركات على الإعلان عن عروض جديدة بشكل مستمر والدعاية عبر استخدام المواقع الإلكترونية تشجع المستهلكين على الشراء.
وبشأن العوامل التي تساعد على تعزيز أداء السوق في المستقبل. أوضح أن هناك ثلاث عوامل رئيسية وهي الدعاية الجيدة والمختلفة. وجودة المُنتج، والسعر الملائم.
واستفادت صناعة مستحضرات التجميل من الشعبية المتزايدة لمواقع التواصل الاجتماعي منها على سبيل المثال انستغرام ويوتيوب. لما لتلك المنصات من تأثير كبير. كما تخلق طلباً متزايداً على منتجات التجميل وتساعد في سد الفجوة بين العلامات التجارية لمستحضرات التجميل والمستهلكين.
وأصبحت منصات التجارة الإلكترونية تحظى بشعبية كبيرة. بنسبة تبلغ حوالي 36 بالمئة من المستهلكين من جيل الألفية الذين يشترون منتجات التجميل عبر الإنترنت. بحسب بيانات ستاتيستا.
التكلفة العالية وزيادة الأسعار
فيما ذكر رئيس المجلس التصديري للصناعات الطبية والدوائية ومستحضرات التجميل، ماجد جورج. أن أزمة جائحة كورونا أتاحت الفرصة لكثير من الدول للاعتماد على نفسها في صناعة مستحضرات التجميل بدلاً من الاعتماد على الاستيراد من الخارج. وبالتالي زادت المصانع المحلية على الرغم من ارتفاع أسعار مواد الإنتاج.
وأوضح لدى حديثه أن مستحضرات التجميل تشمل العناية الشخصية والماكياج والعطور وغير ذلك، مشدداً على أن ثقافة العناية الشخصية زادت بعد جائحة كورونا فأصبح استخدام منتجات العناية الشخصية أكثر مما كان عليه من قبل.
وأشار إلى المكاسب التي حققتها سوق مستحضرات التجميل تنقسم إلى شقين، شق يرتبط بالأرقام المحققة والكميات المنتجة. وشق كبير يرتبط بزيادة الأسعار العالمية. لافتاً إلى أن جزءاً كبير من العالم كان يعتمد على توفير إنتاجه من الصين. وبعد أزمة الإغلاق بسبب جائحة كورونا بدأت الدول البحث عن مصادر أخرى لكنها كانت بتكلفة أعلى. وهو ما رفع من أرباح السوق.
ونوه بأن صعود سوق مستحضرات التجميل مستقبلاً يأتي مدفوعاً بزيادة ثقافة المستهلكين بكل فئاتهم. حتى الطبقة الشعبية منهم. بأهمية استخدام منتجات العناية الشخصية. مؤكدًا على أن هذا السوق يمثل أهمية بالغة للاقتصاد العالمي.
الشركات الرائدة
ويتم التحكم في إنتاج مستحضرات التجميل ومنتجات التجميل من قبل عدد من الشركات متعددة الجنسيات مثل (لوريال ويونيليفر وشركة بروكتر أند غامبل وشركات إستي لودر وشركة شيسيدو، وبيرسدورف).
واعتبارً من العام 2022، أصبحت شركة مستحضرات التجميل الفرنسية لوريال الشركة الرائدة في مجال تصنيع مستحضرات التجميل في العالم . حيث حققت إيرادات تزيد عن 40 مليار دولار أميركي في ذلك العام، وتمتلك الشركة العلامة التجارية الرائدة في مجال العناية الشخصية على مستوى العالم . لوريال باريس، والتي تقدر قيمتها بحوالي 48 مليار دولار أمريكي في عام 2022، بحسب بيانات ستاتيستا.
وفي ذات السياق، قال الخبير الاقتصادي. علي عبد الرؤوف الادريسي إنه أمر طبيعي بالنسبة لأي سوق أن تكون هناك علاقة عكسية بين السعر والكمية. فكلما زاد السعر كلما كان ذلك ناتجاً عن نقص المعروض (وفق مبدأ العرض والطلب). ولكن هناك استثناءات متمثلة في أسواق كسوق الدواء والتطعيم ومستحضرات التجميل.
واستطرد: “مستحضرات التجميل سوق غير مرتبطة بالصدمات والأزمات الاقتصادية التي يشهدها العالم، أو انخفاض عملة مقابل أخرى”. موضحاً أن تل السوق ترتبط بالذوق العام للمستهلك إضافة إلى التقاليد وثقافة الشعوب.
كما أشار إلى أن مستحضرات التجميل يزيد الطلب عليها باختلاف مستويات الدخول والطبقات الاجتماعية، خاصة وأن المنتجين يوفرونها بأسعار متفاوتة تتناسب مع جميع الفئات. مشدداً على أنه مهما كان هناك اختلاف في مستويات الدخول والمستويات الاجتماعية. ومهما حدث من أزمات وصدمات أو ارتفاعات بالأسعار. يظل الطلب قائماً على مستحضرات التجميل.
وأكد أن مستحضرات التجميل تعد صناعة هامة كصناعات أخرى قوية، فهناك شركات تنتج وأخرى تسوق إضافة إلى عمالة واسعة في هذا القطاع (سواء العمالة المباشرة أو غير المباشرة). لذا فهي مهمة ولها تأثير على الاقتصاد بشكل أو بآخر وضمن جملة الصادرات والوادرات. لافتًا إلى أن بعض الدول في الفترة الأخيرة تحقق نجاح في جذب مزيد من السياحة عن طريق اشتهارها بإجراء عمليات التجميل أو بيع المستحضرات الموثوق بها.