اخترنا لكم

الدوحة.. استجداء وعلاقات مشبوهة

خالد رستم


العلاقات القطرية الإسرائيلية ليست بالأمر الجديد، حيث يرجع تاريخها إلى التسعينيات من القرن الماضي، إلا أن محاولات التقارب القطري مع إسرائيل أصبحت معلنة في صورة تعكس استجداء قطر لتعاطف الأخيرة معها، وهو ما بدا واضحاً في التصريح الذي أدلى به الدبلوماسي القطري محمد العمادي حول زياراته المتواصلة إلى إسرائيل.

 في خطوة جديدة من تخبط النظام القطري، لمحاولة إثبات الولاء والطاعة للحكومة الإسرائيلية، ومن أجل الحفاظ على العلاقات الودية والعميقة بين الجانبين، تقوم الدوحة بمنح الجنسية مجاناً للطلاب الإسرائيليين، على عكس ما كانت تدعيه من توتر العلاقات مع تل أبيب التي بدأتها بتمثيلية إغلاق مكتب قناة الجزيرة في القدس، والذي ثبت فيما بعد باستمرار مكتبها في العمل والبث من داخل القدس وتل أبيب.

وتأكيداً على تنامي العلاقات الثنائية أفصح الحاخام اليهودي حيام ريتشمان على مساعدات مالية كبيرة من قطر لإعادة بناء هيكل سليمان قائلاً: نحن وقطر أخوة.

وفي مقطع فيديو صادم للحاخام اليهودي حيام ريتشمان، تحدث فيه عن دعم قطر لبناء هيكل سليمان بالقدس، ووفقاً للحاخام فإن إعادة بناء الهيكل يمثل مغناطيساً يجذب اهتمام الآلاف من اليهود حول العالم، وأن الحركة اليهودية تتلقى دعماً من كثير من أقطار العالم سواء بالغرب أو الولايات المتحدة أو حتى قطر، مشيراً إلى دعم قطري هائل تقدمه أطراف بالدوحة لإعادة بناء الهيكل المزعوم في القدس.

وبداهة توحي تصرفات الدوحة بعدم اكتراثها بعدالة القضية الفلسطينية، من خلال طمس معالم القدس التاريخية، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى النبي محمد (ص)، والقدس لم يغادرها العرب على مدى التاريخ، وهي رمز للتآخي العربي الإسلامي المسيحي الذي جسدته العهدة العمرية الموقعة بين كل من الخليفة عمر بن الخطاب والبطريرك صفورنيوس مطران القدس العربي الدمشقي الأصل، وهو الذي اشترط في العهدة العمرية باسم المسيحيين ألا يسكن القدس يهود فكان له ذلك.

وتقدم الدوحة الأموال لتشجيع إسرائيل على بناء هيكل سليمان المزعوم، وكانت لدى تل أبيب النية لتدمير منطقة الحرم بما فيه الأقصى وقبة الصخرة غداة الخامس من يونيو عام 1967م، وهنا تضع قطر نفسها مثار شك وموضع ريبة بسياستها البعيدة عن الحقوق العربية والإسلامية.

وعلى وجه الخصوص تفيد الوقائع بصورة لأحد الجنود الإسرائيليين بالجيش القطري، يدعى فايل سكوتك، ويحمل الجنسية القطرية وعلق حساب يدعى – قطر مباشر- بقوله: إن أبناء البلد على هامش الحياة في قطر، بينما المجنسون هم مازالوا يسيطرون عليها، ويمكن الإشارة إلى أن قطر سحبت الجنسية القطرية من العديد من عوائل القبائل القطرية وطردتهم خارج البلاد، ولا يزالون خارجها يطالبون بحقوقهم المدنية.

والنظام القطري هو أول من سمح بتصدير مواد البناء للمساهمة في تشييد المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، في الوقت الذي تنادي فيه بعض الدول عربية وأجنبية بوقف الاستيطان وتجميد بناء المستوطنات، وفي قطر أكبر مصنع لإنتاج الحديد يمتلكه حمد بن خليفة، وجرى تصدير الحديد والإسمنت بكميات هائلة لتل أبيب عبر وسيط وشركات متعددة الجنسيات، وذلك في إطار المشاريع الاستيطانية وبناء آلاف الوحدات السكنية بالمستوطنات غير المشروعة على الأراضي المحتلة، وتفيد الوقائع من داخل إحدى المستوطنات اليهودية، وخلال فيديو ظهر به حمد بن خليفة في إحدى زياراته السرية لمستوطنة يهودية، وصورة مدون عليها أن مواد البناء جاءت من دولة قطر مع عبارة “إهداء من شعب قطر لإسرائيل“.

وتلعب قطر دوراً معقداً وخطيراً في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ويؤثر بمجمله على عملية السلام في المنطقة، ولم يخف العمادي في أحاديث مع وسائل إعلام إسرائيلية العلاقة الخاصة التي تربطه مع منسق أنشطة الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة الجنرال يواف مردخاي ومع شخصيات أخرى، وكثيراً ما كان العمادي يتحدث عن علاقاته الخاصة بل والممتازة على حد وصفه مع جهات إسرائيلية، مؤكداً بقوله: تربطني علاقات طيبة مع جهات إسرائيلية رفيعة المنصب وهي علاقات رائعة.

وتوطيداً لأهمية هذه العلاقات المشبوهة بين الدوحة وتل أبيب فإن تميم بن حمد، يعتمد بالدرجة الأولى في حمايته على عناصر جهاز الموساد الإسرائيلي المنتشرة في الدوحة وفي قصره، وأصبح تميم تحت حماية كاملة من الموساد وعناصره تنقل له كل المعلومات عن أي تحركات قد تحدث ضده، وثقته غير محدودة بعناصر الجهاز الأمني الإسرائيلي الذين يعملون مستشارين أمنيين له من خلال جنسياتهم المزدوجة، ويثق القصر الأميري بمعلومات الموساد أكثر من المعلومات الاستخباراتية التي ترسلها له بعض الأجهزة المخابراتية المتحالفة مع نظامه.

نقلا عن العين الإخبارية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى