الشرق الأوسط

خشية تحولهم لحركة مسلحة.. حملة أمنية ضد “القربانيون” جنوب العراق


أطلقت القوات الأمنية العراقية عملية واسعة لملاحقة أنصار جماعة القربان جنوبي مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار (جنوب) وفق وسائل إعلام محلية نقلا مصادر أمنية، وذلك للحيلولة دون تحولها لجماعات مسلحة تضر بالاستقرار الأمني في البلاد.

وتأتي العملية الأمنية الواسعة وسط تخوف أمني وقلق مجتمعي يسود البلاد بعد انتشار، جماعة تطلق على نفسها اسم “القربان” أو “العلاهية” في محافظات الوسط والجنوب في الآونة الاخيرة، وتطرح أفكارا وطقوسا غريبة منها الانتحار أو “التضحية بالنفس”، بهدف التقرب من الإمام علي.

ونقل موقع “شفق نيوز” عن مصدر أمني قوله الجمعة إن “القوات الأمنية شنت ليلة الخميس والجمعة حملة أمنية كبيرة ضد أنصار جماعة القربان (العلاهية) في مناطق جنوبي ذي قار وتحديدا في قضاء سوق الشيوخ”، لافتا إلى أن “القوات الأمنية اعتقلت لغاية الآن 10 أشخاص بينهم 5 من أصحاب المواكب الحسينية”.

وبين المصدر أن “أوامر اعتقال هؤلاء جاءت نتيجة اعترافات أدلى بها رئيس الجماعة، والذي اعتقل بمحافظة الديوانية قبل أكثر من أسبوعين”. 

وتابع المصدر أن “المعتقلين يخضعون حاليا لتحقيق مشدد في أحد المراكز الامنية المختصة”، موضحا أن “أوامر الاعتقال قد تطال أشخاص آخرين خلال الأيام المقبلة”.

وفي 17 يونيو الماضي، أعلنت مديرية الاستخبارات في محافظة الديوانية في بيان أن “مفارز مديرية الاستخبارات ألقت القبض على مسؤول حركة العلاهية في محافظة ذي قار لحظة وجوده في قضاء الحمزة الشرقي متوجها إلى محافظة كربلاء”.

وأوضحت أنه “بعد التحقيق معه، اعترف المتهم صراحة قيامه بقتل شخصين حسب اعتقاده المنحرف قربانا لله تعالى ينتميان للحركة نفسها، حيث صدرت بحقه أحكام قضائية وبعد القبض عليه اعترف صراحة بهذه الأعمال المنحرفة”.

وسبق ذلك اعتقال شرطة محافظة ذي قار، في مايو الماضي، 6 من أعضاء الجماعة بتهمة إقناع 3 من رفاقهم بالانتحار، ما أثار مخاوف في المجتمع المحلي، ولا سيما أن الانتحار يحصل من دون تردد، وأن التحقيقات أثبتت أن بعض المنتحرين يدمنون المخدرات وتورطوا بقضايا جنائية.

وخلال الأشهر الماضية، سجلت مدن جنوب العراق نحو 12 حالة انتحار من أعضاء هذه الجماعة، وترك أغلبهم رسائل مكتوبة تحدثت عن كونهم “قرابين للإمام علي”، في حين أظهرت منشورات لهم على تطبيق “تيك توك” بعض قادتهم بأسماء وألقاب غريبة، مثل “خادم علي” و”قربان ابن الحسن” و”أبوليو” و”أبوقمبر”.

ويخشى مراقبون تمدد هذه الجماعة، خصوصاً أنها تستغل مراهقين. وفي منتصف الشهر الماضي، انتحر مراهق في الـ 15 من العمر شنقاً بواسطة سلك كهربائي داخل منزله بقضاء الرفاعي شماليّ محافظة ذي قار.

ويبدو أن هذه الجماعة تملك تنظيماً واضحا وقنوات وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، ويحظى بعض رموزها وقادتها باهتمام كبير.

وأظهرت لقطات المدعو “أبوليو” الذي اعتُقل منذ أسبوعين، خلال تجوله في محافظات عراقية، وسفره إلى إيران التي لم تُعرف أهداف زيارته لها للسياحة أو لتنفيذ مهمات تخصّ جماعته.

ونقل موقع “بغداد اليوم” عن الخبير في الشؤون الأمنية أحمد بريسم قوله إن “أي فكرة منحرفة مهما كان تأثيرها محدود يجب أن يتعامل معها بأنها خطر على المجتمع”، لافتا إلى أن “ترك تلك الأفكار تقود إلى متاهات ولا نستبعد أن تكون أجندة اخرى لدوائر مخابراتية للأضرار بالأمن خاصة في مدن الجنوب والوسط”.

وأوضح أن “الحركات المشبوهة التي تدعي الإسلام موجودة في كل المذاهب وخطرها يبدو في بداية الأمر محدودا لكنها سرعان ما تتحول إلى التطرف المسلح وهناك تكمن الكارثة”، مبينا أن “تكرار بروز تلك الحركات يثير الكثير من علامات الاستفهام والتي من أبرزها من يمولها وماهي الخارطة السرية لقياداتها ومن يوفر التغذية الفكرية لكسب الدماء الجديدة التي تنتهي بالانتحار كما يحدث في جماعة القربان”.

وجماعة القربان أو العلاهية جماعة دينية غامضة تثير الجدل بالعراق ظهرت في محافظة ذي قار جنوب العراق، وتطرح أفكارا وطقوسا غريبة منها الانتحار أو “التضحية بالنفس” كما يسمونه في المناسبات الدينية.

وتعتبر هذه الجماعة محظورة في الدستور والقوانين العراقية، حيث يعتقد أتباعها بألوهية الإمام علي بن أبي طالب ابن عم النبي محمد ورابع الخلفاء الراشدين.

ويجرّم الدستور العراقي ظهور مثل تلك الحركات، وتصل عقوبة تأسيسها أو الانتماء لها إلى المؤبد أو الإعدام وفقا لأحكام المادة رقم 372 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل.

وتنص المادة السابعة من الدستور على حظر كل كيان أو نهج يتبنى “العنصرية” أو “الإرهاب” أو “التكفير” أو “التطهير الطائفي” أو يحرّض أو يمهّد أو يمجد أو يروج أو يبرر له.

وأثار ظهور هذه الجماعة في محافظة ذي قار قلق الأهالي، لا سيما أن فكرها يقوم على أساس القربان (التضحية بالنفس) في المناسبات الدينية، وبموجب ذلك تجري قرعة لاختيار الشخص المنتحر، أو الذي سيضحي بنفسه.

وخلال الأيام الماضية، تم تداول أخبار تفيد بانتحار أشخاص ينتمون لـ”جماعة القربان” في محافظة ذي قار، الأمر الذي أثار الرأي العام المحلي والعربي، وجرى تداوله دون أي تفاصيل بشأن هذه الجماعة.

ودائما ما تلاحق الأجهزة الأمنية والقضائية، أعضاء هذه الحركات وتنفذ حملات اعتقالات واسعة بحقهم، بناء على أوامر قضائية، وهو ما جرى مع “أصحاب القضية” ومؤخرا مع “جماعة القربان”، وقبلهم مع “جند السماء” وغيرهم.

وبين فترة وأخرى، تظهر جماعة دينية متشددة في العراق، يقودها شخص يدعي أنه رجل دين، وتهدف إلى زعزعة الأمن وهدم المقدسات في البلد، التي يقصدها ملايين المواطنين سنويا، وذلك في ظل ارتفاع نسب البطالة والفقر لمستويات كبيرة، فضلا عن التظاهرات التي تطالب بالتعيين وتوفير فرص عمل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى