المغرب العربي

الخلافات السياسية تلقي بظلالها على انتخابات الرئاسة التونسية: ما مصير الديمقراطية؟

تشهد انتخابات الرئاسة التونسية حالة من التعقيد والارتباك مع دخولها في متاهة الخلافات السياسية بين الأحزاب والمرشحين. تصاعدت التوترات بسبب اختلافات حول القوانين الانتخابية، والطعون المقدمة ضد بعض النتائج، والتشكيك في نزاهة العملية الانتخابية. هذه الخلافات تهدد بعرقلة مسار الانتخابات وتعطيل الجهود الرامية إلى ضمان انتقال سياسي سلس في البلاد، مما يثير قلق المواطنين والمراقبين بشأن مستقبل الديمقراطية في تونس.


دخلت انتخابات الرئاسة التونسية  قبل نحو شهر من موعدها المقرر في السادس من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، متاهة خلافات بين هيئتين الأولى قضائية هي المحكمة الإدارية والثانية دستورية هي الهيئة العليا للانتخابات المكلفة بالإشراف على تأمين الاستحقاق الرئاسي تنظيميا ولوجستيا وإجرائيا.

ويأتي هذا الخلاف بين المحكمة الإدارية التي أعادت 3 مترشحين لسباق الرئاسة بعد استبعادهم وهم كل من منذر الزنايدي وعماد الدايمي وعبداللطيف المكي، وهيئة الانتخابات التي تمسكت بالإبقاء على القائمة النهائية للمترشحين والتي تضم كل من الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيد والعياشي زمال وزهير المغزاوي، في ظل غياب المحكمة الدستورية التي أقرت في دستور 2014 لكنها لم تتشكل إلى الآن.

وردت المحكمة الإدارية على هيئة الانتخابات بشأن مبرراتها حول رفض قرار إعادة عدد من المرشحين للسباق الرئاسي وذلك من خلال بيان أصدرته الاثنين.

وقالت المحكمة أنها بلغت ُنسخ الأحكام القاضية بالإلغاء إلى الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات وفق الاجراءات القانونية المعمول بها وهو ما نفاه رئيس الهيئة فاروق بوعسكر في مؤتمر صحفي الاثنين فيما تصاعدت الانتقادات له بانتهاك الدستور ورفض تنفيذ قرارات السلطة القضائية.
وذكرت “بأنّها تولّت تِباعًا وبمجرّد التّصريح بالأحكام تبليغ شهادة في منطوقها حينًا إلى طرفي النّزاع تطبيقا لأحكام الفصل 24 من قرار الهيئة عدد 18 لسنة 2014 المؤرّخ في 4 اب/أغسطس 2014 المتعلّق بقواعد وإجراءات الترشّح للانتخابات الرئاسيّة التي تقتضي أن “تتولّى الهيئة تنفيذ القرارات الصّادرة عن الجلسة العامّة القضائيّة للمحكمة الإداريّة شرط توصّلها بالقرار أو بشهادة في منطوقه”.

 كما ذكرت بأن الفصل 10 من قرار الهيئة عدد 543 لسنة 2024 المؤرّخ في 4 يوليو/تموز 2024 المتعلّق بروزنامة الانتخابات الرئاسيّة ينصّ على أن “تتولى الهيئة الاعلان عن قائمة المترشّحين المقبولين نهائيًّا بعد انقضاء الطّعون وفي أجل لا يتجاوز يوم الثّلاثاء 3 سبتمبر/أيلول 2024”.
وأعلمت المحكمة الإداريّة العموم “بأنّها ستنشر لاحقًا نُسخ الأحكام المتعلّقة بالنّزاع الانتخابي الحالي على موقعها الالكتروني الرّسمي.”

