سياسة

تصريحات أمير قطر السابق…تضحدها الحقائق على أرض الواقع


تضارُبات تضمنتها تصريحات أمير قطر السابق، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، تضحدها الحقائق على أرض الواقع.

وجائت هذه التصريحات خلال خطابه، مساء الإثنين، بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيس بلاده لقناة “الجزيرة”، وأثارت جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي.

وصرح أمير قطر السابق إن ثورات الربيع العربي كشفت للعالم حيوية الشعوب العربية وطاقاتها الدافقة وطموحها الإنساني.

وأضاف: “كنا ولا نزال نؤمن أن الإصلاح السياسي السلمي الذي يلتقي فيه الجميع على كلمة سواء هو الذي يخدم الحاكم والمحكوم والشعوب والأوطان، وهو الذي يجنب المنطقة آلام الحروب الأهلية المهلكة ويخدم مصالح المجتمع الدولي والسلم العالمي”.

وتابع: “لكنني أخشى من اليوم الذي يأتي فيه أن تغطي فيه الجزيرة أحداثاً أليمة وجسيمة أخرى في العالم العربي، بسبب انسداد الأفق السياسي وعدم الاستماع إلى صوت الشعوب العربية والتباطؤ في قبول مطالبها المشروعة في الكرامة والتنمية والبناء”.

واعتبر أن “روح الربيع العربي لا تزال حية في قلوب الشعوب، والشعوب العربية التي لم تقل بعد كلمتها الأخيرة”.

إصلاح.. واعتقالات

واعتبر مراقبون أن خطاب أمير قطر السابق مليء بالتناقضات، وبينوا أن أول تلك التناقضات كان دعوته لإصلاح سياسي في العالم العربي، في وقت لا تزال تشهد بلاده حملة اعتقالات للمطالبين به، أحدثها قبل أيام باعتقال الشاعر علي الدعية المري، بالتزامن مع قلق متزايد حول مصير الناشطة القطرية نوف المعاضيد المختفية بعد عودتها للدوحة منذ أسبوعين.

وبث الشاعر القطري محمد بن الذيب فيديو على مواقع التواصل قبل يومين كشف فيه عن اعتقال الشاعر علي الدعية جراء انتقاده لما يتعرض له أبناء قبيلة آل مرة في قطر، ومواصلة اعتقال عدد من رموز القبيلة على خلفية انتقادهم للقوانين التي جرت عليها أول انتخابات برلمانية في قطر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ووصفهم إياها بأنها عنصرية بعد أن حرمت أبناء القبيلة من حق الترشح.

وكانت قطر قد شهدت في أغسطس/آب الماضي احتجاجات على القوانين المنظمة للانتخابات، قابلتها السلطات الأمنية باعتقال رموز الاحتجاج الموقوفين حتى الآن، من أبرزهم المحامي البارز هزاع بن علي المري.

بدوره، أكد القطري راشد بن سالم بن قطفة الفهاد المري، عبر حسابه في موقع “تويتر”، أنه تم اعتقال “الدعية” على خلفية انتقاد الإجراءات العنصرية التعسفية في حق أبناء قبيلة آل مرة، ومن بينها عدم السماح بزيارة المعتقلين من أبناء آل مرة الذين يكفل القانون زيارتهم وحسن معاملتهم.

يأتي هذا فيما تشهد مواقع التواصل الاجتماعي منذ 13 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حملة متواصلة مطالبة بالكشف عن مصير نوف المعاضيد.

والمعاضيد شابة قطرية لجأت إلى بريطانيا عام 2019، واشتكت من سوء معاملة عائلتها واضطهاد النساء وسلب حقوقهم في البلاد، لكنها عادت قبل أسبوعين إلى بلادها بعد تطمينات السلطات بعدم اعتقالها، غير أنها اختفت وسط قلق حول مصيرها.

