سياسة

السودان.. الإخوان تمارس اللعبة القديمة


في محاولة للانتقام من الخصوم السياسيين وتعطيل المسار الديمقراطي لا يتوقف الإخوان في السودان عن اللعب على الخلافات وإشعال نار الفوضى.

فتنظيم الإخوان سيطر على مفاصل السياسة والاقتصاد في السودان طوال حكم دام 3 عقود فشل في تحقيق أي تنمية. وحول السودان لقاعدة للعمليات الإرهابية، بعد احتضانه تنظيمات مثل “القاعدة” و”الجهاد” ومئات العناصر الإرهابية والمتطرفين الأجانب.

وبعد أن لفظه الشعب في ثورة شعبية عام 2019 لم يتوقف التنظيم عن استغلال الفرصة تلو الأخرى. لإشعال نار الفتن، وقتل التجربة المدنية وإفشال التحول الديمقراطي في البلد الأفريقي، بحسب طيف واسع من المراقبين.

وفيما يبحث العالم عن إخماد نار القتال في السودان والتوصل إلى أرضية مشتركة تنقذ البلاد، حرض عبد الحي يوسف، أحد أذرع إخوان السودان. بقتل وإراقة دماء الأحزاب المدنية (قوى الحرية والتغيير) التي وقعت الاتفاق الاطاري في ديسمبر الماضي. 

ومع انتصاف الشهر الجاري اندلع قتال مرير بين الجيش وقوات الدعم السريع وسط نداءات إقليمية ودولية بوقف القتال مع تردي الوضع الإنساني.

وأفتى يوسف على شاشة قناة تبث من تركيا، بقتل السياسيين من ما وصفها بـ”الأحزاب العميلة” التي “وقعت الاتفاق الإطاري”، و”حاولت فرضه على الشعب”، على حد وقوله.

وكان المكون العسكري قد وقع مع قوى الحرية والتغيير اتفاقا إطاريا، بوساطة دولية، في ديسمبر الماضي، لتدشين فترة انتقالية من عامين في البلاد، تفضي إلى انتخابات حرة وتحول للحكم المدني. 

فتوى يوسف المحسوب على نظام الرئيس المعزول عمر البشير حركت كثيرا من الانتقادات على موقع التدوينات القصيرة “تويتر”.

وكتبت الصحفية السودانية داليا الطاهر على حسابها بـ”تويتر”: “بعد فتواه بقتل ثلثي الشعب، الإرهابي عبدالحي يوسف يُفتي بقتل السياسيين من قوى الحرية والتغيير, ومن وضعوا الاتفاق الإطاري”.

وتابعت “هذه الفتوى في هذا الوقت بالذات تحمل دلالات خطيرة جدا, وسنحتفظ بهذا الفيديو”، مضيفة “كنت قد نوهت من قبل أن على السياسيين تغيير أماكن سكنهم خوفا من الاستهداف وقابل بعضهم هذا الحديث بالسخرية”.

ومضت قائلة إن عبد الحي يوسف ومن يدور في دائرته “هم الخطر الحقيقي على السودان وأهله”.

فيما كتب حساب باسم “الدكتورة هنا الأمين”، “عبدالحي يوسف بفتاويه أهدر دماء المسلمين بدل الدعوة لحقنها وجمع الكلمة وتوحيد الصف”.

وأضافت “هل يعتقد أنه بهكذا فتاوى سيحافظ علي بيضة الدين الذي ضاع بزوال حكم البشير؟”.

فالإخوان منذ تبوء عمر البشير حكم السودان لا يتوقف عن إراقة الدماء والتحريض على القتل، وتأليب الشعب ضد بعضه، متبعا سياسة “فرق تسد”. 

وعبر فتاوى ودعوات تحريضية مثل حديث عبد الحي يوسف، تعود الجماعة الإرهابية للعب نفس السياسة، على أمل سرقة السودان مرة أخرى من أهلها، وفق مراقبين.

حكم البشير

في 30 يونيو 1989 قام العميد عمر البشير بالانقلاب على الحكومة الديمقراطية، وأعلن في بيان الانقلاب الذي سماه (ثورة الإنقاذ الوطني) أن دافع الانقلاب هو “الفشل الاقتصادي”، و”فشل الحكومة في إقامة علاقات مع أفريقيا الوسطى”.

وألقى البشير القبض على كل القيادات السياسية، من بينهم عراب الجماعة، حسن الترابي في حركة خداع للقوى الإقليمية حتى لا تنكشف علاقة الترابي بالبشير، وأن الأخير يقود انقلابا إخوانيا بحتا.

وعلى يد الإخوان تحول السودان من دولة إقليمية لها دور بارز في تحريك الأحداث العربية والأفريقية إلى دولة ترعى الإرهاب، فقد سمح الترابي لكل الجماعات الإرهابية بالدخول إلى السودان وإقامة معسكرات تدريب، وسمح لهم بالتخطيط والمشاركة في عمليات إرهابية في العمق الأفريقي.

وعلى أيديهم أهدرت الثروات الطبيعية لصالح عصابات التنقيب عن الذهب، وضعفت القوة الشرائية للعملة السودانية، وانهار اقتصاد الدولة التي وصفت بأنها سلة غذاء العالم إلى أبعد مدى.

كما ضمرت مسارات البحث العلمي وضعف الناتج التعليمي، سواء الجامعي أو ما قبل الجامعي، بعد أن كان السودان يقدم للعالم أفضل المعلمين.

ولهذا فإن تنظيم الإخوان هو داء السودان منذ حصوله على الاستقلال، فقد أفشل كل حراك قومي أو وطني، وشتت أذهان الصفوة المثقفة عن التحول الحقيقي نحو بناء البنية التحتية للسودان لتحقيق التنمية الاقتصادية، وها هو يشعل نارا أهلية ليعود إلى المشهد ولو على جثة الوطن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى