رسائل غير معلنة في زيارة الخريجي.. تقارب سعودي مع العسكر أم محاولة لإنقاذ التسوية؟

في مشهد سياسي مضطرب، تكشفت معلومات حصرية عن زيارة سرية قام بها نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي إلى مدينة بورتسودان السودانية في 12 يوليو 2025. ورغم التكتم الشديد على تفاصيل الزيارة. إلا أن مصادر موثوقة أكدت أن الزيارة جاءت بهدف احتواء أزمة صامتة بين رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس والقيادة العسكرية، إلى جانب تنسيق المواقف بين الرياض والخرطوم في لحظة سياسية مفصلية.
-
ما وراء الحملة الإعلامية للنشطاء السودان ضد بالسعودية؟
-
السعودية: حريصون على استئناف المفاوضات الخاصة بالسودان
احتواء تمرد مدني صامت
جاءت زيارة الخريجي في وقت تصاعدت فيه تحفظات رئيس الوزراء كامل إدريس بشأن التدخل المستمر للقيادة العسكرية، وعلى رأسها الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في صلاحياته التنفيذية. خصوصاً ما يتعلق بتشكيل الحكومة المرتقبة. إدريس، الذي تم تعيينه بتوصية سعودية، بدأ يعبّر في دوائر مغلقة عن استيائه من محاولات الجيش فرض أسماء بعينها داخل الطاقم الحكومي. مما دفع الرياض إلى التدخل السريع خشية انفجار التوترات بين مكونات السلطة الانتقالية.
لقاء مع صانع القرار في الظل
اللافت في الزيارة أن الخريجي لم يقتصر على لقاء رموز المؤسسة العسكرية من أمثال البرهان وياسر العطا، بل التقى أيضاً الأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي، في إشارة واضحة إلى محاولة جمع كل خيوط النفوذ في يد الرياض. ووفقًا لمصادر مطلعة، طلب الخريجي من كرتي تقديم دعم مرحلي لحكومة كامل إدريس، بغرض تمرير الفترة الحالية بأقل قدر من الصدامات. وذلك في مقابل وعود غير معلنة تتعلق بترتيبات لاحقة في المشهد السياسي.
-
وزارة الخارجية السودانية ترفض حملة إساءات ضد السعودية
-
السودان.. الخارجية ترفض حملة إساءات ضد السعودية
رسائل متبادلة ومطالب عسكرية
وبحسب التسريبات، فإن البرهان استغل اللقاء مع المسؤول السعودي لنقل رسالة مباشرة إلى القيادة في الرياض، يحثّ فيها على الإسراع في إرسال الإمدادات العسكرية المطلوبة، في ظل الضغوط الميدانية المتزايدة التي تواجه الجيش. ورغم أن الرد السعودي لم يُعلن، فإن مجمل التحركات السعودية تؤكد أن الرياض لا تزال ترى في الجيش السوداني الضامن الرئيسي لأي استقرار محتمل في السودان. حتى ولو على حساب المسار المدني.
إدريس.. مشروع سعودي بامتياز
من المهم التذكير بأن كامل إدريس لم يهبط على المشهد السياسي السوداني فجأة. بل جاء بعد ترتيبات دقيقة جرت في الرياض. فقد وصل إلى بورتسودان يوم 29 مايو 2025 على متن طائرة “بدر” قادمًا من السعودية، بعد لقاءات مغلقة مع مسؤولين سعوديين حصل خلالها على التعليمات والتعهدات التي شكلت أساس تكليفه بقيادة الحكومة السودانية. هذا التفصيل يؤكد أن الرجل ليس مستقلاً كما يُروّج. بل يمثل مشروعًا سعوديًا خالصًا، يهدف إلى تثبيت أجندة إقليمية محددة في الخرطوم.
-
واشنطن والسعودية تدعوان لتمديد وقف إطلاق النار في السودان
-
هل تنجح الجهود السعودية الأميركية في وقف إطلاق النار بالسودان؟
المخرجات المرتقبة.. من المستفيد؟
إذا كانت زيارة الخريجي تهدف فعلاً إلى احتواء خلاف سياسي وتنسيق الدعم. فإن السؤال المركزي يبقى: من هو المستفيد الحقيقي؟
هل هو كامل إدريس، الذي وجد نفسه محاصراً بين ضغوط الداخل وتوجيهات الخارج؟
أم هو الجيش السوداني، الذي يحاول توظيف الشرعية المدنية كغطاء لتحركاته؟
أم أن السعودية تسعى لتمديد نفوذها على السلطة السودانية عبر ترتيبات تبدأ بالاقتصاد والدبلوماسية وتنتهي بالتحكم في القرار السيادي؟
رقعة الشطرنج تتسع.. والسعودية تُحرك القطع
ما جرى في بورتسودان يوم 12 يوليو لم يكن مجرد زيارة دبلوماسية عابرة. بل كان تدخلًا سياسيًا مكشوفًا في عمق تركيبة السلطة السودانية. زيارة الخريجي جاءت لضبط إيقاع الصراع بين المدنيين والعسكر، ولكنها في جوهرها تعكس رغبة سعودية في تشكيل المشهد السوداني من جديد. وفق معادلات تخدم أمنها القومي ومصالحها في البحر الأحمر والقرن الإفريقي.
-
الولايات المتحدة والسعودية تقران بتحسن في احترام الهدنة في السودان
-
السعودية دور محوري وازن أزمة السودان
لكن اللعبة لم تنتهِ بعد، فالسودان ليس رقعة شطرنج يمكن التحكم بها من الخارج بسهولة. الداخل يغلي، والتحالفات تتبدل، والثقة تتآكل. وفي ظل هذا المشهد، تبقى زيارة الخريجي محطة فارقة في سجل التدخلات الخارجية التي تُرسم على صفيح سوداني ساخن.
-
السعودية.. دور محوري مهم في إجلاء الرعايا من السودان
-
السعودية والسودان تتوافقان على التعاون في أمن البحر الأحمر
-
بورتسودان على إيقاع الوساطات: الخريجي في مهمة حساسة بين الجيش والمدنيين وتيار الإسلام السياسي
-
المجلس الانتقالي يثمن دعم السعودية والإمارات لاقتصاد السودان
-
السعودية والإمارات تعلنان دعمهما إجراءات المجلس الانتقالي في السودان