مصداقية “الجزيرة”.. العكس صحيح

ثاني تلك التناقضات كان إشادة أمير قطر السابق في خطابه بقناة “الجزيرة” وما وصفه بـ”مصداقيتها”، في وقت تتزايد فيه الدعوات لمقاضاة القناة على خلفية حملات تشهير وتزييف للحقائق وأكاذيب، كان أحدثها أمس الإثنين بإعلان عائلة الأسطل الفلسطينية اعتزامها مقاضاة قناة “الجزيرة‬” بتهمة التشهير، بعد تهويلها للاتهامات الموجهة لابنها أحمد الأسطل الذي برأه القضاء التركي من تهمة التجسس التي لفقتها له المخابرات التركية، ودعمت قناة “الجزيرة” الاتهامات الملفقة للأسطل بحملة افتراءات وأكاذيب لاستهداف الإمارات.

وكشف الصحفي الفلسطيني أحمد الأسطل، الذي أفرج عنه مؤخرا بعدما اتهمته تركيا بالتجسس للإمارات، النقاب عن الكثير من المفاجآت التي ساهمت في إطلاق سراحه بعد 400 يوم من الاعتقال.

وأكد الأسطل، في بيان أصدره، الإثنين، أن قرار الإفراج عنه ما كان يصدر، لو كان هناك أدنى شبهة ضده، مشيرا إلى أن القضاء التركي والسلطات الأمنية كافة والمدعي العام أثبتوا براءته، وكذب الاتهامات الموجهة ضده.

على صعيد ذي صلة، دعا الصحفي اليمني شرف الشمري، الحكومة اليمنية والتحالف العربي إلى مقاضاة الجزيرة على أكاذيبها الواردة في فيلمها “أطماع مبكرة”، ومحاسبتها قانونيا كي تلتزم بالأمانة المهنية والتحلي بالمصداقية بدلا عن سرد الأكاذيب.

ودحض مسؤولون وإعلاميون ونشطاء يمنيون افتراءات الفيلم بشأن الدور الإنساني للإمارات في سقطرى، واعتبروا ذلك محاولة تندرج ضمن حملة التضليل التي تمارسها القناة منذ أعوام، ومحاولة لتسويق أكاذيب لا أساس لها من الصحة على أرض الواقع.

منبر العرب.. والقطريون غائبون

ثالث تلك التناقضات في خطاب أمير قطر السابق، حديثه أن الجزيرة “أصبحت منبر كل العرب”، في وقت لا يزال هذا المنبر محرما على القطريين أنفسهم، بعد أن حظيت القناة بانتقادات لاذعة على خلفية تجاهلها للاحتجاجات التي شهدتها البلاد أغسطس/آب، اعتراضا على إجراء أول انتخابات برلمانية بناء على قوانين وصفوها بأنها عنصرية، والتي قابلتها السلطات الأمنية باعتقال رموز الاحتجاج الموقوفين حتى الآن.

ومرارا، انتقد مغردون قطريون قناة “الجزيرة” لتجاهلها كل ما يتعلق بشؤون القطريين ومطالبهم.

الربيع العربي.. والواقع أليم

رابع التناقضات هو حديث أمير قطر السابق عما وصفه بـ”الربيع العربي” الذي دعمته قطر خلال توليه مقاليد الحكم، قبل أن يسلم الحكم لنجله في 25 يونيو/ حزيران 2013، وإشادته بدعم “الجزيرة” له، وتهديده بإمكانية اندلاع تلك الاحتجاجات مجددا، قائلا إن “روح الربيع العربي لا تزال حية في قلوب الشعوب، والشعوب العربية التي لم تقل بعد كلمتها الأخيرة”، في وقت ثبت على أرض الواقع أن تلك الاحتجاجات كانت مؤامرة كبرى على الدول العربية، لا تزال الشعوب تكتوي بنيرانها حتى اليوم.

وتحت مزاعم دعم ما يسمى احتجاجات الربيع العربي التي انطلقت في بعض البلدان خلال أوخر عام 2010 ومطلع 2011، دعمت قناة “الجزيرة” حملات لإثارة الفتنة والفوضى في العالم العربي، ودعم تنظيم الإخوان.

تأتي إشادة أمير قطر السابق بالربيع العربي، في وقت لا تزال تئن فيه سوريا ويعاني اليمن وتنزف ليبيا، جراء تداعيات تلك الاحتجاجات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى