سياسة

الجمود في جبهة الجنوب الأوكراني: هل استنفدت روسيا أوراقها العسكرية؟


تشهد الجبهة الجنوبية في أوكرانيا حالة من الجمود العسكري، حيث توقفت القوات الروسية عن تحقيق تقدم ملحوظ، في حين تستمر المعارك العنيفة على جبهات أخرى مثل الشرق والمناطق الحدودية.

وترجع مجلة ناشيونال إنترست، هذا الجمود إلى عدة عوامل استراتيجية وعسكرية متشابكة، أبرزها التحصينات الدفاعية الهائلة التي أنشأتها روسيا في الجنوب خلال عام 2023، والتي مكنتها من التركيّز على الجبهات الأكثر سخونةً مثل دونباس شرقاً ومنطقة كورسك الحدودية.

التحصينات الروسية المتطورة

حوّل الجيش الروسي جزءًا كبيرًا من جنوب أوكرانيا إلى حصن ضخم. فخلال عام 2023، شيدت القوات الروسية أكثر التحصينات الدفاعية التي شهدتها أوروبا فعالية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، حيث تمكنت من صد هجوم كييف المضاد، ولم تتمكن الألوية الميكانيكية الأوكرانية من اختراق الخطوط الروسية وتحقيق هزيمة ساحقة.

ويسمح هذا الموقع الدفاعي القوي للغاية لروسيا في جنوب أوكرانيا لها بالدفاع في ذلك القطاع من خط التماس وتخصيص قواتها لقطاعات أخرى أكثر نشاطًا.

إعادة توزيع القوات والتركيز على الجبهات النشطة

قررت القيادة الروسية سحب جزء من قواتها من الجنوب لدعم العمليات الهجومية في مناطق أخرى، مثل كورسك ودونيتسك شرقاً. ففي كورسك، لا تزال موسكو تحاول استعادة الأراضي التي سيطرت عليها أوكرانيا في أغسطس/آب.

أما في دونيتسك فتتركز الجهود الروسية على السيطرة على مدن استراتيجية مثل تورييتسك وتشاسيف يار، والتي لم تُحسم المعارك حولها رغم أشهر من القتال.

وفي مقاطعة خاركيف تستهدف روسيا مدينة كوبيانسك، مركز الإمدادات الحيوي، عبر هجمات جوية ومحاولات لإنشاء رؤوس جسور غرب نهر أوسكيل، لكن الضربات الأوكرانية بالطائرات المسيّرة تعيق تقدمها.

استنزاف ومرونة تكتيكية

ووفق مراقبين فإن الجمود في الجنوب جزء من استراتيجية روسية أوسع تهدف إلى إطالة أمد الحرب لاستنزاف أوكرانيا وحلفائها الغربيين، خاصة مع تزايد المؤشرات على تراجع الدعم العسكري والمالي الأوروبي-الأمريكي.

كما تسعى موسكو لتركيز جهودها على مناطق تُعتبر ذات أولوية جيوسياسية، مثل السيطرة الكاملة على دونباس، أو تحييد التهديدات القادمة من التقدم الأوكراني المحدود داخل الأراضي الروسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى