سياسة

الثقة تهدد المفاوضات في حرب غزة وواشنطن تتعلق بـ«القشة»


مع تزايد الزخم نحو تجديد المحادثات بشأن صفقة الرهائن مع حماس، حمل هذا المسار العديد من التطورات خلال الساعات الماضية، التي قد تقود إلى التوصل لـ«اتفاق قريب».

ومن المتوقع أن تبدأ في الأيام المقبلة، المفاوضات غير المباشرة للوصول إلى هدنة في غزة، في تطور كان محور محادثة هاتفية جمعت نتنياهو، والرئيس جو بايدن، والتي تناولت قرار الأول بإرسال فريق تفاوض حول صفقة إطلاق سراح الرهائن مقابل وقف إطلاق النار.

تطورات على المسار

وأبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الرئيس الأمريكي جو بايدن أن إسرائيل ملتزمة «بإنهاء الحرب فقط بعد تحقيق جميع أهدافها»، وفقًا للبيان الإسرائيلي للمحادثة.

وهنأ نتنياهو، الرئيس الأمريكي بعيد الاستقلال، قائلا له: «بدون الولايات المتحدة لا توجد حرية في العالم»، ورد بايدن بأنه «بدون إسرائيل لا يوجد أمان لليهود في العالم»، بحسب مكتب رئيس الوزراء.

وقال مسؤول حكومي إسرائيلي الخميس، إن تل أبيب أرسلت وفدا للدوحة للتفاوض على اتفاق حول إطلاق سراح الرهائن مع حركة حماس، والتي من المتوقع أن يقودها رئيس الموساد ديفيد برنياع، بحسب القناة 13 الإسرائيلية.

المسؤول ذاته أكد «أن رئيس الوزراء نتنياهو شدد على أن الحرب لن تنتهي إلا بعد تحقيق جميع أهدافها وليس قبل ذلك بلحظة».

فلسطينيون يسيرون في موقع الغارات الإسرائيلية التي أصابت مبنى في سوق البلدة بغزة

وتلقت إسرائيل أمس الأربعاء، رد حماس على مقترح أعلنه الرئيس الأمريكي جو بايدن في أواخر مايو/أيار الماضي، سيتضمن الإفراج عن نحو 120 رهينة محتجزين في غزة ووقف إطلاق النار في القطاع الفلسطيني.

وقال مصدر فلسطيني مقرب من جهود الوساطة لـ«رويترز»، إن حماس أبدت مرونة بشأن بعض البنود، وسيسمح ذلك بالتوصل إلى اتفاق إطاري إذا وافقت إسرائيل.

وتقول حماس إن أي اتفاق لا بد أن ينهي الحرب المستمرة منذ قرابة تسعة أشهر وأن يؤدي إلى الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة. وتصر إسرائيل على أنها لن تقبل سوى هُدَن مؤقتة فحسب في القتال حتى القضاء على حماس.

وتشمل الخطة الإفراج التدريجي عن رهائن من الإسرائيليين الذين لا يزالون محتجزين في غزة وانسحاب القوات الإسرائيلية خلال المرحلتين الأوليين، بالإضافة إلى إطلاق سراح سجناء فلسطينيين. وستتضمن المرحلة الثالثة إعادة إعمار القطاع الذي دمرته الحرب وإعادة رفات الرهائن الذين لقوا حتفهم.

ما أهمية رد حماس؟

قال مسؤولون إسرائيليون إن رد حماس يجعل من الممكن التوصل إلى اتفاق بشأن المادتين 8 و14 – وهما الفجوتان الرئيسيتان بين الطرفين.

وفي المادة الثامنة، التي تحدد الخطوط العريضة للمفاوضات بين إسرائيل وحماس التي ستبدأ خلال تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، وافقت حماس على استبدال كلمة «بما في ذلك» بكلمة أخرى اقترحتها الولايات المتحدة ومقبولة لدى إسرائيل، بحسب مسؤولين إسرائيليين.

وأكدوا أن الصياغة الجديدة ستظل تسمح بوجود غموض لدى الطرفين في المفاوضات حول محور المرحلة الأولى من الاتفاق.

وتريد حماس تغيير اللغة في المادة 14 من الاقتراح بحيث لا تقول إن الولايات المتحدة وقطر ومصر «ستبذل كل جهد ممكن» لمواصلة المفاوضات حتى التوصل إلى اتفاق بشأن المرحلة الثانية من الصفقة، بل تقول إنهم سوف «يلتزمون» بذلك.

فلسطينيون يسيرون في موقع الغارات الإسرائيلية التي أصابت مبنى في سوق البلدة بغزة

وقال مسؤولون إسرائيليون إن هذا الطلب يمكن أن يتم حله من خلال مزيد من المفاوضات بين الطرفين.

وبحسب المسؤولين الإسرائيليين، فإن النقطة الرئيسية هي أن رد حماس يتضمن مرونة تسمح للأطراف بالدخول في المرحلة الأولى من الصفقة، مع المخاطرة بعدم تحقيق المراحل التالية.

وأعرب مسؤول إسرائيلي كبير عن تفاؤله وأشار إلى أنه بمجرد بدء المفاوضات حول تفاصيل الاتفاق، يمكن التوصل إلى اتفاق خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.

ورغم ذلك، إلا أن متحدثًا باسم حماس، قال اليوم: «نحن لا نثق في نتنياهو أو في الإدارة الأمريكية. نحن نثق في المقاومة وشعبنا وجبهات الدعم».

وقال المتحدث باسم حركة حماس في لبنان أحمد عبد الهادي لقناة الميادين الفضائية اللبنانية الموالية لحزب الله: «من خلال متابعة تصريحات نتنياهو نلاحظ التناقض، وهذا يؤكد أن نتنياهو غير جاد في التوصل إلى اتفاق»، مضيفاً أن «نتنياهو لا يريد وقف إطلاق النار».

وأشار إلى أن حماس «تتعامل بموضوعية»، متوعدًا بـ«مواصلة المقاومة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، وإذا تم التوصل إلى اتفاق فهذا ممتاز».

وقال المتحدث باسم «حماس»، إن الحركة لم «تقدم ورقة أو ردا» على أحدث مقترحات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، بل «أظهرت مرونة». ونقل عن عبد الهادي قوله: «كنا نسعى إلى صياغة عبارات ثابتة، والمرونة اليوم في الشكل وليس المضمون (..) أبلغنا الوسطاء أن الأجواء إيجابية ويمكن التوصل إلى اتفاق».

لماذا هذه التطورات هامة؟

يقول موقع «أكسيوس» الأمريكي، إن بايدن دفع من أجل التوصل إلى اتفاق لعدة أشهر. وقال مسؤولون في البيت الأبيض إنهم يريدون الاستفادة من رد حماس الإيجابي على الاقتراح الأخير من أجل سد الفجوات المتبقية والتوصل إلى اتفاق.

وبحسب الموقع الأمريكي، فإن التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة، بما في ذلك المواطنون الأمريكيون، والتوصل إلى وقف إطلاق النار في القطاع سيكون إنجازا كبيرا في السياسة الخارجية لبايدن الذي يواجه انتقادات شديدة بعد المناظرة الرئاسية في يونيو/حزيران الماضي.

وكانت حماس قدمت يوم الأربعاء ردها المحدث على الاقتراح الإسرائيلي الأخير، فيما قال مسؤولون إسرائيليون عنه إنه يمثل تقدما كبيرا، ويفتح الباب أمام مفاوضات أكثر تفصيلا يمكن أن تؤدي إلى اتفاق.

وقال مكتب رئيس الوزراء إن نتنياهو وافق، الخميس. بعد رد حماس، على إرسال مفاوضين إسرائيليين لإجراء مفاوضات مفصلة.

لكن ماذا نعرف عن الاقتراح الأخير الذي وافقت عليه حكومة الحرب الإسرائيلية؟

تتضمن الخطة اتفاقا من ثلاث مراحل. من شأنه أن يؤدي إلى إطلاق سراح 120 رهينة متبقية لدى حماس وتحقيق «الهدوء المستدام» في غزة.

وتركز المرحلة الأولى على الحالات الإنسانية. وتتضمن وقف إطلاق النار لمدة 42 يوما مقابل إطلاق سراح النساء والمجندات والرجال فوق سن الخمسين عاما والرجال في حالة طبية حرجة والمحتجزين كرهائن لدى حماس.

وفي المقابل، ستفرج إسرائيل عن نحو 900 أسير فلسطيني. بينهم أكثر من 150 يقضون أحكاما بالسجن المؤبد بتهمة قتل إسرائيليين.

ماذا تقول المصادر الإسرائيلية؟

قال مصدر مطلع على تفاصيل المفاوضات للقناة الإخبارية 12 الإسرائيلية، مساء الخميس إنه “بعد فحص رد حماس، إنها إجابة جيدة.. يمكننا بدء المفاوضات والتوصل إلى اتفاق في غضون أسبوعين أو 3 أسابيع، بالنظر إلى أن نتنياهو ومجلس الوزراء يعطيان الضوء الأخضر – والتفويض المطلوب لوضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل”.

وأضاف: “أهم ما في رد حماس هو التقليل من الطلب الأولي لإنهاء الحرب وإمكانية تنفيذ المرحلة الإنسانية – إطلاق سراح النساء والجنود والشيوخ والجرحى – دون الالتزام بإنهاء الحرب”.

وتابع المصدر ذاته: “ثانيا، حقيقة أن حماس فهمت صراحة من الوسطاء أنها إذا انتهكت الصفقة. أو إذا لم تتقدم المفاوضات، فستتمكن إسرائيل من العودة للقتال بدعم من الولايات المتحدة.. وهذا يعني أن هذا يترك أدوات ضغط كافية لتمكين المرحلة الثانية – إطلاق سراح الجنود والرجال. هذا إنجاز إسرائيلي، مما يعني أن هناك أدوات ضغط لضمان عودة الجنود الذكور، وفي وقت لاحق أيضا الجثث”.

إلا أن المصدر الإسرائيلي استدرك قائلا “في الوقت نفسه. لا تزال هناك فجوات يجب سدها من أجل التوصل إلى اتفاق”.

واعتبر أنه ستكون هناك حاجة إلى مفاوضات أكثر كثافة. على الرغم من إغلاق الإطار، مشيرا إلى وجود قضايا أخرى تحتاج إلى حل مثل كم عدد السجناء الأمنيين الذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل كل مختطف وحق النقض (هوية المفرج عنهم).

وأوضح أنه بالإضافة إلى ذلك، سيكون هناك تأخير فيما يتعلق بالانسحاب الإسرائيلي .ومسألة التعامل مع السيطرة الإسرائيلية على معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر.

كيف استقبل أهالي غزة تلك التطورات؟

وأبدى الفلسطينيون في غزة تفاؤلا حذرا إزاء تلك الأنباء. وقال يوسف: «إحنا نأمل أنه هاي نهاية الحرب لأنه إحنا تعبنا وما راح نتحمل انتكاسات وإحباطات جديدة». ولدى يوسف ابنان وهو نازح يعيش حاليا في خان يونس جنوب القطاع.

وأضاف لـ«رويترز»: «كل ساعة زيادة في ها الحرب معناها ناس كتير تانية راح تموت. وبيوت كتير راح تتدمر، بيكفي، أنا بقول هيك لقياداتنا، لإسرائيل وللعالم».

وقالت وزارة الصحة في غزة الخميس إن أكثر من 38 ألف فلسطيني قتلوا. وأصيب 87445 آخرون في الحرب المستمرة منذ نحو تسعة أشهر. ولا تشمل بيانات الوزارة أي تصنيف يفرق بين المدنيين والمقاتلين.

وواصل فلسطينيون كثيرون الخميس البحث عن ملاذ عقب أمر الإخلاء الذي شمل أيضا مدينة رفح. وتقول الأمم المتحدة إنه أمر الإخلاء الصادر لأكبر عدد من السكان بعد أن صدر أمر لنحو 1.1 مليون شخص بمغادرة شمال القطاع في أكتوبر تشرين الأول.

وقال سكان خان يونس إن أسرا كثيرة تنام على الطرق لأنها لا تستطيع العثور على خيام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى