اخترنا لكم

بايدن وتحدي العراق

يحيى التليدي


كان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أول مسؤول عربي يهاتفه الرئيس بايدن بعد أيام من مرور شهر على توليه مهامه الرئاسية.

ويأتي هذا الاتصال بعد يوم واحد من تعرُّض المنطقة الخضراء في بغداد – حيث تقع السفارة الأمريكية – لهجوم بـ3 صواريخ هو الثالث من نوعه خلال أسبوع بعد هجوم قاعدة بلد وهجوم آخر على قاعدة أمريكية في مدينة أربيل. هذه الهجمات الصاروخية تقف خلفها بلا شك مليشيات إيران، وهي من باب إخافة الإدارة الأمريكية الجديدة، واختبار مدى جديّتها وجسّ نبض لسياستها في العراق.

علاقة الرئيس بايدن بالعراق قديمة، ففي عام 2003 كان الرجل يشغل منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، وقد لعب دوراً في الموافقة على التدخل في العراق. ولذلك فهو على دراية دقيقة بتفاصيل الملف العراقي كله، كما أنه يدرك أهميته وخطورته وبالإضافة إلى خبرة الرئيس الجديد بالملف العراقي، يتمتع كل من وزير الدفاع والخارجية لويد أوستن وأنتوني بلينكن بمعرفة وثيقة بالأوضاع في العراق.

ورغم ذلك فإن وصول بايدن إلى سدة الرئاسة يثير مخاوف كثيرة لدى العراقيين على المستويين الرسمي والشعبي، فقد كانت له رؤى وأفكار مثيرة بشأن العراق الموحد، حيث كتب عام 2006 في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، عن الحاجة إلى تقسيم البلاد إلى ثلاث مناطق، كردية، سنية، شيعية، مع الحفاظ على الدور المركزي للحكومة في بغداد. وما نتمناه أن يكون بايدن قد تراجع عن رأيه اليوم بعد مرور نحو 15 سنة، وبعدما أصبح رئيساً للولايات المتحدة، وإلا فإن العواقب ستكون وخيمة.

اليوم تقف إدارة الرئيس بايدن على المحك في العراق، إذ يقع على عاتقها، شاءت ذلك أم أبت، التعامل مع إرث سنوات من التراخي الأمريكي والاستراتيجيات المشوشة والضبابية غير المتسقة التي تركت العراق لقمة سائغة أمام الانقسامات الطائفية والتطرف والأطماع التوسعية لإيران.

العراق يعيش اليوم مرحلة مفصلية، إذ يستعد للانتخابات الوطنية في أكتوبر المقبل، ما يعني أن حكومة جديدة ستتشكّل. لذا من الضروري حماية هذه الانتخابات من هجمات قد تشنها ضدها القوى السياسية الطائفية الفاسدة، أو قادة المليشيات ووكلاء إيران في العراق، والعمل على إسماع صوت العراقيين الحقيقي وإيصال ممثليهم الأكفاء إلى البرلمان. هذه فرصة سانحة أمام إدارة بايدن لتغيير الوضع في العراق، والأكيد أن استثمارها لن يكون بالأمر السهل.

يجب أن تتعامل إدارة الرئيس بايدن مع العراق كواحد من أهم طموحات إيران وسياساتها التوسعية في المنطقة التي تعد جزءاً رئيسياً من المشكلة التي يجب معالجتها. وإذا أرادت إدارة بايدن أن تجد حلاً مستداماً للملف النووي الإيراني، عليها حكماً مواجهة أجندة إيران التوسعية في المنطقة، فلا تنفصل هذه عن ذاك، والعراق منطلق مهم لهذه المواجهة، ولذلك يجب مساعدته على استعادة سيادته، وتحقيق استقلاله واستقراره، ليستعيد موقعه كقوة قادرة على لعب دور مهم في الشرق الأوسط ولتحقيق تطلعات الشعب العراقي وإنهاء معاناته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى