اخترنا لكم

إيران.. الابتزاز الطريق الأقصر إلى المفاوضات

يحيى التليدي


بعيداً عن الهفوات التي ارتكبها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في الأسابيع الأخيرة من ولايته.

لا يمكن تجاهل أنّ سياسة الضغط القصوى التي انتهجتها إدارته تجاه إيران كانت فاعلة في تحجيم نفوذها. هذه السياسة ستجد إدارة جو بايدن نفسها مضطرّة إلى المحافظة عليها والبناء على هذا الإرث وتفعيله.

ورغم أنه من الواضح أن إدارة بايدن ستكون مختلفة عن إدارة ترامب في ملفات كثيرة، فإنها وبناءً على تصريحات مسؤوليها ستتمسّك بخطّ واضح تجاه إيران وملفّها النووي. سيكون هناك ربط بين العودة إلى الاتفاق في شأن هذا الملفّ وقضايا أخرى في مقدّمتها الصواريخ الباليستية الإيرانية وسلوك طهران خارج حدودها.

التصريحات الصادرة عن إدارة بايدن وتمسكها بتعديلات جديدة للاتفاق النووي، وتحسّن العلاقات الأمريكية الأوروبية، وما يعنيه ذلك من تضييق فرص طهران في استثمار التباينات بين أوروبا والولايات المتحدة، والتزام واشنطن بالتعاون البناء مع حلفائها التقليديين في المنطقة، كلّ ذلك أدَّى إلى خفض طهران مستوى رهانها على إدارة الرئيس بايدن، ودفعها من جديد إلى استراتيجية حافة الهاوية مع واشنطن والمجتمع الدولي.

وقد باشرت إيران اختبار نيّات إدارة بايدن وجسّ نبضها، لعلّها تكتشف مدى جدّيتها في مواجهة أعمالها التخريبية من جهة، ومعرفة إلى أيّ حدّ ستكون منشغلة في معالجة الوضع الداخلي الأمريكي من جهة أخرى. وخلال الأيام الماضية أجرت إيران مناورات عسكرية تعمّدت فيها إظهار أسلحة جديدة تمتلكها، كما قامت بتحريك أذرعها الإرهابية في المنطقة، فزادت مليشيا الحوثي من هجماتها الصاروخية ضد السعودية، وتلغيم مياه البحر الأحمر وخليج عدن وتهديد الملاحة الدولية.

تمارس طهران لعبة ذات طابع ابتزازي، معتقدة أن واشنطن سترضخ لشروطها، تريد توجيه رسالة فحواها أنّها تقترب أكثر فأكثر من الحصول على السلاح النووي، لذلك على إدارة بايدن، من وجهة نظر طهران، التفاوض معها والعودة إلى ما قبل انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاق النووي من دون أخذ وردّ ورفع العقوبات في الوقت ذاته.

الحقيقة أن هذه الاستفزازات الإيرانية ليست إلا دليل ضعف لا دليل قوّة، ولن تجبر مثل هذه المناورات والاعتداءات ولا زيادة تخصيب اليورانيوم الإدارة الأمريكية الجديدة على تقديم تنازلات للنظام الإيراني. لن تعود إدارة بايدن إلى الاتفاق النووي من دون مرافقة هذه العودة مع شروط معينة؛ لعل أهمها، كما ذكر وزير الخارجية أنتوني بلينكن، اتفاق بمدة أطول يشمل برنامج إيران الصاروخي، وبما يرضي حلفاء واشنطن في المنطقة.

سياسة المناورة والابتزاز التي تمارسها إيران لإحراج إدارة بايدن ليست في صالحها، خاصة أنها في وضع اقتصادي حرج. بايدن وضعه التفاوضي تجاه إيران في منتهى القوة، والأكيد أنه سيبقي عقوبات ترامب كورقة ضغط قوية حتى يحقق الحد الأقصى من الشروط الجديدة، ولا يبدو أنه سيرفع العقوبات حتى يتأكد من أن إيران ستذعن لتلك التعديلات.

نقلا عن العين الإخبارية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى