فرنسا تحذّر من تجنيد قاصرين عبر الفضاء الرقمي
تشهد فرنسا في 2025 تصاعدًا لافتًا في قضايا مرتبطة بمكافحة الإرهاب، خصوصًا تلك التي تنطوي على الشباب والقاصرين، بما يشكّل تحولًا في مسألة التهديد الأمني الداخلي.
ووفق تقرير للمركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، فإن مكتب النيابة العامة لمكافحة الإرهاب فتح منذ بداية عام 2019 وحتى نهاية نوفمبر 2025 أكثر من 429 تحقيقًا في قضايا إرهاب “جهادي” داخل فرنسا، مع ارتفاع واضح في عدد القُصر الذين وُجهت إليهم تهم مرتبطة بالإرهاب بين عامي 2023 و2025.
وقد بلغت لوحدها في 2025 تهمًا ضد 20 قاصرًا في قضايا إرهاب ذي أبعاد “إسلاموية”، فضلا عن أن نحو 70% من المشاركين في خطط العنف تحت سن 22 عامًا، بينما اعتقل نحو 130 قاصرًا مرتبطًا بالإرهاب من 2023 حتى منتصف 2025.
وتُظهِر التفاصيل أن هذه الظاهرة ليست مرتبطة فقط بعنف تقليدي، بل تشمل أيضًا مخاطر متنامية من التجند عبر الفضاء الرقمي، حيث تلعب خوارزميات شبكات التواصل الاجتماعي دورًا في إسراع عمليات التطرف لدى فئات عمرية أصغر وأكثر هشاشة نفسيًا.
وتظهر آثار هذه الآليات الرقمية في ارتفاع حالات الشباب الذين يشاركون أو يحاولون تنفيذ أعمال مستوحاة من الفكر المتطرف، بما في ذلك مخططات ضد أهداف مدنية ودينية تم إحباطها.
في سياق متصل، تشير تقارير متابعة الأوضاع الأمنية إلى أن المكتب الوطني لمكافحة الإرهاب في فرنسا يحقق في عدد قياسي من القضايا خلال 2024–2025، مع تنبيه السلطات إلى مشاركة عدد غير مسبوق من “جنود صغار” في جرائم مستوحاة من الإسلام السياسي، مثل خطة فتاة تبلغ من العمر 13 سنة لتنفيذ هجوم على كنيس أو مسجد وُجهِضت قبل تنفيذها.
هذا النموذج الجديد من التهديد يعكس تحولًا في طبيعة الإرهاب من الجماعات المنظمة إلى أفراد متطرفين ذاتيًا ومتأثرين ببروباغندا إلكترونية.
على الصعيد العملي، تعمل السلطات الفرنسية على تكثيف التتبع والتحقيقات عبر مكتب النيابة العامة لمكافحة الإرهاب، مع انخراط كبير لوحدات الشرطة القضائية والاستخبارات في رصد الشبكات الرقمية ومراقبة الحالات الفردية، في محاولة لاحتواء موجة التطرف بين الشباب قبل أن تتطور إلى أعمال عنف.
هذه الجهود تتزامن مع تقييم شامل للمخاطر التي تشكلها العوامل الاجتماعية والرقمية في نشوء التطرف، ما جعل مكافحة الإرهاب في فرنسا اليوم تتجاوز المقاربة التقليدية للتهديدات المسلحة إلى مواجهة تجنيد القاصرين عبر الإنترنت وتفكيك شبكات الدعاية المتطرفة.
