ماذا وراء تحقيق فرنسا في نشاط الإخوان؟
قررت الحكومة الفرنسية إجراء تحقيق بشأن تنظيم الإخوان، وسط مخاوف متزايدة بشأن التهديد المحتمل له على قيم الجمهورية.
في نقطة تحول مهمة، قررت الحكومة الفرنسية مؤخرا إجراء تحقيق بشأن تنظيم الإخوان على الأراضي الفرنسية. القرار الذي يأتي وسط مخاوف متزايدة بشأن التهديد المحتمل الذي تشكله على القيم الأساسية للجمهورية المتمثلة في العلمانية والتماسك الاجتماعي. وفقا لما ذكرته ناتالي جوليت عضو مجلس الشيوخ الفرنسي في مقال لها على موقع “تريندز” للبحوث والاستشارات.
وقالت جوليت إن قرار التحقيق بشأن الجماعة يأتي في أعقاب سلسلة من الإجراءات القوية التي اتخذتها السلطات الفرنسية وتشمل طرد دعاة الكراهية وحظر العباءة في المدارس.
اعتراف بخطر التنظيم
وفي الوقت الذي يستحوذ فيه موضوع النفوذ الأجنبي على المجال السياسي قبيل الانتخابات الأوروبية والأمريكية، فإن قرار التحقيق يعكس اعترافا متزايداً بالحاجة إلى معالجة الأيديولوجيات الأجنبية التي تتحدى مبادئ الجمهورية.
وأوضحت عضوة مجلس الشيوخ أن هذه الخطوة ليست مجرد استجابة للأحداث الأخيرة، وإنما تمثل تتويجا لسنوات من الجهود التي بذلتها مختلف الجهات الفاعلة. وخاصة داخل مجلس الشيوخ الفرنسي. الذي دعا باستمرار إلى مزيد من اليقظة ضد من يُنظر إليهم على أنهم “أعداء الجمهورية”.
واعتبرت أن مهمة التحقيق تدل على التزام الحكومة بإجراء تحقيق شامل ومستنير. مشيرة إلى أنه سيتعمق في الضعف الملحوظ لمبادئ الجمهورية داخل المجتمع الفرنسي. حيث يُنظر إلى الحرب الأخيرة في غزة على أنها أدت إلى تفاقم هذا الاتجاه.
وأشارت جوليت إلى أن أحد المخاوف الرئيسية هو الجرأة المتزايدة التي يتحدى بها الشباب العلمانية كجزء من استراتيجية متعمدة لتقويض أسس الجمهورية.
الأيديولوجية المتجمدة للإخوان
وقالت إن هذه “الأيديولوجية المتجمدة” للإخوان ماكرة ومنتشرة. وتؤدي إلى تآكل القيم المجتمعية ببطء حيث تقوم استراتيجيتها على إضعاف الجمهورية من خلال مهاجمة أسسها. وفي المقام الأول نظام التعليم والعلمانية.
كما تحدثت عن الحاجة إلى معالجة التهديد طويل الأمد الذي يشكله الإخوان في ظل التحذيرات المستمرة من قبل الحكومات المتعاقبة حول مخاطر التراخي .والسذاجة في مواجهة هذه الأيديولوجية.
وحذرت عضوة مجلس الشيوخ الفرنسي من أن الوضع في فرنسا وغيرها من الديمقراطيات معرض للخطر، بسبب الانتشار المستمر لهذه الأيديولوجية التي تهدد المجتمعات.
وقالت إن القانون الأخير الذي يؤكد حظر شهادات العذرية هو خطوة إيجابية تدل على قدرة الجمهورية على مقاومة بعض الضغوط. لكنه يعبر أيضا عن خطورة الوضع الذي يصبح فيه مثل هذا التشريع ضروريا. كما تحتاج فرنسا أيضا إلى قانون لحماية الأطباء الذين يتعرضون .للتهديد عندما لا يريدون إصدار ما قالت إنها “شهادات العار والازدراء لكرامة المرأة”.
أمر واقع
وأكدت جوليت أن خطر تنظيم الإخوان أمر واقع. وبالتالي فإن احتواء نفوذه يعد هدفا مركزيا للتحقيق الذي يشمل تحديد وتفكيك الشبكات المالية للأعضاء، وضمان التعاون مع الشركاء الأوروبيين. من أجل اتباع نهج موحد، ومراقبة أنشطة جمع التبرعات عن كثب.
وشددت على ضرورة التحقيق أيضا في وقف شبكات تمويل الجمعيات والمؤسسات. من خلال فرض الضوابط على جمع التبرعات وأشارت إلى إحدى المنظمات المثيرة للجدل لجمع التبرعات ومعروفة بعلاقاتها مع تنظيم الإخوان .
وقالت إن هذه العلاقات تسلط الضوء على احتمال إساءة استخدام التبرعات وأيضا على الحاجة إلى ضوابط أكثر صرامة، فمن المؤكد أن هذه الأموال جرى استخدامها للدعاية في أفريقيا. مما يعني أن الأموال التي جرى جمعها في فرنسا تٌستخدم لمحاربة جيوش فرنسا على الفور ونشر المشاعر المعادية لفرنسا، على حد قولها.
تطرقت في مقالها أيضا إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي مثل تطبيق “الفتوى الأوروبية”، الذي يعد من أكثر التطبيقات استخداما على، معتبرة أنها أدوات رئيسية لنشر الفكر المتطرف.منوهة إلى عدم وجود إجراءات فعالة ضد مثل هذه المنصات. على الرغم من المحاولات للحد من نفوذها.
الهدف النهائي للتحقيق
وفي الختام، قالت جوليت إن الهدف النهائي للتحقيق، إعطاء الأولوية لمكافحة الانفصالية وحماية الجمهورية وأكدت التمييز بين التحقيق وأي محاولة لاستهداف الدين الإسلامي نفسه. حيث تلتزم الحكومة الفرنسية بدعم حرية العبادة لجميع الأديان.
وشددت على أن التحقيق ينصب فقط على المئات من الأفراد الذين يشكلون تهديدًا للأمن القومي ورفاهية جميع المواطنين الفرنسيين. بمن في ذلك الجالية المسلمة التي خصصت لها وزارة الداخلية أموالا كثيرة لضمان أمن المساجد باعتبار أن فرنسا تستضيف أكبر جالية من المسلمين في أوروبا.