السيدة الحرة.. من هي حاكمة تطوان المغربية؟
برز اسم “السيدة الحرة” في فترة حرجة بالنسبة لسيادة المغرب في نهاية القرن الـ15 وبداية القرن الـ16، مع تهديدات العثمانيين حدود المملكة شرقا من جهة الجزائر، وشنِّ البرتغاليين والإسبان هجمات متكررة على طول السواحل المغربية المتوسطية والأطلسية.
وولدت السيدة الحرة أو “الست الحرة”، بحسب المؤرخين، في شفشاون شمال المغرب نحو 1493 ميلادي، وترعرعت ونشأت في بيت والدها الأمير علي بن موسى بن راشد، مؤسس شفشاون والحفيد الخامس للشيخ عبد السلام بن مشيش دفين جبل العلم ضواحي العرائش.
وتعد السيدة الحرة من الشخصيات النسائية الاستثنائية التي طبعت تاريخ شمال المغرب، وخاصة مدينة تطوان التي كانت حاكمة لها لمدة 30 سنة من 1510 وحتى 1542، عندما تنازل لها أخوها الأمير إبراهيم بن علي عن حكم المدينة شمال المملكة.
وكان حكم السيدة الحرة لتطوان، تحت نظر أخيها، من أغرب ما حدث في تاريخ تطوان، لكون ولاية المرأة للحكم شيئا لم يكن معهودا في المغرب آنذاك، إلا أن مكانة عائلتها وذكاء الست الحرة ومرونتها وحزمها ودهاءها وقوة شخصيتها، سوغ لها أن تحكم تطوان إداريا وتقود الرجال سياسيا واجتماعيا وحربيا.
وفي أصل التسمية، تشير مصادر عدة، أن “الحرة” تعني في الواقع “امرأة ذات سيادة”، وأن اسم الحرة الفعلي كان إما عائشة أو فاطمة، ومع ذلك فإن زواجها الثاني من السلطان أحمد الوطاسي عام 1541 ميلادي، يبين أن المرأة كان في الواقع “الحرة”.
وذهبت عالمة الاجتماع الراحلة، فاطمة المرنيسي، في كاتبها “سلطانات منسيات”، إلى أن الحرة بين الحريم كانت تعني الزوجة الشرعية، والتي غالبا ما تنحدر من علية القوم، إذ أنه غالبا ما استعملت كلمة الحرة كمرادف لملكة أو سلطانة.
وكان زواج أحمد الوطاسي من السيدة الحرة زواجًا سياسيًّا كان المقصود منه اكتساب عطف هذه المناطق وتأييدها له، ولذلك ترك زوجته نائبة عنه في حكم المنطقة وقفل راجعا إلى فاس، خصوصا وأن حكمه يعيش وضعا مضعضعا، لذا كان زواجها منها وسيلة لتوطيد مركزه في الحكم.
وفور تدبير السيدة الحرة أمر تطوان، انكبت على صناعة المراكب بمجرى مارتيل قرب تطوان، وتحالفت مع أمير البحار العثماني خير الدين بربروسا الذي ذاع صيته في بلاد المغرب، فاتفقت معه على تقاسم مناطق الجهاد البحري، إذ أشرفت على غرب المتوسط من جهة المغرب حتى لقبت تسميتها بـ”أميرة الجهاد البحري”.