سياسة

خبير يكشف الخلافات داخل جماعة الإخوان بسبب الانتخابات الرئاسية في مصر


تُعَدّ حالة الحراك المكثف داخل جماعة الإخوان من جانب جبهة لندن، أنّها مدروسة ومخطط لها منذ فترة طويلة، وتستهدف بالأساس توظيف الأحداث الجارية في المشهد السياسي داخل مصر لحسم الصراع الداخلي الممتد في الجماعة منذ أعوام. 

وعملت جماعة الإخوان على استثمار أجواء انتخابات الرئاسة المصرية لتأكيد حضور الجماعة في الواقع المصري والذي يعتبر هذا هو العنوان العريض الذي انتهت إليه مداولات دارت في الأطر التنظيمية الإخوانية خلال شهر (أغسطس) الماضي

ويقول الكاتب والباحث  عبد الجليل الشرنوبي  القيادي الإخواني المنشق والمتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، تسابقت جميع الجبهات الإخوانية لمحاولة بلورة موقف واضح ومعلن يدعم تصدّر الجبهة المُعلِنة لقيادة الجماعة. وأنه بعد اجتماعات توزعت بين عدة عواصم ومدن عالمية. كان أهمها أنقرة وإسطنبول في تركيا، والعاصمة الإنجليزية لندن. وكانت أنشط الجبهات في إعلان الموقف جبهة لندن التي يقودها صلاح عبد الحق. والتي سارعت بتكليف المكتب السياسي الذي يتولى مسؤوليته حلمي الجزار لتقديم تصور تنفيذي لإعلان موقف الإخوان من انتخابات الرئاسة المصرية التي باتت على الأبواب. 

وأضاف في دراسة حديثة أنه تم الاتفاق على أن يتم ذلك وَفْق محددات أساسية؛ هي: التأكيد على أنّ الخلافات التنظيمية مُجرد خلافات إدارية في طريقها للحل. وإعادة طرح التعهد بعدم سعي الجماعة للمنافسة على السُلطة دون تخلّيها عن العمل السياسي. والدعوة إلى مصالحة عامة تنطلق من الحاجة الوطنية للتوحد دون تحميل الإخوان وحدهم خطايا المرحلة. والإشارة إلى حضور الإخوان الحالي في المجتمع المصري وعدم توقف نشاطهم داخله. وتنقية الأجواء في العلاقات الإخوانية السعودية. والمطالبة بخروج السجناء والمُعتقلين.

ويذكر الشرنوبي أنّ مداولات المكتب السياسي للتنظيم انتهت إلى حتمية أن يكون إعلان الموقف الإخواني عبر مسؤوله حلمي الجزار. بحيث تُحقق إطلالته هدف تقديمه للرأي العام العالمي والمحلي باعتباره نموذجاً لقيادات المرحلة الجديدة التي تتسم بالانفتاح والهدوء. ولا تفتقر إلى الرسمية التنظيمية بحكم الموقع. 

ويوضح الشرنوبي أنّه كان من المقرر أن تكون إطلالة الجزار عبر فضائية (مكملين) التي تتبع التنظيم مباشرة. إلّا أنّ توافقاً تم على العدول عن هذا الخيار. على أن تكون النافذة هي فضائية (الشرق) التي يملكها السياسي أيمن نور ويمولها علناً. ويدعمها الإخوان سرّاً. 

وجاء هذا الاختيار، وفق الباحث. اعتماداً على تصنيف القناة باعتبارها ليبرالية. وهو ما يمنح إطلالة الجزار مصداقية نسبية تدعم صورته الانفتاحية. وتجاوزاً للمخاوف من خروج سياق اللقاء التلفزيوني عن الأهداف المرجوة منه تم تكليف الصحفي أحمد عطوان بترتيب إجراءات الحوار بالتوافق مع أيمن نور. على أن يكون حوار الجزار مع عطوان مُنفرِداً دون أيّ من شركائه في تقديم البرنامج (الشارع المصري). باعتبار المذيع عضو التنظيم المُكَلَّف بإجراء الحوار بعد تلقينه الأسئلة التي اعتمدها المكتب السياسي للحوار.

ورغم محاولات الاحتفاء بالإطلالة الأولى لمسؤول الجناح السياسي للإخوان. إلّا أنّ موجات من الغضب تتابعت من داخل التنظيم وخارجه مُعتبرة أنّ إطلالة الجزار حملت تفريطاً منه، فيما تعتبره قواعد التنظيم حقوقاً أساسية يجب عدم التنازل عنها مُمثلة في الموقف من النظام. وهو ما استثمره الجناح التنظيمي المناوئ، الذي يقوده أمين عام التنظيم المعزول محمود حسين، وفق الدراسة. 

كذلك تم توجيه الإعلاميين التنظيميين العاملين في قناة (وطن) بنقد الحوار وتفنيده. وتصدّر لتنفيذ ذلك المذيع الإخواني محمد جمال هلال. الذي نزع المشروعية الإدارية عن الجزار وفريقه. مُعتبراً أنّهم يعبّرون عن فرقة من فرق الخارج التي لا تمثل إلّا 3% من جموع الإخوان الذين توجد كتلتهم الكبرى في مصر. وهي موزعة بين السجون والكمون. وكلاهما موقفه مخالف لما أعلنه الجزار. 

وبحسب ما أعلنه هلال، فإنّه يملك أدلة تحمل رفض المرشد وقيادات مكتب الإرشاد المسجونين لكل ما أعلنه الجزار، فضلاً عن اعتبار خطابه مسايراً للخطاب الرسمي المصري تجاه الغرب.

ولفت أنه تتابعت التفاعلات القاعدية الرافضة لما صرّح به الجزار. ودارت في مجملها في إطار تعليقات من عينة “حوار جانبه الصواب. وكلّ أو جلّ ما قاله ليس سوى تصوّر شخصي له. وظهور غير موفق في توقيت حرج جداً”.

وبحسب الدراسة، فإنّ رسائل المكتب تعبير جمعي لفرق التنظيم، ويُشير إلى أنّ قدرة التنظيم على التقاطع مع الانتخابات الرئاسية القادمة أقلّ بكثير من حالة التهويل التي ترجمت به بعض الأوعية الإعلامية ما حواه الحوار من رسائل. لأنّ واقع التنظيم يشير إلى جُزر قيادة خارجية منعزلة عن واقع القواعد. سواء في الداخل أو في الخارج. وما أعلنه الجزار بصفته الرسمية هو خطاب تقديم سياسي لا خطاب مطالب سياسية حقيقية. وهو ما يعني أنّ الهدف منه إعادة تقديم التنظيم إلى المجتمع الدولي والمحلي. أملاً في اعتماد الفريق الذي يمثله الجزار باعتباره المُفاوِض الرسمي المُفوّض بالحديث باسم التنظيم. وحال حدوث ذلك. يخرج الجزار وفريقه على الرأي العام الإخواني. ليؤكدوا أنّهم قد حسموا معركة التمكين من إدارة التنظيم. وهو أكبر المكاسب المأمولة من استثمار التنظيم جناح لندن للانتخابات الرئاسية القادمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى