سياسة

«بوكو حرام».. كيف عززت قوتها حول بحيرة تشاد؟


لا أحد أكثر من الصيادين في جزر بحيرة تشاد يعرف حجم قوة بوكو حرام، الحركة التي اعتقد البعض أن مقتل زعيمها قبل نحو 3 سنوات أضعفها.

ففي تلك البحيرة المترامية الأطراف والمليئة بالمستنقعات والجزر الصغيرة، تشكلت ملامح جديدة للتنظيم، وباتت في أجزاء منها معقلا له يتخذه منطلقا لشن عملياته تحت تسميات مختلفة من الخطف إلى القتل.

ولم يكن اختيار البحيرة عبثيا بالنسبة للجماعة، فموقعها بين نيجيريا والنيجر والكاميرون وتشاد يجعل منها منفذا مفتوحا على الدول الأربع.

كما يمنحها موقعا استراتيجيا للمراقبة والتخطيط وأيضا التنفيذ، وهذا ما يفسر كونها تشكل المعقل أيضا لما يعرف بتنظيم داعش في غرب أفريقيا، والمعروف اختصارا بـ”إيسواب”.

أقوى

حين توفي زعيم الجماعة التاريخي أبوبكر شيكاو في مايو/أيار 2021، اعتقد خبراء أن الضربة ستكون لها تداعيات على قوتها، وهذا ما خيل أنه حدث بالفعل حيث غابت عن الواجهة لفترة طويلة.

ولم يكن غياب بوكو حرام دليل اضمحلال كما يتصور للبعض، حيث تكشف دراسة أجرتها مجموعة الأزمات الدولية حول توازن القوى بين الجماعات الإرهابية في شمال شرق نيجيريا، أنه على الرغم من وفاة زعيمها، فإن الجماعة تمكنت من تعزيز مواقعها على أطراف بحيرة تشاد.

فبعد اجتياح غابة سامبيسا ومقتل زعيمها التاريخي، تراجع عناصر الحركة إلى جزر بحيرة تشاد وجبال مندارا على الحدود الكاميرونية، ومن هناك، بدأت رحلة العودة وليس الأفول.

وفي تعقيبه على الموضوع، يرى فنسنت فوشيه، الباحث في المركز الفرنسي للأبحاث العلمية، أن “بوكو حرام سيطرت على مناطق مهمة، وتفرض هيمنتها عليها بشكل واضح”.

وأضاف الباحث، في حديث لإعلام فرنسي، أن “هؤلاء المسلحين اعتادوا القتال في مستنقعات البحيرة، وهم أقوياء للغاية، ويتواجدون أيضا في أماكن أخرى من ولاية بورنو” شمال شرقي نيجيريا.

ولفت إلى أن الجماعة “تبدو أكثر صلابة، وهذا ما نستنتجه سواء من خلال مواقعها على الجانب التشادي والكاميروني، وبشكل أقل النيجري، أو من خلال هجماتها ضد المدنيين، والتي تظهر تنسيقا عالي المستوى”.

وبحسب الخبير، فإن ما حدث هو أن بوكو حرام اختفت مؤقتا عن الأنظار، لكن ذلك لا يعني أنها فقدت قوتها، بل بالعكس، أخذت وقتها لإعادة تنظيم صفوفها، واكتشاف من تعتبرهم “خونة” من المندسين بصفوف مسلحيها، وأيضا “الوشاة” من المدنيين.

ولفت إلى أن ذلك يظهر جليا من خلال عمليات “تصفية داخلية” حدثت في أكثر من مرة، علاوة على استهداف مدنيين غالبا ما تزعم الجماعة أنهم “جواسيس” يعملون لصالح الجيوش النظامية.

كما أن الجماعة انشغلت لفترة ما بتجنيد مسلحين بصفوفها، خصوصا عقب خسارتها لعدد من عناصرها، وانضمام آخرين لداعش عقب تحالف التنظيمين قبل نحو 10 سنوات، وفق فوشيه.

“أما الآن”، يتابع، فإن “بوكو حرام في أوج قوتها، وقد تفاجئ المنطقة والعالم بهجمات أكثر دموية مما يحفل به تاريخها، وهذا ما يفسر المخاوف الأمنية المطبقة على الدول الأربعة المطلة على بحيرة تشاد.

و”بوكو حرام”، تنظيم نيجيري مسلح تأسس في يناير/كانون الثاني 2002، ويدعو إلى تطبيق متطرف للشريعة الإسلامية في جميع الولايات، حتى الجنوبية منها ذات الأغلبية المسيحية.

وفي مارس/ آذار 2015، أعلن ارتباطه بـ”داعش” الإرهابي، ولا يزال التحالف قائما بين التنظيمين، وإن تطفو من حين لآخر خلافات بين فصائل تابعة لهذا وذاك، بلغت حد الاشتباك ووقوع ضحايا من الجانبين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى