العلاقة العاطفية بين الأم وطفلها تشكل خط الدفاع الأول ضد السمنة المراهقة

عادةً ما تُختصر النصائح المتعلقة بالوقاية من السمنة في معادلة بسيطة وهي مارس الرياضة وتناول طعاما أقل.
لكن إحدى الدراسات اقترحت زاوية مختلفة تماما، إذ ترى أن العلاقة العاطفية المبكرة بين الأم وطفلها قد تكون عاملا أساسيا في الحد من السمنة، خاصة في مرحلة المراهقة.
فوفقا للدراسة التي شملت 977 طفلا، فإن جودة التعلق العاطفي بين الأم وطفلها في سنواته الأولى يمكن أن تحدد احتمالية إصابته بالسمنة لاحقا.
ووجد الباحثون أن الأطفال الذين افتقروا إلى علاقة مستقرة ومريحة مع أمهاتهم كانوا أكثر عرضة للإصابة بالسمنة بمقدار 2.45 مرة مقارنة بغيرهم.
وتابعت الدراسة الأطفال منذ عمر 15 إلى 36 شهرا، اعتمدت على ملاحظات مباشرة لتفاعل الأمهات مع أطفالهن.
وتم تصنيف العلاقة بأنها “قوية” عندما كان الطفل يلجأ إلى والدته طلبا للراحة والدعم عند مواجهة مواقف صعبة، وتُظهر الأم استجابة حانية ومساندة.
لكن لدى من كانت العلاقة أكثر توترا أو افتقارا إلى الدفء، لاحظ الباحثون أن خطر السمنة يزداد بشكل واضح عند الوصول إلى سن المراهقة.
ويُفسّر الباحثون هذه النتائج بأن التفاعل المبكر بين الأم والطفل يؤدي دورا في تشكيل آليات التعامل مع التوتر لدى الطفل، سواء سلوكيا أو فسيولوجيا.
فالطفل الذي يواجه ضغوطا دون دعم كافٍ من الأم، قد يُطوّر أنماطا غير صحية في التعامل مع القلق، مثل الأكل العاطفي أو قلة النوم، وهما عاملان معروفان بارتباطهما بالسمنة.
ويقول الباحثون في دراستهم: “مناطق الدماغ التي تتحكم بتوازن الطاقة ترتبط أيضا بالاستجابة للتوتر وتنظيم المشاعر، والتوتر المزمن يمكن أن يؤدي إلى خلل في هذه المناطق”.
كما تشير الأبحاث إلى أن ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول الناتج عن التوتر المستمر قد يُسهم في زيادة الوزن، في حين تساعد الأمهات الأكثر حساسية ودفئا أطفالهن على بناء استجابات صحية للتوتر، ما يقلل من احتمالية الإفراط في الأكل أو اضطرابات النوم.
ويؤكد فريق البحث أن تعزيز الترابط العاطفي بين الأم وطفلها يمثل نهجا وقائيا جديدا وغير مستغل في مواجهة السمنة.
لكنه يشدد في الوقت نفسه على أن جودة العلاقة لا تتعلق فقط بالأم نفسها، بل تتأثر أيضا بعوامل أوسع، مثل الظروف الاجتماعية والاقتصادية، والصحة النفسية للأم، ومزاج الطفل.
ويخلص الباحثون إلى أن تحسين هذه العلاقة يتطلب تدخلا مجتمعيا وتوعويا شاملا، يشمل دعم الأمهات نفسيا واجتماعيا، وتثقيف الأسر حول أهمية التفاعل الإيجابي في السنوات الأولى من حياة الطفل.
فالعلاقة القوية بين الأم وطفلها، كما توضح الدراسة، قد تكون أكثر فاعلية من الحمية أو التمارين الرياضية في الوقاية من السمنة، فضلا عن آثارها الواسعة في تعزيز الصحة النفسية والجسدية على المدى الطويل.