ومع غياب محكمة دستورية للفصل بين هذه النزاعات رغم المطالبات بعد الثورة بتركيزها تظهر مثل هذه الأزمات بينما لا يعتبر عدم الالتزام بقرار المحكمة الادارية سابقة فمنذ عهد نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي يتم تجاهل الكثير من قراراتها اذا كانت في غير صالح السلطة.
وقررت هيئة الانتخابات ترشيح الرئيس الحالي قيس سعيد ومرشحين اثنين آخرين هما زهير المغزاوي والعياشي زمال لخوض الانتخابات الرئاسية المقررة الشهر القادم ضمن قائمة نهائية.
وأكدت بأن الأحكام التي أصدرتها لم تصلها في ظرف 48 ساعة للاطلاع عليها وفق الاجراءات القانونية المعمول بها مشددة على أن موقفها من رفض بقية الترشحات يأتي بسبب تجاوزات تتعلق اساسا بتزوير التزكيات.

وتأتي القائمة النهائية بعد ساعات من اعلان عضو بحملة المرشح زمال بأن الشرطة التونسية ألقت القبض عليه فجر الاثنين في قضية تزوير تزكيات.
ورفض المرشحون الثلاثة من القائمة النهائية وهم عماد الدايمي والمنذر الزنادي القرار وعبد اللطيف المكي القرار.
وقال الدايمي في فيديو نشره في صفحته الرسمية على الفايسبوك أنه لن يعترف بقرار الهيئة مضيفا “أعتبر نفسي ما زلت مترشحا بمقتضى حكم الجلسة العامة للمحكمة الادارية الملزم”.

وتابع “أعلن بصفتي مترشحا شرعيا للرئاسة عن تجريحي في الهيئة الحالية وسحب اعترافي منها، واطالب بتكليف جهة قضائية محايدة للإشراف على الانتخابات الرئاسية” مشددا على “أنه سيواصل النضال القانوني والسياسي من أجل فرض انتخابات حرة ونزيهة وشفافة”.
من جانبه اعتبر الزنايدي موقف هيئة الانتخابات بأنه دليل على دعمها وتأييدها للمرشح سعيد على حساب بقية المرشحين مشككا في شفافية العملية الانتخابية المرتقبة.

ودعا الشعب التونسي الى المقاومة السلمية في مواجهة الحكم الحالي الذي وصفه “بالشعبوي”.

كما اعتبر المكي القرار غير شرعي وطالب المرشحين بالتنسيق فيما بينهم واتخاذ كافة الاجراءات القانونية اللازمة لمواجهة ما وصفها “بالتجاوزات”.

من جانبه ندد المرشح المقبول ضمن القائمة النهائية زهير المغزاوي بموقف الهيئة الرافض لحكم المحكمة الإدارية.
وقال إن كل الخيارات ممكنة في تلميح لامكانية انسحابه من السباق الرئاسي مضيفا “الفريق القانوني للحملة سيتخذ القرارات المناسبة للحفاظ على المسار الديمقراطي”.
وتابع ” لن أكون شاهد زور” مشددا على أن دفاعه عن أحكام المحكمة الادارية هو دفاع عن الدولة وليس دعما للمنظومة السابقة.

في المقابل يدحض الخلاف على سلبياته مزاعم المعارضة بتدخل السلطة في المسار الانتخابي أو في القضاء حيث من المستبعد أن يكون للرئيس الحالي أي دور في الضغط على الهيئة أو على السلطة القضائية.
وتتهم هيئة الانتخابات بعض المرشحين المقصيين بتزوير تزكيات او عدم حصولهم على بطاقة السجل العدلي عدد 3.
ويُشترط على الراغبين في الترشح جمع 10 تزكيات من أعضاء مجلس نواب الشعب (الغرفة الأولى للبرلمان)، أو مثلها من مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة الثانية)، أو 40 تزكية من رؤساء المجالس المحلية أو الجهوية أو البلدية، أو 10 آلاف تزكية في 10 دوائر انتخابية، على أن لا يقل عددهم عن 500 ناخب بكل دائرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى