أول رائد عربي يقضي شهر رمضان بالفضاء.. كيف يصوم سلطان النيادي؟
مع حلول شهر رمضان خلال مهمته بمحطة الفضاء الدولية، سيكون الإماراتي سلطان النيادي هو أول رائد فضاء عربي يقضي شهر رمضان كاملا في الفضاء.
تجربة جديدة سيتابعها العالم العربي والإسلامي، ضمن مسيرة بدأتها الإمارات لتحفيز وتشجيع العرب على تحقيق نقلة نوعية في اهتماماتهم وإطلاق العنان لطموحاتهم.
وكان النيادي قد وصل في الثالث من مارس الجاري رفقة فريق مهمة crew-6 إلى محطة الفضاء الدولية على متن المركبة “سبيس إكس دراغون إنديفور”، لخوض أطول مهمة فضائية في تاريخ العرب تمتد لستة أشهر.
تحديات وتساؤلات
ويعد الصيام في الفضاء تحديا كبيرا، لأكثر من سبب، لعل أبرزها أن رواد الفضاء سيشاهدون في اليوم الاعتيادي للأرض المقدر بـ”24″ ساعة 16 مرة شروقا للشمس و 16 مرة غروبا، وهو ما يفرض تحديا حول توقيت صيام وصلاة رائد الفضاء.
فهل سيصلي رائد الفضاء المسلم على متن تلك المحطة كل 90 دقيقة خمس صلوات أي ما يساوي 80 صلاة خلال يومنا الاعتيادي المقدر بـ24 ساعة؟ وهل سيصوم رائد الفضاء مدة 45 دقيقة مقدار نهاره مع إضافة زمن طلوع الفجر شيئا يسيرا ثم يفطر مدة 45 دقيقة مقدار ليله لمدة 30 مرة باعتبار أن كل 90 دقيقة يوم بنهاره وليله.
وبالتالي يكون الزمن المقدر لصيامه خلال شهر رمضان كاملا 45 ساعة فقط أي ما يقارب يومين من أيامنا الاعتيادية؟ وكيف يحدد رائد الفضاء قِبلَته مع حركة المحطة المستمرة وسرعتها الفائقة فالأرض تتقلب أمامه تارة من فوقه وتارة من تحته أو عن طرفه وهكذا حتى ينزل منها.
أم يقدر له الوقت كما لو كان مقيماً في مدينته فيصلي خمس صلوات كل ساعة أم تسقط عنه الصلاة والصيام لفقد أسباب وجوبهما؟
الصلاة والصيام بالفضاء
الإجابة عن تلك التساؤلات، تضمنها إصدار لدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، أصدرته بالتزامن مع انطلاق رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري في أول مهمة إلى محطة الفضاء الدولية سبتمبر/ أيلول عام 2019، وذلك بناء على توجيهات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي في استشراف المستقبل.
وأصدرت دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي إصداراً يعد الأول من نوعه في هذا التخصص بعنوان “تقدير مواقيت الصلاة والصيام لرواد محطة الفضاء الدولية”.
وجاء هذا الكتاب ليسلط الضوء على أثر من آثار الثورة الصناعية الرابعة وما يتعلق بها من أحكام شرعية كمواقيت الصلاة والصيام لرواد محطة الفضاء الدولي والتي تدور في مدار حول كوكب الأرض بارتفاعات ثابتة شاهقة تقدر بـ 400 كلم وبسرعات عالية تصل إلى 28 ألف كلم في الساعة.
وأكد الإصدار أن “الصلاة والصيام لا يسقطان عن ذمة رواد الفضاء مطلقاً، وتقدر أوقات الصلاة والصيام حسب مواقيت الأرض باعتماد مواقيت الصلاة والصيام لرواد محطة الفضاء حسب دخولهما في منطقة (أم القرى) مكة المكرمة، لاعتبارها مهبط الوحي ومنبع التكليف، ولا عبرة بمواقيت بلد الإقلاع أو بلد إقامة الرائد؛ لانفصال رائد الفضاء عن تلك الجهات البتة”.
ويكون التقدير للصلاة عــلى متن محطة الفضاء الدولية، عن كل يوم خمس صلوات فقط، والمكون من: (24) ساعة، من ساعات الأرض.
ويكون التقدير للصيام عن: (29 أو 30) يوما حسب ثبوت الرؤية في مكة المكرمة، ولا عبرة بعدد مرات الشروق والغروب الذي يراه رائد الفضاء بســبب اختلال العلامات.
وعن تحديد القبلة على رائد الفضاء أن يتحرى جهة القبلة وقت مرور المحطة أمام الكعبة المشرفة، أو بلاد الجزيرة العربية على أقل تقدير، وإن خشي خروج الوقت؛ فليستقبل جهة الأرض عموما بوجهه ويصلي، وإن لم يتيسر له من ذلك شيء، صَلى حيث توجه.
وفيما يتعلق بالأخذ برخص السفر عند استقرار رائد الفضاء في محطة الفضاء الدولية: قال الكتاب “بـما أن محطة الفضــاء الدوليــة مســتمرة في دورانها حول الأرض، فهذا يعني أن حكم السفر مستمر لركابها، ولهم حينئذ الأخــذ برخص الســفر، من قصر الصلاة وجمعهــا، والفطر في شهر رمضان. ولما كانت المشقة ظاهــرة لرائد الفضــاء في أداء الصلاة، وبخاصة في ضبط اتجاه القبلة على سمت مكة المكرمة، كان من الأيسر له الجمع لاتســاع مدة تحين مرور المركبة على جهة القبلة أو الأرض”.
وبالنسة للصيام: فمما لا شــك فيه أن محطة الفضاء الدولية لها اتصال بالأرض، فعلى رائد الفضاء المسلم أن يتأكد من ثبوت رؤية الهلال في مكة المكرمة، لينوي صيام شهر رمضان، ثم إن أحب الصوم – وهو الأفضل فليمسك ويفطر-حسب إمساك وإفطار تقويم أم القرى (مواقيت مكة المكرمة)، وإن أخــذ برخصة الفطر فليقض ِبعــد رجوعه.
هل سيصوم النيادي؟
وبناء على ما تقدم فهل سيصوم سلطان النيادي أم سيأخذ برخصة الفطر على اعتبار أنه في حكم المسافر؟
النيادي قال في تصريحات سابقة: “في حالتي يمكن تصنيفي كمسافر، ويحق للمسافر أن يقطع صومه”، وأضاف: “الصوم ليس إلزامياً إذا شعر المرء على سبيل المثال بأن صحته ليست على ما يرام”.
وتابع النيادي قائلا: “من هنا يُسمح لنا بتناول كمية كافية من الطعام تفادياً لأي شيء قد يقوّض المهمة أو يهدد أفراد الطواقم”.
وأكد النيادي أنّ صيام شهر رمضان خلال مهمته في الفضاء سيشكل تحديا من نوع آخر، إلا أنه أكد نيته للصيام، قائلا :”حاليا إن شاء الله سنستعد للشهر الفضيل بنية الصيام”.
رحلة تاريخية
وكان النيادي قد وصل في الثالث من مارس الجاري رفقة فريق مهمة crew-6 إلى محطة الفضاء الدولية على متن المركبة “سبيس إكس دراغون إنديفور”، لخوض أطول مهمة في تاريخ العرب تمتد لـ6 أشهر.
وتعد المهمة، التي أطلقها مركز محمد بن راشد للفضاء ضمن برنامج الإمارات لرواد الفضاء، إلى محطة الفضاء الدولية هي أول مهمة طويلة الأمد لرواد الفضاء العرب في التاريخ.
وعقب وصوله أجرى فريق المهمة العديد من الأبحاث والتجارب العلمية التي تشارك فيها دولة الإمارات مع جميع وكالات ومراكز أبحاث الفضاء العالمية، ومنها ما يحمل بصمة إماراتية، لاسيما في مجال دراسة تأثير انعدام الجاذبية على جسم الإنسان والعمل على تلافي مخاطرها في المستقبل.
وخلال 4000 ساعة على متن محطة الفضاء الدولية سيجري سلطان النيادي أكثر من 19 تجربة بحثية، ودراسات متقدمة، بالتعاون مع وكالة ناسا، ووكالة الفضاء الأوروبية، ووكالة الفضاء الكندية، والمركز الوطني لدراسات الفضاء بفرنسا، ووكالة استكشاف الفضاء اليابانية “جاكسا”، تشمل مجموعة من المجالات، أبرزها نظام القلب والأوعية الدموية، وآلام الظهر، واختبار وتجربة التقنيات، وعلم “ما فوق الجينات”، وجهاز المناعة، وعلوم السوائل، والنبات، والمواد، إضافة إلى دراسة النوم، والإشعاعات.
كما ستشمل المهمة على جانب التوعية التعليمية من أجل إلهام الجيل المقبل من العلماء والباحثين، حيث اختار مركز محمد بن راشد للفضاء مشروعين بحثيين من جامعة محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، إذ يركز المشروع الأول على تقييم تأثير بيئة الجاذبية الصغرى في الفضاء على التفاعل بين القلب ووضعية الجسم، بينما سيعمل المشروع الثاني على دراسة خلايا الفم والأسنان على الأرض في بيئة تحاكي الجاذبية الصغرى.