قامت الشرطة التركية باللجوء إلى استخدام القوة الشديدة وذلك لمنع سيدات من تنظيم مسيرة بمدينة إزمير(غربا)؛ يعبرون من خلالها عن استنكارهن لتلميح نظام الرئيس رجب طيب أردوغان بالخروج من اتفاقية إسطنبول والتي تتعلق بمنع ومكافحة العنف ضد المرأة.
ووفق صحيفة تي 24، فقد تجمعت مجموعات من النساء بأزمير؛ من أجل تنظيم مسيرة رافضين بذلك الخروج من الاتفاقية، غير أنها قوبلت بعنف من طرف الشرطة التي قامت باعتقال 10 سيدات.
وقامت المشاركات في المسيرة خلال احتجاجهن بالمطالبة بتطبيق اتفاقية اسطنبول في تركيا حتى لا تقع حوادث عنف أو قتل ضد النساء، حيث ارتفعت وتيرة ذلك بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية.
وقام طونتش سوير، رئيس بلدية إزمير، المنتمي لحزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، بإصدار توجيه للسلطات التركية بشأن ضرورة إطلاق سراح النسوة اللاتي تم اعتقالهن، حيث قال في تغريدة له: تلك النسوة لم يرتكبن ذنبًا، هن طالبن بتطبيق اتفاقية من شأنها وقف جرائم العنف والقتل التي ترتكب بحقهن؛ لذلك أطالب بإطلاق سراحهن.
انسحاب من الاتفاقية
في حين ذكر مسؤولون في حزب العدالة والتنمية، يوم أمس الأربعاء بأنهم يقومون بدراسة انسحاب تركيا من الاتفاقية الدولية، الأمر الذي أثار قلق الناشطين الذين يعتبرون تلك المعاهدة مثل أداة أساسية لمكافحة العنف المنزلي المتزايد.
كما أوضح المسؤولون بأن الحزب سيقوم باتخاذ قراره بهذا الخصوص بحلول الأسبوع المقبل، وذلك بعد مرور أسابيع فقط من جدل أثارته جريمة قتل امرأة على يد صديقها السابق بخصوص كيفية مكافحة العنف ضد النساء.
وبالرغم من توقيعها على اتفاقية المجلس الأوروبي في 2011 والتي تعهدت بموجبها بمنع العنف المنزلي والتصدي له قضائيا والحد منه وتعزيز المساواة، فإن تركيا قد شهدت مقتل 474 امرأة العام الماضي، وهو ضعف العدد في 2011، وفق جماعة تراقب جرائم قتل النساء.
بينما يقول عدة محافظين في تركيا بأن الاتفاقية، والتي تمت صياغتها في اسطنبول، تشجع بالأساس على العنف من خلال تقويض الهيكل الأسري، فيما يجادل معارضوهم بأن الاتفاقية والتشريع الذي جاء بعدها في حاجة إلى تطبيق أكثر صرامة، كل هذه التحركات التي يقوم بها الحزب الحاكم أثارت الخوف والهلع عند السيدات التركيات؛ على حياتهن خاصة في ظل الخطر الذي يهدد الأطفال.
هذا وقد أفادت العديد من وسائل الإعلام التركية، في بداية يناير المنصرم، أنباء عن استعدادات يجريها النظام الحاكم لعرض مشروع قانون الزواج من المغتصب المثير للجدل ثانية على البرلمان، فيما قوبل ذلك برفض شديد خاصة من طرف المنصات والمنظمات الحقوقية المعنية بحقوق النساء والأطفال.
إن مشروع القانون المذكور للرجال المتهمين باغتصاب فتيات تحت سن 18 عامًا يسمح بتجنب العقوبة في حال تزوجوا من ضحاياهم، كما أنه أثار الكثير من الجدل والغضب في صفوف الجمعيات الحقوقية ومنظمات المرأة، والتي تقول بأنه يشرع للاغتصاب، بينما تصر الحكومة على أنه يهدف إلى معالجة ظاهرة زواج الأطفال التي تنتشر على نطاق واسع، وفي الوقت الذي يبلغ سن الزواج القانوني 18 عامًا في تركيا، فإن تقرير حكومي أوضح بأن نحو نصف مليون فتاة قاصر قد تم تزويجهن في العقد المنصرم.
تزايد العنف ضد المرأة
إلى ذلك، فقد حملت قيادية كردية معارضة في تركيا في أبريل الماضي، نظام أردوغان، المسؤولية بخصوص تزايد وتيرة العنف ضد المرأة في البلاد، وعدم تفعيل آليات مواجهتها بزعم مواجهة انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19).
كما أكدت الرئيسة المشاركة لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي المعارض، برفين بولدان، بأن معدل العنف ضد المرأة قد تزايد في ظل انتشار كورونا بنسبة 27.8%، وأشارت إلى أن 29 سيدة، قتلن في مارس الماضي، كن ضحية للعنف.
وأضافت: دعوات البقاء بالمنزل كانت سببًا في زيادة معدلات العنف ضد النساء، والنظام الحاكم الذي لم يخلق أجواءً آمنة لهن، هو المسؤول الأول عن تلك المجازر التي ترتكب بحقهن.
وفي نفس السياق، قالت بولدان بأن: النظام التمييزي والاستبدادي لحزب العدالة والتنمية (الحاكم) الذي لا يهتم إلا بنفسه وأنصاره يهدد الحياة الاجتماعية شأنه في ذلك شان الوباء تمامًا.
وشددت أيضا على أن الوجه الحقيقي لحزب العدالة والتنمية صار الجميع يراه بوضوح خلال أزمة الوباء من خلال قمع مطالب الدولة الاجتماعية بعقلية الدولة الاستبدادية وتحويل الأزمة إلى فرصة اقتصادية وسياسية.
15 ألف قتيلة بعهد أردوغان
وكشف تقرير للمعارضة التركية، في مارس المنصرم بأن 15 ألفا و557 سيدة قتلن خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية التي امتدت لـ18 عامًا من 2002 وحتى العام 2020، وجاء ذلك وفق تقرير قام كل من سزغين طانري قولو، النائب البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري، بإعداده بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يوافق 8 مارس كل عام.
وحذّر المجلس الأوروبي السلطات التركية، في نوفمبر الماضي، من ارتفاع معدلات العنف ضد المرأة، وطالب باتخاذ المزيد من التدابير والإجراءات الأكثر فاعلية، بغرض مكافحة الظاهرة.
الجدير بالإشارة إلى أن مسألة حقوق الإنسان في تركيا تعرف تدهورا ملحوظا منذ محاولة الانقلاب الفاشل في يوليوز 2016، مما أدى إلى اعتقال الآلاف والفصل التعسفي وفرض حالة الطوارئ وأعمال عنف من طرف النظام التركي، بذريعة الموالاة للداعية فتح الله غولن، وكان الطلاب والصحفيين وأساتذة الجامعات والسياسيون والحركات النسوية من بين ضحايا النظام التي تنادي بحقوق المرأة وحمايتها من القمع.