اخترنا لكم

بأمر حزب الله.. التغيير مرفوض في لبنان

فهد ديباجي


يحتاج لبنان إلى خارطة طريق سياسية قوية تساعده في إنجاح الأوليات، وخصوصاً الاقتصادية والجيوستراتيجية، من أجل أن يكون قادراً الوقوف على قدميه، وتسخير كل الموارد الاقتصادية، والطاقات الإبداعية لسكانه للخروج من عنق الزجاجة ومعالجة البطالة والفقر المدقع، فالحكومات المتتالية تفتقر إلى القدرات اللازمة لتحسين الأوضاع الداخلية نتيجة ضعف علاقاتها الاقتصادية الدولية، وبالتالي تحسين ظروفها الاقتصادية المحلية، وهذا لن يحدث إلا بالإسراع في إقامة الدولة لعلاقات متوازنة مع جيرانه الإقليميين والقوى العالمية؛ لإطلاق العنان لإمكاناته وقوته العاملة، وتقليل التبعية لدول تنهكه أكثر وتجعل منه كبش فداء لسياساتها الطائفية والشيطانية والعدوانية، ومع ذلك وفي خضم الأزمة الاقتصادية الحالية في لبنان لا توجد استراتيجية واضحة لتحقيق هذه الأهداف.

الواقع يقول إن لبنان لا يزال مقيداً بمشاكله الداخلية التي يأتي على رأسها اليوم إيجاد حكومة يتفق عليها الجميع، في ظل الخلل الذي يعاني منه النظام السياسي والأمني، المتمثل في سيطرة ميليشيا حزب الله الموالية لإيران على الدولة، مما انعكس على السياسية الخارجية، والتي ترفض أن تنأى بنفسها عن النزاعات وتجنب الدخول في صراعات خارجية ؛ لتكون بعيدة عن إقامة علاقة متوازنة مع دول العالم .

كل ذلك كان لذلك تأثيرٌ مباشرٌ على تأمين المساعدات الدولية ومنح القروض، وتدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة لتلبية تطلعاته الإنمائية المحلية والمعيشية، فالتغيير في لبنان ممنوع ومرفوض تماما بأمر “حزب الله” لا سيما إذا كان يتعارض مع هيمنة الحزب وفقدان سلاحه وتجميد شعار المقاومة، فهو على استعداد للتنازل للخارج مقابل أن يحمي سلطة الفساد والارتهان لإيران، وسياسة القمع وفرض الوصاية على قرارات الحكومة، وما الموافقة اللبنانية على ترسيم الحدود مع إسرائيل إلا “موافقة لحزب الله، وانعطافة سريعة بحسابات إيرانية خالصة، وبضرورة التفاوض مع إسرائيل كوسيلة لحل النزاعات، بدلا من الانخراط ضدها في حروب تدميرية و دموية عبثية “فالحقيقة أنه ما كان للطرفين أن يصلا إلى اتفاق كهذا بعد سنوات من التفاوض وعدة وسطاء أمريكيين، لولا أن حبل المشنقة و سيف العقوبات اقترب كثيرًا من رموز الفساد وشعروا بالتهديد، وأن لبنان بلغ حافة الإفلاس والدولة الفاشلة والمفككة، فرأي الشارع لا يهم السلطة في لبنان، والجلوس مع إسرائيل في مفاوضات هو أسهل أمام هؤلاء من القيام بإصلاحات تطال جذور الفساد، والدليل على ذلك، هو اتهام واشنطن بمحاصرة لبنان، ثم سقوط هذا الاتهام في توسلها؛ لتكون وسيطا في تسهيل إنجاح قضية من شأنها أن تدر أموالاً طائلة على دولة متهالكة من كل الجوانب .

في لبنان مشروعان، الأول: مشروع لبناني يريده الشعب لكنه مفقود، والثاني: مشروع إيراني ينفذه حزب الله على الأرض باسم محور مايسمى بالممانعة، الذي لم يترك لهم صديقا خليجيًا وعربياً ودولياً ينظر إلى لبنان واللبنانيين في هذه المحنة التي يمر بها بعين العطف وتقديم المساعدة؛ لذا لن يحلق ‫لبنان‬ عاليًا و أجنحته مكسورة، لكن من هو الذي يستطيع إصلاح هذه الكسور؟ .‬‬

أعتقد أن الشعب اللبناني وحده هو من يملك ذلك، فهو ضحية سياسات فاشلة، وضحية حكومات لا تملك رؤية ولا تخطيطا، فرطت بجميع الفرص التي منحها لها الشعب بعدما راهنت على الأنظمة المنبوذة والخيارات الخاسرة والقناعات الفاشلة والأدوات الخطأ، ولأن النظام السياسي اللبناني فاشل وطائفي ومغلق على المحاصصة، فليس من المتوقع أن يحرز اللبنانيون تقدماً في مواجهة السقوط، ولديهم هذا النظام البائس الساعي للهدم وليس للبناء .

ليبقى السؤال لكل السياسيين والمراقبين والمحللين اللبنانيين، هل لبنان قابل للتغيير؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى