إني أتنفس تحت الماء إني أغرق.. اكتشاف علمي «للعندليب»
اكتشاف الأكسجين في الأعماق لا يدعم تنفس البشر
بينما كان عبدالحليم حافظ يصدح بالمقطع الشهير “إني أتنفس تحت الماء.. إني أغرق”، من قصيدة “رسالة تحت الماء”، للشاعر نزار قباني. كان البعض ممن لم يفهمون التعبير المجازي للعبارة، يسخرون منها قائلين: “كيف يتنفس تحت الماء، وفي نفس الوقت يغرق؟”.
ومع نشر دراسة، يوم الإثنين، في دورية “نيتشر جيوسياينس”. تشير إلى العثور على أكسجين يتم إنتاجه على عمق أكثر من 13000 قدم تحت سطح المحيط. قد يظن البعض أن العلم سينصر العندليب الأسمر بعد مرور سنوات طويلة على إصدار الأغنية. لكن أستاذ الجيولوجيا الحيوية بجامعة أكسفورد روبوت فوك، أكد استحالة التنفس تحت الماء، رغم اكتشاف الأكسجين.
وكان البروفيسور أندرو سويتمان من الجمعية الاسكتلندية لعلوم البحار. والباحث الرئيسي بالدراسة، قد فوجئ بالأكسجين في قراءات المستشعرات .التي يستخدمها خلال رحلة استكشافية بمنطقة كلاريون كليبرتون في المحيط الهادئ.
وظن أن هناك خطأ بالأجهزة، لكن تأكد لاحقا من دقتها. ليبحث عن مصدر هذا الأكسجين، وافترض وفريقه البحثي أن العقيدات المتعددة المعادن الموجودة في قاع البحر .يمكن أن تعمل بمثابة “بطاريات جغرافية” طبيعية لتوليده من خلال العمليات الكهروكيميائية.
والعقيدات المتعددة المعادن، والمعروفة أيضا باسم عقيدات المنغنيز، هي عبارة عن كتل صخرية في قاع البحر تتكون من طبقات متحدة المركز من هيدروكسيدات الحديد والمنغنيز حول القلب. ويمكن العثور على هذه العقيدات على أعماق تتراوح بين 4000 إلى 6000 متر (13000 إلى 20000 قدم) في السهول السحيقة لمحيطات العالم. وهي ذات أهمية كبيرة لأنها تحتوي على معادن ثمينة مثل المنغنيز والنيكل والنحاس والكوبالت والعناصر الأرضية النادرة.
ويقول فوك إنه رغم الدور الذي تلعبه تلك العقيدات متعددة المعادن في إنتاج الأكسجين. فإن هناك عدة أسباب تجعله يؤكد استحالة التنفس تحت الماء باستخدامه، وهي:
أولا: آلية إنتاج الأكسجين
يشير البحث إلى أن عمية الإنتاج تحدث في أعماق البحار. ومن المحتمل أن تكون تفاعلات كهروكيميائية تتضمن عقيدات متعددة المعادن. تنتج الأكسجين بدون ضوء، ويتم توليد هذا الأكسجين بكميات صغيرة جدا وموضعية داخل رواسب قاع البحر.
ثانيا: النطاق وإمكانية الوصول
كمية الأكسجين المنتجة في بيئات أعماق البحار ضئيلة وغير كافية لدعم التنفس البشري. والطبيعة الموضعية لإنتاج الأكسجين هذا تعني أنه لا ينتشر في المياه المحيطة بطريقة يمكن تسخيرها للتنفس.
ثالثا: متطلبات التنفس للإنسان
يحتاج البشر إلى تركيز محدد من الأكسجين (حوالي 21% في الهواء) للتنفس بشكل فعال. والكميات الضئيلة التي تنتجها هذه العمليات في أعماق البحار أقل بكثير مما هو ضروري للتنفس البشري.
رابعا: الضغط والعمق
على عمق 13000 قدم، يكون الضغط مرتفعا للغاية. والظروف البيئية غير مناسبة لبقاء الإنسان على قيد الحياة دون معدات متخصصة.
ورغم النفي لإمكانية دعم الأكسجين المكتشف لعملية التنفس تحت الماء. إلا أن فوك يصفه بالاكتشاف الرائد.
ويقول إن “اكتشاف إنتاج الأكسجين على عمق أكثر من 13000 قدم. تحت سطح المحيط، هو تحد للافتراضات العلمية القائمة منذ فترة طويلة”.
وأضاف أن “هذا الاكتشاف سيكون له آثار كبيرة على فهمنا للنظم البيئية في أعماق البحار. والتأثيرات المحتملة للتعدين في أعماق البحار”.