سياسة

السودان: نظام البشير يعوق اجتماع الآلية الأفريقية


تنسيقية “تقدم” السودانية تقاطع اجتماع الآلية الأفريقية بسبب سيطرة النظام المعزول للرئيس السابق عمر البشير، في مسار يهدد بفشل الجلسات.

يأتي ذلك في وقت لا يزال فيه سيناريو الحرب بالسودان يمضي نحو الكارثة، فيما يتصاعد حجم المعاناة الاقتصادية والإنسانية وسط محاولات المجتمع الإقليمي والدولي لإيجاد الحلول السلمية لإنهاء الأزمة.

وتعقد الآلية الأفريقية رفيعة المستوى المعنية بالسودان، برئاسة محمد بن شمباس، اليوم الأربعاء، الاجتماع التحضيري الشامل للسودانيين، في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، خلال الفترة من 10 -15 يوليو/تموز الجاري.

نظام البشير

لكن الاجتماع سبقته اعتذارات واسعة للقوى السياسية السودانية بشأن غياب الشفافية، ما يهدد نجاحه والخروج بنتائج وتوصيات تساعد في إنهاء الصراع بالسودان.

وفي يونيو/حزيران الماضي، أقرت الآلية رفيعة المستوى المعنية بإعادة الاستقرار في السودان بالاتحاد الأفريقي تنظيم اجتماع بين الأطراف السودانية.

وترافق الإعلان مع خطوات أقرها مجلس السلم والأمن الأفريقي بتشكيل لجنة رئاسية من 5 رؤساء بقيادة الرئيس الأوغندي يوري موسفيني لعقد لقاء بين قائدي الجيش السوداني و”الدعم السريع.”

وذكرت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) أنها حصلت على معلومات تؤكد صحة مخاوف التحالف بشأن غياب الشفافية فيما يتعلق بتصميم الاجتماع.

وأوضحت أن الاجتماع تسيطر عليه عناصر من النظام السابق وواجهاته ومن أسمتهم “قوى الحرب”، ما يهمش ويستبعد قوى السلام والتحول المدني الديمقراطي، ويضعف دورها.

وأشارت التنسيقية إلى أن هذا الوضع لا يؤدي إلا لمنح مشروعية للحرب وقواها، بدلا من تحقيق السلام في السودان.

جدير بالذكر، وصول قيادات من “الكتلة الديمقراطية” على رأسهم مبارك أردول، إلى أديس أبابا، أمس الثلاثاء، للمشاركة في اللقاء المرتقب، إذ قدمت الآلية رفيعة المستوى الدعوة إلى 60 شخصية سودانية.

اعتذارات أخرى

كما اعتذر الحزب الشيوعي السوداني عن المشاركة في الاجتماع التحضيري لاجتماع شامل بين السودانيين.

وذكر الحزب : “ورد في خطابكم أن الحوار المزمع عقده بين السودانيين لا يستثني أحدا”.

وأضاف البيان أن “ما تقدم يعني إشراك القوى السياسية والمجتمعية المعادية للثورة في الحوار بما فيهم حزب المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم السابق) وفلول النظام المدحور والقوى السياسية التي تعاونت وتحالفت مع النظام المدحور وبقيت في السلطة لحين إسقاطها في 11 أبريل/نيسان 2019.”

وتابع: “ورد في خطابكم الإشارة للقائد العام للقوات المسلحة الفريق عبد الفتاح البرهان، أحد مشعلي حرب 15 أبريل/نيسان 2023، بصفة رئيس مجلس السيادة مما يشرعن انقلابه؛ واعتباره قائدا للدولة”.

واعتبر أن ذلك “يناقض حتى الوثيقة الدستورية المعيبة الموقعة في أغسطس 2019، ويتنافى مع قرار الاتحاد الأفريقي القاضي بعدم الاعتراف بأنظمة الحكم الناتجة عن انقلابات عسكرية وجمد بموجب القرار نفسه عضوية دولة السودان في الاتحاد الأفريقي حين وقوع انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2012.”

كما اعتذر حزب البعث العربي الاشتراكي عن المشاركة في الاجتماع التحضيري، وذكر أنه طلب الاطلاع على قائمة المشاركين لموقفه الواضح من إشراك حزب المؤتمر الوطني (حزب البشير) وواجهاته في أي فعل يهدف لوقف الحرب وتدارك آثارها واستئناف الحياة المدنية في السودان،

ولفت البيان  إلى أن ما تقدم يأتي كون حزب البشير “هو المسؤول الرئيسي عما يحدث للشعب والبلاد، ولا ينبغي مكافأته على جرائمه بتطبيع العلاقات السياسية معه بهذه البساطة”.

وخلص إلى أنه “دون أن يتأكد لنا توفر هذا الشرط، فإننا نجد أنفسنا مضطرين بكل أسف لعدم حضور الاجتماع المزمع.”

كما اتخذت حركة تحرير السودان، بقيادة عبد الواحد نور، ذات الخطوة في رفض حضور الاجتماع التحضيري في أديس أبابا.

وقال المتحدث باسم الحركة محمد عبد الرحمن الناير في بيان  إن الحركة سبق ورحبت بالدعوة المقدمة من الاتحاد الأفريقي المتعلقة بمؤتمر الحوار السياسي.

وأضاف: “إثر ذلك طلبت من الاتحاد الأفريقي مدها بقائمة المشاركين في المؤتمر قبل إرسال وفدها إلى أديس أبابا، خاصة أن للحركة موقف ثابت ومبدئي بعدم الجلوس مع المؤتمر الوطني وواجهاته.”

ومستدركا: “لكن الاتحاد الأفريقي لم يستجب للطلب لأسباب يعلمها، لذا تعتذر حركة تحرير السودان عن المشاركة في هذا المؤتمر.”

كارثة إنسانية

تقول الأمم المتحدة إن السودان الذي كان حتى قبل الحرب أحد أفقر بلدان العالم، يشهد “واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم، وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم”.

ويعاني 18 مليون سوداني، من بين إجمالي السكان البالغ عددهم 48 مليونا، من نقص حاد في الغذاء.

وبات مئات الآلاف من النساء والأطفال معرضين للموت جوعا، في أزمات يشعر العاملون في المجال الإغاثي بالعجز حيالها بسبب رفض منحهم تأشيرات دخول وفرض رسوم جمركية باهظة على المواد الغذائية، إضافة إلى نهب المخازن وصعوبة الوصول إلى العالقين قرب جبهات القتال.

وانهار النظام الصحي بشكل شبه كامل في السودان، وتقدّر الخرطوم الخسائر في هذا القطاع بقرابة 11 مليار دولار.

ودمرت الحرب سبل عيش ملايين السودانيين، بمن في ذلك العاملين في قطاع الزراعة والرعي التي يعمل فيها 80% من القوى العاملة في البلاد، نتيجة لتوسع نطاقها مصحوبا بالهجمات العشوائية على المدنيين.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يخوض الجيش وقوات “الدعم السريع” حربا خلّفت نحو 15 ألف قتيل وأكثر من 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى