سياسة

تهريب نفط إيران يشعل التوتر بين واشنطن وبغداد


سارعت بغداد لنفي أي ضلوع للعراق في عمليات تهريب الخام الإيراني للالتفاف على العقوبات الأميركية، مؤكدة عدم وجود أدلة تثبت صحة أي صلة بأنشطة تهريب محتملة، وذلك بعد ما اتهمت واشنطن شبكات مرتبطة برجل أعمال عراقي بنشاطات من هذا النوع، فيما تشير تلك الاتهامات إلى توجس أميركي من أن تتخذ طهران من العراق منفذا حيويا لتهريب الخام الإيراني بحكم نفوذها وتغلغلها في الساحة العراقية.

ويدرك العراق أن تورطه في تهريب النفط الإيراني سيجعله عرضة للعقوبات الأميركية، والتي قد تكون مدمرة لاقتصاده الهش. وهذه العقوبات قد تشمل تجميد الأصول، وحظر التعاملات المالية، وتقييد الصادرات والواردات، مما يلحق ضررا بالغاً بالمالية العامة وجهود التنمية.

ويعكس النفي الرسمي لأي تورط في أنشطة تهريب النفط الإيراني حرص العراق على تأكيد سيادته وعدم خضوعه للضغوط الخارجية، خاصة فيما يتعلق بعلاقاته التجارية مع دول الجوار، حيث يسعى لإدارة سياسته الخارجية بشكل مستقل دون تدخلات، وهو ما يتنافى مع اتهامات الضلوع في أنشطة غير مشروعة قد تضر بسمعته الدولية.

ويحاول العراق الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع إيران بحكم أن النخبة التي تحكم البلاد منذ العام 2003 من القوى الموالية لطهران، النأي بنفسه عن التجاذبات الأميركية الإيرانية، لكن ارتباطه الوثيق بالطرفين جعله عرضة لحالة الشد والجذب بين حليفيه الخصمين (واشطن وطهران).

ويسعى العراق إلى الحفاظ على علاقات متوازنة مع كل من الولايات المتحدة وإيران، وهما قوتان إقليميتان ودوليتان لهما تأثير كبير على الساحة العراقية. ويهدف نفي التورط في تهريب النفط الايراني إلى تجنب إثارة غضب واشنطن، التي قد تفرض عقوبات على العراق نفسه في حال ثبوت التهم. وفي الوقت نفسه، يحرص على عدم المساس بعلاقته مع إيران، شريكه التجاري والجغرافي.

وقد يكون النفي أيضا محاولة من الحكومة العراقية لامتصاص التوترات الداخلية الناتجة عن تلك الاتهامات، فالمشهد السياسي في العراق معقد، وهناك قوى سياسية مختلفة لها مواقف متباينة تجاه كل من واشنطن وطهران. لذا، فإن النفي قد يمثل محاولة للحفاظ على وحدة الموقف الداخلي وتجنب الانقسامات.

وفرضت واشنطن مطلع يوليو/تموز عقوبات على ستة كيانات و”أربع سفن” بسبب “مشاركتها عن علم” في “اقتناء أو بيع أو نقل أو تسويق” النفط من إيران.

ووفقا لبيان أميركي، شاركت “شبكات التهريب” هذه في “نقل وشراء” كميات من النفط الإيراني تقدّر قيمتها بمليارات الدولارات، مشيرا إلى أن “شبكة من الشركات” يقودها رجل أعمال عراقي “استفادت من تهريب النفط الإيراني” عبر تقديمه على أنه نفط عراقي أو ممزوج بنفط عراقي. ونفى مدير شركة تسويق النفط العراقية (سومو) علي نزار أي تورط في ذلك.

وقال لوكالة الأنباء العراقية “لا توجد أي عمليات خلط أو تهريب داخل الموانئ العراقية أو المياه الإقليمية”، مؤكدا أن “الحديث عن وجود أماكن تسمح بتهريب النفط العراقي وخلطها بنفط دول مجاورة، عار عن الصحة”، مضيفا “لا يوجد أي دليل لدى أي جهة من الجهات الدولية العالمية، يجزم بوجود هذا النوع من الخلط أو التهريب”.

ورافق صحفيون الثلاثاء بدعوة من الشركة العامة لموانئ العراق وقيادة القوة البحرية، دورية أمنية في قناة خور عبدالله والمياه الاقليمية العراقية في جنوب البلاد، لملاحقة مهربي المشتقات النفطية وضمان سلامة الملاحة البحرية. وتربط العراق وإيران علاقات وثيقة في إطار علاقات سياسية واقتصادية متينة.

وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية في أواخر يوليو عن فرض عقوبات على أكثر من 115 فرداً وشركة وسفينة متهمة بتسهيل بيع النفط الإيراني. وطالت العقوبات أسطولًا يُسيطر عليه، وفقا لوزارة الخزانة الأمريكية، محمد حسين شمخاني، نجل علي شمخاني، أحد أبرز مستشاري المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي.

ورأت وزارة الخارجية الإيرانية أن هذه العقوبات “عمل خبيث يهدف إلى تقويض النمو الاقتصادي ورفاه الإيرانيين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى